الناس تموت بالصدفة لكن الشيخ خضر عدنان كان يموت بالوعي
02 مايو, 2023 07:58 صباحاًعدوان نمر عدوان
الناس تموت بالصدفة لكن الشيخ خضر عدنان كان يموت بالوعي.
فلسطين لم تفهم الشيخ خضر عدنان.
فلسطين خذلته، لكنه لم يخذل نفسه ولم يخذل أحدا.
تريد إسرائيل أن توصل لنا رسالة بأن من يتمسك بجمر الحرية مصيره الموت، وأراد الشيخ الجليل أن يوصل رسالة بأن الحرية أعظم ما في الحياة وما بعدها، الحرية هي جوهر الحياة كما قال هيجل.
والله إن الأبطال لم يفعلوها فحتى عنترة كان يبيت على الطوى حتى ينال كريم المأكل، لكن الشيخ بات على الطوى، وأضرب عن الطعام لأسابيع لا لينال كريم الأكل والطعام أو المنصب إنما ليكسر المحتل كما كسره أول مرة وثانيها وثالثها، واليوم كسر المحتل عندما استشهد رافضا الأكل الذي عرضوه عليه، كانوا يريدون كسر همته، ولم يستطيعوا.
الغرائز تتفوق على العقل هذا ما قاله فلاسفة الغرب، لكن خضر عدنان بفلسفته المشرقية غلب الوعي على الغريزة، وغلب الشكيمة على العبودية وغلب الروح على الجسد، فقلب معادلة المادة ظهرا على قلب.
الشيخ خضر من النسور التي تفضل الموت على أن توضع في قفص.
لقد خسرنا بموته الكثير خسرنا رجلا بهمة ألف رجل.
الشيخ عدنان خسَّرنا أنفسنا كذلك، فقد بقينا ننتظر موته دون أن نفعل له شيئا، فمجرد تضامن معه لم نتضامن؛ لذا سنقول إننا لم نؤمن بانفسنا جيدا بعد هذه الخسارة كما هي عادة من يخسر المعارك.
خضر عدنان كان رجلا مكتمل الإيمان بوطنه ودينه، لكن الإيمان لا يكتمل وحده، وحتى يصبح فضيلة كاملة فإنه يحتاج إلى تضافر الجميع، وإلى تقنيات المقاومة حتى نستطيع تحريك الجبل، الإيمان يقود إلى النصر إذا عمد بعمل الشعب وبآليات النضال.
الشيخ عدنان كان كل شيء إلا أن يصاب بالشيخوخة الوطنية، فلم يكن يتوق إلى إشباع كرامته بقدر ما كان يتوق إلى كسر المحتل المختل في خلقه، كان الشيخ شابا واعيا، واكب وعيه أخلاق جاءته من الفرسان والنبلاء الذين يموتون على ظهر خيولهم.
أيها الشيخ عشت عظيما، ومت عظيما، ونحن أقل منك بكثير، أقل همة وأقل وطنية وأقل وأقل وأقل ويمكننا أن نرصف (أقل) لتغطي الطريق المعبدة بالحرية من نابلس لجنين.