بحثت القضية الفلسطينية والأزمة السودانية
اختتام أعمال القمة العربية الـ 32 باعتماد "إعلان جدة" بالإجماع
19 مايو, 2023 03:47 مساءً
فتح ميديا - متابعة:
اختتمت في مدينة جدة السعودية، أعمال القمة العربية الـ32 بإعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، موافقة المشاركين على البيان الختامي للقمة، بالإجماع.
وبحثت القمة القضية الفلسطينية والأزمة السودانية إلى جانب ملفات اقتصادية، كما شهدت مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد للمرة الأولى منذ 12 عاما.
وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتماد قرارات القمة العربية واستضافة البحرين القمة المقبلة.
وكان الأمير محمد بن سلمان قد تسلم في مستهل الجلسة الافتتاحية رئاسة القمة من رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن نيابة عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وتضمنت مسودة البيان الختامي للقمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين، مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية".
وفي الملف اللبناني، حث البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
أما في الشأن السوري، فقد شددت مسودة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفيما يرتبط بالسودان، تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات.
وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكدت المسودة الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد.
وعن اليمن، تحدثت المسودة عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه.
ودعماً للصومال، دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما حركة «الشباب»؛ بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.
وشددت مسودة البيان أيضاً على التأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
وفيما يخص الملف الإيراني، رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
أما عن تركيا، فقد دان مشروع البيان توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالباً الحكومة التركية بسحب قواتها دون شروط.
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، دانت المسودة كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.
وفي كلمة له أمام القمة العربية، قال رئيس الوزراء الجزائري إنه يتوجب على المجتمع الدولي ضمان وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ومقدساته في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: لقد وضعت الجزائر شعار "لم الشمل" خلال رئاستها القمة العربية الـ31، ووقع الأشقاء الفلسطينيون إعلان الجزائر، ونحن نواصل التنسيق مع الرئيس محمود عباس لاستكمال مسار المصالحة الوطنية، وكذلك تجسيد شعار لم الشمل باستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية بفضل الجهود الدؤوبة"، مرحبا باستعادة سوريا لمقعدها بين أشقائها، شاكرا كل الدول العربية التي ساندت مساعي الجزائر وعلى رأسها السعودية.
وقال: وفاء لفلسطين وتجسيدا لمركزية فلسطين في وجدان الشعب الجزائري فلقد سخرت الجزائر دبلوماسيتها خدمة للقضية الفلسطينية، وحشدنا الدعم اللازم لتوسيع قاعدة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بالتنسيق مع الأشقاء العرب، وكذلك لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعبي الفلسطيني طالبنا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الدولية والأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، لوضع حد لتعنت الاحتلال ورفضه الالتزام بالشرعية والقرارات الدولية، ووضع حد لسياسة الاستيطان التي تمارسها سلطة الاحتلال.
وأضاف أن الجزائر ساهمت في الخطوات العملية من أجل اعتماد قرار الأمم المتحدة لتفعيل دور محكمة العدل الدولية لتكريس حقوق الشعب الفلسطيني فضلا عن توقيعها للائحة التي تمت المصادقة عليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة حيال قرار سلطة الاحتلال فرض عقوبات على الشعب الفلسطيني مع رفض الجزائر كل الإجراءات العقابية داعية لإلغائها، وتنفيذا لقرارات قمة الجزائر عقد مؤتمر دعم القدس للوقوف في وجه الاحتلال الذي انتهك كل الحقوق للشعب الفلسطيني ومقدساته.
وندد رئيس الوزراء الجزائري بالعدوان على قطاع غزة الذي خلف العديد من الشهداء والجرحى، وقال: "ندين هذه الأعمال الإجرامية ونجدد تضامننا مع الشعب الفلسطيني، وندعو لوقف هذه الاعتداءات المتكررة والمنهجة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، واستعادة حقوقه وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وفق مبادرة السلام العربية التي أكدنا جميعا تمسكنا بها في قمة الجزائر.
وأوضح أن الجزائر دعت للاهتداء بفضائل الحوار لتأسيس علاقات بناءة مع دول الجوار الجيوسياسي، وقال: "نعرب عن ارتياحنا لبوادر الانفراج التي حدثت بين الدول العربية وإيران، ما يسهم في خفض التوترات ويفتح آفاقا لإحلال السلام والتعاون في مختلف المجالات".
وتابع: "أجدد الدعوة لتعبئة الصناديق العربية لمساعدة الدول الأعضاء التي هي بأمس الحاجة للمساعدات للتجاوز الظروف العصيبة، وستنظم الجزائر الندوة العلمية الأولى حول الأمن الغذائي في الوطن العربي للخروج بمقترحات ومشاريع ملموسة لتدعيم الأمن الغذائي لشعوبنا".
وسلم رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئاسة القمة العربية الثانية والثلاثين.
وقال ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، إن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب والمسلمين المحورية، وتأتي على رأس أولويات سياسات المملكة الخارجية، حيث لم تتوانَ المملكة في دعم الشعب الفلسطيني باسترجاع أراضيه، واستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية وغيرها من المرجعيات الدولية المتفق عليها بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق.
وأكد "أننا ماضون للسلام والخير والتعاون والبناء بما يحقق مصالح شعوبنا ويصون حقوق أمتنا، وأننا لن نسمح أن تتحول منطقتنا إلى ميدان للصراع".
وتابع الأمير محمد بن سلمان أن بلاده تأمل في أن يسهم قرار استئناف مشاركة سوريا في مجلس جامعة الدول العربية في دعمها واستقرارها، وعودة الأمور لطبيعتها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي بما يحقق الخير لشعبها .
من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن التمسك بمبادرة السلام العربية ما زال خيارا استراتيجيا عربيا لحل الصراع، وفي القلب من هذا الخيار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف أن فلسطين الغالية همٌّ لا يحمله أهلها وحدهم، وأن الممارسات الرعناء لحكومة الاحتلال الإسرائيلية أدت إلى تصعيد مروع في منسوب العنف والقتل في الشهور الأخيرة.
وحيا صمود الفلسطينيين في كل مكان في الأرض المحتلة، وقال: إن السياسات والممارسات الاستفزازية لتلك الحكومة الممعنة في التطرف والكراهية، لا بد أن تُواجَه بتصدٍ حازم من المجتمع الدولي، عِوضا عما نشهده من صمت مريب ومشين".
وأوضح أن انسداد المسار التفاوضي يؤدي إلى تقويض حل الدولتين ويُمهد الطريق أمام حل الدولة الواحدة، داعيا كافة الأطراف وبالذات الأطراف الدولية التي تشاهد حل الدولتين وهو يتم تقويضه يومياً دون أن تُحرك ساكناً، أن تراجع سياساتها قبل فوات الأوان.
وأشار إلى أن المنطقة العربية عانت زمنا، ولا تزال، من التدخلات الإقليمية في شؤونها، ولم تُنتج هذه التدخلات سوى حصاد من التمزق والفرقة والدم.
وأوضح أن القمة في جدة، قمة "التجديد والتغيير"، تمثل خطوة مهمة على طريق استعادة العرب لقضايا وملفاتٍ تُركت للآخرين زمنا فتعقدت مساراتها وتشابكت خيوطها، لافتا أن هناك حركية وحيوية في العمل العربي واتجاها واضحا لإعادة امتلاك القضايا وتفعيل الأدوار.
ودعا أبو الغيط الدول العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة إلى التمسك بالمصالح العربية معيارا أساسيا للمواقف الدولية، وأن تلتزم بالتنسيق فيما بينها وبالعمل الجماعي سبيلا أكيدا لتعزيز الكتلة العربية في مواجهة ضغوط الاستقطاب.