مفاوضات بدون نتائج... غزة واسرائيل في انتظار وصول ترامب

27 ديسمبر, 2024 11:46 مساءً

فتح ميديا- وكالات:

تتنوّع العوامل الضاغطة على إسرائيل للتوجّه الى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، وتختلف باختلاف المراحل، على امتداد الحرب المستمرة منذ 14 شهراً. ومن بين هذه العوامل ما هو ثابت، من مثل مطالبة عائلات الأسرى الإسرائيليين والمتضامنين معها بالمضي في الصفقة؛ ومنها ما هو متغيّر بحسب الظروف السياسية والميدانية، كالضغوط الأميركية، وارتفاع الخسائر في صفوف جنود الاحتلال، والفشل في تحقيق إنجازات ميدانية إضافية في قطاع غزة، وخصوصاً لناحية تحرير الأسرى. واليوم، تستمرّ عائلات الأسرى في حراكها، لكنها لا تشكّل عامل ضغط حقيقياً وحاسماً على القيادة الإسرائيلية، لدفعها إلى القبول بدفع ثمن الصفقة سياسياً. وفي الميدان، وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح عبر العمليات العسكرية في تحرير أعداد يُعتدّ بها من الأسرى، ولكنّ المسؤولين الإسرائيليين يروّجون لمقولة أن «الضغط العسكري» يدفع حركة «حماس» إلى تليين مواقفها التفاوضية، ما قد يساهم بالتالي في الوصول إلى اتفاق.
أما العامل الأساسي، والمؤثّر الحقيقي، فهو موقف الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تنجح في دفع الأطراف إلى إبرام صفقة، على مدار عام كامل، حيث واجه الجانب الإسرائيلي المطالب الأميركية - والتي لم ترتقِ إلى أن تصبح ضغوطاً جدّية - بعناد وتمسّك بالشروط ومراوغة شديدة، إلا أن الأمر يبدو مختلفاً مع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الذي سيكون في «البيت الأبيض» خلال أقل من شهر واحد. وصار معلوماً أن فريق ترامب بدأ التدخّل والتأثير بقوة في ملفات الإدارة الأميركية كافة، منذ الأيام الأولى لفوزه بالانتخابات، في ما وصفه مراقبون بأنه «غير مسبوق». وظهر ذلك واضحاً في ملفات مختلفة، لعلّ أبرزها وأقربها، الحرب الإسرائيلية على لبنان، حيث زار مبعوث بايدن، عاموس هوكشتين، ترامب في منتجعه، بعد انتخاب الأخير بأيام قليلة، وطلب دعمه في متابعة مفاوضات وقف الحرب، وهو ما حصل عليه بالفعل، وساهم في إنجاح مهمته خلال وقت قصير. واليوم، في ما يتعلّق بالحرب الإسرائيلية على غزة، يسود شعور مبنيّ على معلومات واتصالات، شارك فيها ترامب شخصياً، ومسؤولون آخرون حصلوا على دعمه، بأن الرئيس الجديد يريد انتهاء الحرب قبل وصوله إلى «البيت الأبيض»، كما يريد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وخصوصاً أولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية. حتى إن بعض المراقبين والمحلّلين في الكيان، فسّروا حديثه عن «جحيم إن لم يُطلق سراح الأسرى»، قبل موعد تنصيبه، بأنه تهديد لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كما هو لحركة «حماس» وفصائل المقاومة.

أظهرت وقائع أيام التفاوض الأخيرة في الدوحة، أن تل أبيب ليست مستعدّة بعد لدفع الأثمان المطلوبة



لكنّ وقائع أيام التفاوض الأخيرة في الدوحة، أظهرت أن تل أبيب ليست مستعدّة بعد لدفع الأثمان المطلوبة، وخصوصاً لناحيتي إنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة، وإطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية. ويعود ذلك ربّما الى عدم شعور نتنياهو وحكومته بأن ترامب حدّد موعداً نهائياً للتوصل إلى صفقة، وأن الإدارة الحالية ليس لديها ما تضغط به على إسرائيل جدياً، ما يمنح الأخيرة هامشاً للمراوغة، مع الحفاظ على المفاوضات ومنع انهيارها حتى وصول ترامب إلى «البيت الأبيض». وهذا ما ظهر في الواقع في قول مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، قبل يومين، إن «الاتفاق قد يتأخر إلى ما بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، بعدما كان التوجّه أن يتمّ قبل ذلك»، وما قاله نتنياهو أيضاً في «الكنيست»، حيث تحدّث عن إحراز «بعض التقدم» في المفاوضات، لكنه «لا يعرف متى ستظهر نتائج ذلك». وعلى المنوال نفسه، تبعه وزير الأمن، يسرائيل كاتس، خلال زيارة إلى محور فيلادلفيا في قطاع غزة، قال فيها إن «السيطرة الأمنية على غزة ستبقى في أيدي إسرائيل، وستكون هناك مساحات أمنية ومناطق عازلة ومواقع سيطرة في القطاع»، في ما رأى فيه المراقبون والمحلّلون ومعارضو نتنياهو وحكومته، وفريق التفاوض الإسرائيلي أيضاً، محاولة جديدة - ولكن معتادة - للتشويش على المفاوضات وعرقلتها.
وخلال مفاوضات الدوحة، تمّ بحث مسألتين أساسيتين، تتعلّقان بالمرحلة الأولى من صفقة التبادل المفترضة، وهما: أولاً، مطالبة إسرائيل بلائحة بأسماء جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء؛ وثانياً، مطالبتها باعتبار بعض الجنود الأسرى الذين كانوا أُصيبوا في السابع من أكتوبر، ضمن الفئة الإنسانية التي ستشملها المرحلة الأولى. وفي المقابل، رفضت «حماس» تقديم اللائحة المشار إليها، وتعلّلت بأن ذلك غير ممكن بسبب صعوبة الوصول والتواصل مع بعض المجموعات المكلّفة بحراسة الأسرى خلال القتال، وتعهّدت بأنها ستقدّم هذه اللائحة خلال الأسبوع الأول من بدء وقف إطلاق النار. كما رفض الجانب الفلسطيني «التلاعب» بفئات الأسرى، عبر ضمّ جنود إلى المرحلة الإنسانية، وأصرّ على تأجيل إطلاق سراح الجنود إلى المرحلة الأخيرة من الصفقة، لضمان تنفيذها كاملاً، مع ما يعنيه هذا من إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وفي المقابل، أصرّ العدو على أن لا يطلق سراح الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكومات العالية، إلا في مقابل الجنود الأسرى، وهو ما يعني أيضاً ترحيلهم إلى المرحلة الأخيرة.
من هنا، فإن ما هو مطروح حالياً هو صفقة جزئية، ليس معلوماً ولا أكيداً أنها ستُستكمل لتصبح صفقة شاملة، الأمر الذي يلاقي اعتراضات من أهالي الأسرى، ومن جهات في المستوييْن السياسي والأمني كذلك.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد