في الذكرى 75 للنكبة : "من حقي العودة إلى كل فلسطين وليس جزءا منها "

15 مايو, 2023 06:38 صباحاً
د. سائدة البنا

منذ 15/5/1948 إلى العام الحالي 2023 والشعب الفلسطيني تتلقفه الأيدي الظاهرة والخفية لأغراض سياسية من حكومات عربية ودولية مهدت لاحتلال فلسطين ودفعت بجميع اليهود للهجرة إلى فلسطين لتصبح موطنهم الرسمي، حيث كان اليهود مشتتين في كل دول العالم العربية وأوروبا. وإذا رجعنا إلى التاريخ ودققنا بأحداثه منذ البداية وقبل 1948 ندرك خيانة العالم للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت و التي تخفت بعده بقناع الإنسانية ،توزع عطفا على الشعب الفلسطيني بعد أن ذبحته وتشرد في بقاع الأرض. وبدأ مشوار المقاومة واندلعت الثورة الفلسطينية والنضال المسلح في قلوب ودماء رجال صدقوا في حب الوطن حيث سالت الدماء وأزهقت الأرواح من أجله. ونقشت القضية الفلسطينية دستورا وطنيا بدماء الشهداء الأحرار وعذابات الأسرى الثوار. ولو سألنا أنفسنا، بعد كل التضحيات الأسطورية التي قدمها أبناء الشعب الفلسطيني منذ 75عام و التي شهدت شلالات من دماء الشهداء والجرحى .وآلاف الأسرى الذين يفقدون حريتهم في زنازين الاحتلال الصهيوني. 
لماذا لم يحقق هذا الشعب حلمه منذ 75سنة في تحرير الوطن "فلسطين" والعودة إلى الديار ؟
لماذا يجد نفسه كلما تقدم خطوة يرجع بعدها إلى الوراء عشرات الخطوات ؟
للأسف أن الشعب الفلسطيني لم يعتمد على نفسه منذ البداية خدعته دول أوهمته أنها تدعمه ضد الاحتلال والحقيقة غير ذلك. وعاش الفلسطينيون في وهم كبير أنهم مدعومون من الدول العربية وجامعة الدول العربية والعديد من دول العالم. وكلما أوجعه الاحتلال استنجد بالدول والشعوب الأخرى وأصبح مبرمج على استجداء طلب المساعدة والعون من تلك الدول حتى وصل إلى مرحلة الإدمان على استجداء العطف بأساليب مذلة تتنافى مع طبيعة الشخصية الفلسطينية الأبية. 
وفي السنوات الأخيرة في عهد السلطة الفلسطينية تم وضع القضية الفلسطينية في درج النسيان وتفعلت أدراج المصالح الشخصية وانتشر فساد الحكومة التي لا تهتم إلا بمكاسبها الخاصة.
وفي هذه المرحلة المترهلة من الوضع الفلسطيني أصبحت الأقنعة لا حاجة لها وأصبح اللعب بمصير الشعب والقضية على المكشوف دون خجل وأصبحت القضية الفلسطينية في مهب رياح الحكومات الفاسدة والخبيثة في المنطقة العربية والإقليمية وأصبح الشعب الفلسطيني بانقسامه اللعين أوهن من بيت العنكبوت. وعندما ننظر إلى حقيقة واقع القضية الفلسطينية في ذكرى النكبة الفلسطينية منذ عام 1948 إلى اليوم، نجد قضيتنا تقزم أكثر في كل سنة عن سابقتها، وأصبحت مجرد كلمات وتصميمات وشعارات نتغنى بها لساعات أو سويعات إلى أن ينتهي يوم الذكرى ونعيد قضيتنا إلى سرير التخدير في غرفة الإنعاش  التي أصبحت مأواها بفعل أيدينا ونحن نقف أمام الباب الزجاجي ننظر إليها وهي تتنفس بأجهزة التنفس الصناعي  التي تصنع من أطراف متعددة أصبحت هي المتحكم الفعلي بحياتها أو موتها ومصير الشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي. صحيح أن هناك تطورا نضاليا ملحوظا في هذه الفترة القريبة سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. كما أن المقاومة أخذت منحى جديد في قدرتها على فرض الوجود الفلسطيني على منحنى القوة في المواجهة مع الاحتلال حيث تعرض قطاع غزة إلى أكثر من خمسة عشر جولة مواجهة مع العدو منذ عام 2006 إلى الآن، وفي كل جولة تتطور قدرات المقاومة في مواجهة الاحتلال حتى وصلت إلى احترام وتقدير الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والعديد من دول العالم وباعتراف العدو الصهيوني نفسه. ولكن مقابل هذا النجاح المقاوم لدينا فشل سياسي كبير، يقتل كل الجهود ويتنكر لدماء الشهداء وآلام الجرحى وعذابات الأسرى في سجون الاحتلال. الشعب الفلسطيني يتوق إلى الحرية وحقه في العودة إلى وطنه فلسطين. ليرفع شعار "من حقي العودة إلى كل فلسطين وليس جزءا منها". وبدون جسم سياسي قوي، مؤمن بحق العودة والانتصار له، وقادر على استثمار كل معاناة شعب فلسطين، لانتزاع حقه بصوت مرتفع يصل إلى وعي كل العالم وشعوبه، لن يتحقق هذا الحلم إلا بإجراء انتخابات فلسطينية شاملة بأقرب وقت ممكن ويبدأ الشعب بأخذ حقه أولا باختيار من يمثله سياسيا والقادر على تحمل هذه المسؤولية وبعد ذلك يكون الدور المشترك الموحد المتناغم لكل فئات الشعب مع متطلبات استعادة حقوقه والعودة إلى الوطن. 
هل سنبقى على نفس النهج الذي استمر طوال تلك السنين ولم نتعلم من دروس الصفعات المتتالية لنا من كل الاتجاهات ؟ أو سنعيد حساباتنا وننبه كرامتنا وننعشها بثورة شعبية نضالية شاملة، مع سياسة قوية مساندة ، وإحداث التغيير من حالة الضعف والخذلان إلى حالة القوة بالعزة والكرامة وتصحيح خطى النضال الذي يتناسب مع خطورة الواقع من نهب وتدمير لمقدرات الشعب وسرقة الأرض واستيطانها وحصد الأرواح والحريات.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد