المعوِقون للعمل والعتمة

30 مايو, 2023 08:16 صباحاً
بكر أبو بكر

تتعزز الثقة بالقائد الجيد حين يكون عادلًا، فيقف معك عندما تكون مظلوما فينتصف لك. وحينما تكون ظالمًا ينتصف منك ولكن بأسلوب لا يقطع ولا يبتر، وإنما يوفّق ويقرّب فتزداد الثقة وتكبر.


يقول المولى عز وجل في العدل ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾(النساء: 58).
كان القائد التنظيمي الأخ حسن المطري (أبوعلي) رحمه الله معلمي ومسؤولي التنظيمي الأول في الكويت قبل أن أصبح عضوًا في لجنة الإقليم هناك، يبغضُ المعوِقين للعمل والظالمين لغيرهم بالفتنة والحسد وسوء الاتهام لهم ويشير بأصبعه لأحدهم.
وهو والحق يقال منهم، أي المعوِّقين.
هذا المعوِّق لم يكن له من عمل إلا أن يثبط الناس ويقلل من انجازات الكوادر بالحركة، ويحتقر أي عمل لهم أولغيرهم.
كان هذا المعوِق للعمل والحاسد للمنجزين ينفث بسمومه أمام القائد (وكان يومها القائد هو الأخ أبوالأديب سليم الزعنون). وكان كما يقولون ممن (يضع العصيّ بالدواليب).
فيشبّه الأخ أبوعلي المطري هذا المعوّق بمن قال بهم الحق سبحاته بالآية الكريمة: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (الأحزاب 18). والمعوقون هم المثبطون في الآية أنهم هم المنافقين الذين يثبطون الناس ويعوقون المؤمنين عن الجهاد في سبيل الله، وعن الرسول، وهم الذين يخذلون ويثبطون ويصرفون إخوانهم فى النفاق والشقاق كما تذكر التفاسير. فما بالك بمن يعوق أي عمل أو إنجاز بالوقيعة والدسيسة والظلم أمام المسؤول!

كان الخليفة العادل عمر بن الخطاب يوصي ولاته (قادته المرسلين للأقاليم أو الولايات) بالقول لكل واحد منهم:"إني لم أستعملك (استعملك أي وليتك او نصّبتك عاملاً أي واليًا أو قائدًا) على دماء المسلمين ولا على أعراضهم، ولكن استعملتك لتقيمَ الصلاة فيهم، وتقسم بينهم، وتحكم فيهم بالعدل".

وباتجاه آخر يقول المرجع صادق الحسيني الشيرازي: "أن من صفات القائد العادل، ألا يخضع للسلطة وسحرها وإغراءاتها، ولا يكون عبدًا لها مهما عظمت السلطة، كما يحدث مع الحكام الظالمين". وفي ذلك عبرة لأصحاب عقلية السلطة المختلة سواء في السلطة الوطنية الفلسطينية أو لدى سلطة الحسم العسكري في "حماس" بغزة.

وكلنا يحفظ قول خير الأنام في تحرى الحق والعدل أن أفضل الجهاد هو كلمة حق وإنصاف عند السلطان الجائر والظالم. والإمام العادل (القائد، المسؤول العادل) سابعُ سبعةٍ يُظِلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه.

تذكر الكاتبة غزالة عنايت في مقالة هامة لها عن المدير أو الرئيس الشرير (أو غير العادل) فتفترض أن أبرزهم المدير المجهري (يدقق بالتفاصيل)، و المدير المهتم بالنتيجة (لا علاقة له بوضعك أو اقتراحاتك أنت)، والمدير صاحب اللّجام: يذلّك بكل الطرق، و المدير أو القائد او الرئيس ذوالعقل المتقلب (بمجرد مباشرتك العمل يتصل للتغيير)، وخامسهم برأيها هو المدير اللئيم (هو الشخص الذي يقدم أفكارك وابتكاراتك على أنها أفكاره الخاصة.) وفي كل ذلك سوء أو شر أو عدم عدل، أو توازن.

القائد الظالم يميل ميلة كبيرة تجاه من ينصاع له أو يوافقه فقط، وينحرف ويتحيّز ضد من يغايره ويختلف معه، والقائد غير العادل يحمّل الشخص فوق طاقته أو قدراته أو مهامه أو خبراته أومعلوماته وهو يعلم ذلك، إنه يطلب مطالب غير معقولة متعمدًا أو نظرًا لتوقعات غير محسوبة، والقائد غير العادل تحركه أنانيته أوشهواته ونزقه وربما سلطته ، وقد يحركه طبع القسوة فيظلم، والظلم يقع من المسؤول تجاه الآخر وهو ظلم مضاعف عندما يضعف أو يقصر في الدفاع عمن هو تحت مسؤوليته.

عندما يُظلم المرء تحت مسؤلية قائده او مديره، ولا يستطيع هذا المدير التعامل معها، أوعلى الأقل عرض مظلمة مرؤوسه أمام رؤسائه الأعلى، فإن الثقة بالمدير تنسحب رويدًا رويدًا كما ينسحب الضوء مخليًا المساحة للعتمة.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد