مصر حذّرت من دعوات النزوح إلى سيناء.. لماذا تقصف إسرائيل معبر رفح؟
10 اكتوبر, 2023 06:09 مساءًعلى وقع عملية طوفان الأقصى، التي شنتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وعدد من فصائل المقاومة الفلسطينية، يوم السبت الماضي، والتي استهدفت ضرب العمق الإسرائيلي، وإثر عدوان الاحتلال الذي دمر مناطق سكنية بأكملها في قطاع غزة، وخلف مئات الشهداء والجرحى، دخل التصعيد في غزة مرحلة خطيرة بين الجانبين.
واتسعت رقعة ساحات المواجهة، حتى إن القصف الإسرائيلي طال معبر رفح الحدودي بين الأراضي الفلسطينية والمصرية، والذي اكتنفته علامات استفهام كثيرة خلال الساعات القليلة الماضية، لا سيما في ظل دعوات النزوح التي تدعو لها سلطات الاحتلال.. فماذا يجري بمعبر رفح؟.. ولماذا تقصفه الطائرات الإسرائيلية؟
تحذير مصري بإخلاء المعبر
قال الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إياد البزم، إن إدارة معبر رفح في الجانب المصري أبلغت طواقم المعبر في الجانب الفلسطيني بضرورة إخلائه بشكل فوري لوجود تهديدات بقصف الموقع.
قصف المعبر
وفي صباح اليوم الثلاثاء، وقع ما حذرت منه مصر، إذ قصفت طائرات حربية تابعة لجيش الاحتلال المعبر الواقع جنوبي قطاع غزة.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إن الاحتلال أعاد قصف بوابة معبر رفح الذي يربط بين الجانبين الفلسطيني والمصري بعد إصلاحها أمس الإثنين، وهو ما منع مغادرة ووصول المسافرين.
وقالت الهيئة العامة للمعابر والحدود في غزة إن طائرات العدوان الغاشم قصفت الطريق المؤدي للبوابة المصرية في نفس المكان، مما أدى إلى إصابة موظفين من موظفي المعبر وحدوث حفرة عميقة تعوق مرور المسافرين إلى الجانب المصري.
ماذا يريد الاحتلال؟
تضارب سلطات الاحتلال بشأن معبر رفح بدا واضحا، فتارة يدعو متحدث من الجيش الفلسطينيين إلى النزوح عبر المعبر، وتارة أخرى يعلن الجيش أن المعبر مغلق، وأنه لا مجال لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة من خلاله، ومما زاد من حالة التضارب تلك قيام طيران الاحتلال بقصف المعبر، مما يطرح سؤالا مهما: ماذا يريد الاحتلال في قضية معبر رفح؟
في وقت سابق اليوم الثلاثاء، أعلن متحدث عسكري إسرائيلي، أن الفلسطينيين المتضررين من الضربات الجوية على قطاع غزة يمكنهم التوجه إلى مصر، في دعوة واضحة للنزوح.
وخلال مؤتمر صحفي، قال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، كبير المتحدثين العسكريين، للإعلام الأجنبي: «أعلم أن معبر رفح على الحدود بين غزة ومصر لا يزال مفتوحا.. وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك».
لكن جيش الاحتلال عاد ونفى الأمر برمته، حين أعلن أن المعبر الحدودي بين غزة ومصر لم يعد مفتوحا.
ونفى المتحدث باسم الجيش صدور أية دعوات رسمية إلى الفلسطينيين للنزوح إلى الأراضي المصرية.
وأمام هذا الترويج المقصود لدعوات النزوح، حذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى، من دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية، وتغذية بعض الأطراف لهذه الدعوات.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن المصادر قولها إن القاهرة تكثف اتصالاتها بجميع الأطراف الفاعلة بالمجتمع الدولي، لوقف التصعيد وحقن دماء الشعب الفلسطيني.
وشددت المصادر على خطورة دعوات النزوح، وأنها كفيلة بتفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية ذاتها، فضلا عن كون السيادة المصرية ليست مستباحة.
هل تصل المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح؟
وأمام ما أعلنته مصر، فإن الوضع قد يبدو منتهيا فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين، لكن ماذا عن المساعدات التي عادة ما تصل إلى سكان القطاع عبر المعبر الحدودي؟
بالأمس، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، أنه تم التواصل مع القيادة المصرية للتنسيق بشأن معبر رفح.
وقال اشتية إنه «لكون المعابر مغلقة، فقد جرى التواصل مع سفارتنا في القاهرة، والإخوة القادة في مصر، لإدخال المساعدات من خلال معبر رفح، كما جرى التواصل مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف لإيصال المساعدات الطبية من خلالهم أيضا، وقد تم فتح باب التبرع بالدم، يوم السبت، من خلال مراكز متخصصة في المستشفيات بالضفة الغربية والقدس».
في المقابل لمحت إسرائيل إلى أنها ستقصف شاحنات المساعدات التي تدخل إلى غزة من مصر.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن مصر قدمت طلبات لإدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، لم توافق إسرائيل على أي منها، وأعلنت أنه إذا حاولت الشاحنات العبور فستكون النتائج على هذا النحو، في إشارة إلى قصف الشاحنات.
وردا على السؤال الأهم المتعلق بما يريده الاحتلال وما يخشاه من جهة معبر رفح، أشارت الصحيفة العبرية إلى أنه على ما يبدو أن إسرائيل تخشى هروب قيادات حماس إلى مصر عبر المعبر.
دعاية إسرائيلية مغرضة
مدير الإعلام في المعابر، العميد هشام عدوان، روى شهادته عما حدث في غزة ومعبر رفح.
وقال مدير إعلام المعابر إن «العدوان الإسرائيلي متواصل على قطاع غزة، إذ يستخدم الاحتلال كل وسائل العنف والقتل والدمار لقطاع غزة، وليس أدل على ذلك مما حدث بالأمس واليوم، حين قامت طائرات الاحتلال بقصف الطريق المؤدي إلى البوابة المصرية بالطائرات الحربية ومقاتلات إف 16، مما أحدث حفرة كبيرة واسعة عرقلت سير المسافرين إلى الجانب المصري».
وأضاف: «قمنا بردم هذه الحفرة وتسوية الطريق لإعادة العمل في المعبر بشكل طبيعي، واليوم الثلاثاء، خلال الساعة 12 تقريبا، وفي أثناء العمل على هذا الطريق، قامت طائرات الاحتلال بقصفه مرة أخرى مما أدى إلى إصابة بعض الموظفين في معبر رفح البري، ومن هنا تم إبلاغ الجانب الفلسطيني من الجانب المصري بإخلاء المعبر حفاظا على أرواح المسافرين، وبالفعل تم إخلاء المعبر من المسافرين ومن الموظفين خشية من أن تقوم طائرات الغدر الإسرائيلية بقصف الناس في هذا المعبر».
وأشار إلى أنه في ما يتعلق بالمعابر الأخرى، فإن معبر كرم أبو سالم ومنفذ بيت حانون مغلقان أيضا نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ولدى سؤاله عن فكرة نقل المواطنين الفلسطينيين إلى سيناء، قال: «هناك تخبط إسرائيلي، وهناك تصريحات كانت تقول إن سكان قطاع غزة ينزحون من معبر رفح البري إلى الجانب المصري، وهذه كانت دعاية مغرضة لا أساس لها من الصحة، ثم في ثاني يوم قام بقصف البوابة المصرية بالطائرات».
وتساءل عدوان: «نحن في حيرة من أمرنا، أي الروايتين نصدق؟ إذا كانت هناك رغبة إسرائيلية في تهجير سكان قطاع غزة من خلال بوابة معبر رفح فلماذا يقصف هذه البوابة؟»، موضحا أن «هذا يدل على أن هناك تخبطا وكذبا إسرائيليا، وأن هناك رغبة إسرائيلية في القضاء على قطاع غزة كاملا، لكن سكان القطاع لا يزالون متمسكين بأراضيهم، فسكان غزة تُقصَف بيوتهم على رؤوسهم من الطائرات الحربية الإسرائيلية وبمختلف الأسلحة، لكنهم لا يتركونها، ومن ثم نؤكد أن هذه دعاية مغرضة من الجانب الإسرائيلي».
تحرش إسرائيلي يثير علامات الاستفهام
مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، العميد خالد عكاشة قال «أعتقد أن هذا الأمر إمعان في إلقاء عبء التهديد الإنساني على الشعب الفلسطيني، ومزيد من الانتهاك لحقوق المدنيين الذين قد يلجأون إلى المعبر لقضاء حوائجهم، من العبور والتبادل والخروج من غزة لقضاء حوائج ربما تكون طارئة، وأمور من هذا القبيل».
وأضاف عكاشة: «يُتصوَّر أن يكون المعبر أحد المنافذ التي تسهل على الأشقاء في داخل قطاع غزة المسائل الحياتية الطبيعية، خصوصا وأن غزة جميعها في ظرف استثنائي وعلى درجة عالية جدا من الخطورة والتهديد، والجميع يتابع على مدار الساعة».
وتابع: «هناك حساسية كبيرة في مسألة استهداف المعبر، خصوصا التصريحات التي صدرت إسرائيليا بالأمس حول ضرورة مغادرة السكان من قطاع غزة، وهذا تصريح وقف عنده المسؤولون المصريون والرأي العام المصري بكثير من الدهشة، فهو تصريح إسرائيلي لافت للانتباه واستلزم اليوم ردا من الجيش الإسرائيلي بأنه لا توجد تعليمات رسمية بدفع السكان إلى سيناء».
وقال إن «مثل هذه التطمينات لا أظن أنها تحل المشكلة، فالمصريون يستشعرون قدرا من الخطر من أن يتوسع ما يحدث في داخل غزة ومن أن تصل العمليات إلى مناطق حساسة مثل نقاط المعابر، سواء المعبر الحدودي في رفح أو معبر كرم أبو سالم، لكن يبقى معبر رفح على وجه التحديد له رمزية مهمة».
وشدد عكاشة على أن «التحرش بمعبر رفح عسكريا من الجانب الإسرائيلي يحمل الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما وأن المعبر لا يوجد به مواقع عسكرية ولا أفراد للمقاومة ولا أهداف يمكن من خلالها تبرير قصفه مرتين في يوم واحد».
حماس تحسم الجدل
في نهاية الأمر.. حسمت حماس هذا الجدل ببيان واضح وصريح، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني في غزة صامد مرابط على أرضه، ولن يبرحها إلى مصر أو أية دولة أخرى.
وقال البيان: «يخرج علينا قادة الاحتلال المهزومون ليهدّدوا أهلنا المدنيين في غزة ويدعوهم إلى ترك منازلهم المبنية بالعزّة والإباء والكرامة، ويهجروها ويتركوا أرضهم في غزّة العزّة إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، متوهماً أنه بإمكانه التأثير فيهم لتكرار مشاهد الهجرة والنزوح، التي أصبحت في ذمة التاريخ الذي لن يتكرر، إلا بعودة مظفّرة لشعبنا إلى أرض فلسطين، وما تلك الدعوات الواهمة إلا تعبير عن إفلاس هذا الاحتلال وفشله في تحقيق أيّ إنجاز أمام هذا الصمود الأسطوري لشعبنا ومقاومته الباسلة وكتائب القسام المظفّرة».
وأضافت حماس: «شعبنا الفلسطيني المرابط يعي جيداً حجم المؤامرة الصهيونية المتواصلة والتي تُحاك على مدار عقود وتهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها، وفي هذا السياق، فإننا نؤكّد بأن مقاومتنا وشعبنا الأبي الثائر سيُفشلون تلك المخططات الصهيونية الخبيثة
التصعيد في غزة
وفي صباح يوم السبت الماضي، هاجم مقاتلو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، العمق الإسرائيلي، في عملية أطلق عليها «طوفان الأقصى»، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1000 إسرائيلي حتى الآن، فضلا عن أسر عدد الإسرائيليين وقادة وجنود جيش الاحتلال، بينما ردت إسرائيل بغارات عدة على الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد 830 فلسطينيا، وإصابة أكثر من 4250 آخرين.