القاهرة تحذر من صعوبات جديدة باستقبال المزيد من السودانيين

03 مايو, 2023 05:41 مساءً

فتح ميديا – وكالات:

أبدت مصر عدم استعدادها لاستقبال المزيد من السودانيين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم، إذ لديها ما يكفيها من مشاكل داخلية حادة، وتخشى أن يضاعف لجوء مئات الآلاف من اللاجئين الجدد متاعبها الاقتصادية، في ظل وجود نحو تسعة ملايين من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة على أراضيها، نصفهم من السودانيين.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مقابلة أجراها مع صحيفة “أساهي شيمبيون” اليابانية، نشرتها الثلاثاء، إن بلاده ستواجه تداعيات اقتصادية وصعوبات حال استقبالها المزيد من السودانيين، مؤكدا أن استمرار الصراع سيؤثر على المنطقة.

ويخوض طرفا الصراع قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) معارك عسكرية طاحنة في الخرطوم منذ منتصف أبريل الماضي، أدت إلى نزوح الآلاف من السودانيين منها.

وعبّر الرئيس المصري عن مخاوفه من فرار الكثير من السودانيين إلى بلاده في معرض حديثه عن الأزمات الاقتصادية التي ضربت العالم على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي أرخت بتداعيات سلبية كبيرة على مصر وهي تسعى لتخفيفها.

ووفقا لبيانات صادرة عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة وصل عدد المهاجرين الذين يعيشون في مصر إلى 9 ملايين شخص من 133 دولة، يمثلون نحو 8.7 في المئة من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 105 ملايين نسمة.

وأشارت المنظمة إلى أن السودانيين جاؤوا في مقدمة القائمة، وبلغ عددهم نحو 4 ملايين، يليهم السوريون 1.5 مليون، واليمنيون مليون نسمة، والليبيون مليون نسمة، ويشكل هؤلاء حوالي 80 في المئة من المهاجرين المقيمين في مصر.

وقال السيسي “لدينا الملايين من السودانيين في مصر ونعتبرهم ضيوفا وليسوا لاجئين، لكن في خضم الصعوبات الاقتصادية وفرار العديد منهم ستواجه مصر مشكلات”.

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري سابقا السفير جمال بيومي أن تصريحات الرئيس السيسي موجهة إلى المجتمع الدولي، وليس إلى الشعب السوداني، وأنه ألمح إلى حاجة مصر للمزيد من الدعم الخارجي، من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي أو غيرهما من الهيئات والمنظمات المعنية بأوضاع المهاجرين واللاجئين، لعدم انفلات الأوضاع وكي لا يتحول هؤلاء إلى مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا.

وذكر بيومي في تصريح صحفي أن النزوح من السودان إلى مصر كانت له تأثيرات إيجابية على مستوى ترسيخ العلاقات الشعبية بين البلدين، وأن الرئيس السيسي يحيط المصريين والمجتمع الدولي بالمشكلات التي تجابهها بلاده في هذه المرحلة، كما أن القاهرة تروّج لأدوارها الإنسانية للتعامل مع الفارين من الصراعات في المنطقة العربية، ما يمكن أن يعزز دورها وعلاقاتها الخارجية.

ولم تتاجر القاهرة مباشرة بملف اللاجئين أو تبتز دول الاتحاد الأوروبي اقتصاديا، كما فعلت تركيا مع ألمانيا عندما استقبلت نحو ثلاثة ملايين سوري، وسدت مصر منافذها البحرية لأسباب أمنية لكنها منعت انتعاش الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين على الدول الأوروبية عبر البحر المتوسط، وهو ما كان محل تقدير أوروبي.

وتتسع الضغوط التي يمثلها ملف اللاجئين والنازحين على مصر إذا استقبلت مجموعات جديدة من سودانيين لديهم روابط اجتماعية كبيرة فيها، والكثير منهم يعتبرونها مكانا مفضلا مقارنة بالدول الأفريقية الأخرى المجاورة لبلدهم.حهم.

وقالت مستشارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أماني الطويل إن “مصر ليس لديها خيار سوى استقبال الفارين من الحرب الدائرة في البلد الشقيق السودان، لأن طبيعة العلاقات والروابط الشعبية والتاريخية تفرض هذا الأمر”.

وأضافت أن هذا لا ينفي وجود ضغوط اقتصادية عديدة سوف تجابهها، وأن تضخم عدد السكان غير الأصليين يجعل مصر مطالبة بتقديم السلع الضرورية لجميع الموجودين على أراضيها، ما يمثل ضغطا ًمضاعفا على الاحتياطي النقدي.

وهناك ما يقرب من 70 في المئة من احتياجات المصريين يتم استيرادها من الخارج، الأمر الذي يشكل ضغطاً على العملات الأجنبية والسلع الأساسية ويضع الاقتصاد في موقف حرج، ناهيك عن الضغوط على الخدمات التعليمية والصحية وغيرهما.

وأشارت أماني الطويل إلى وجود معضلة أخرى تتعلق بتسلل عدد من المهاجرين غير الشرعيين من دول عديدة، ثم يدّعون أنهم سودانيون وفارون من الحرب وهم في الأصل ينتمون إلى دول في وسط أفريقيا وغربها، وهؤلاء لديهم سلوكيات عنيفة سوف تنعكس سلبًا على السلام المجتمعي في محافظة أسوان الواقعة في أقصى جنوب مصر.

وكشفت أرقام نشرتها وزارة الخارجية المصرية أنها رصدت حتى 27 أبريل الماضي دخول 14 ألف لاجئ سوداني إلى الأراضي المصرية.

وأذاعت الأمم المتحدة الثلاثاء أن أكثر من 100 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى دول مجاورة منذ بدء القتال، ونزح نحو 334 ألف شخص داخل السودان.

وتخشى الأمم المتحدة من فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة للسودان، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى.

وجددت القاهرة الثلاثاء دعوتها لطرفي الصراع في السودان إلى تثبيت الهدنة الحالية وعدم خرقها لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة الإنسانية والحوار لحل الخلافات.

جاء ذلك خلال لقاء عقده في القاهرة الثلاثاء وزير الخارجية المصري سامح شكري مع السفير دفع الله الحاج علي مبعوث رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.

ومصدر المخاوف من استقبال المزيد من اللاجئين والنازحين والمقيمين هو الدوافع الأمنية، إلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية، حيث استقبلت الخرطوم في عهد الرئيس السابق عمر البشير الكثير من العناصر المتطرفة ومنحها جنسية سودانية عقب سقوط نظام الإخوان في الثالث من يوليو 2013، ويمكن أن يجد هؤلاء في الصراع والتدفق الكبير نحو الأراضي المصرية فرصة للعودة وممارسة أعمال عنف جديدة.

وزاد الجيش المصري من إحكام قبضته على الحدود الجنوبية مع السودان، والممتدة على نحو 1200 كيلومتر، خوفا من تسلل عناصر إرهابية إلى مصر، في ظل ما يتردد عن استنفار متطرفين وإمكانية توظيف الصراع الدائر في الخرطوم لصالحهم.

 

كلمات دلالية

اقرأ المزيد