القدس شرارة التصعيد
08 ابريل, 2023 12:00 مساءًيبدو أن التاريخ يعيد نفسه مرات وليس مرة واحدة، المشاهد القاسية من الحرم القدسي الشريف، واقتحام قوات الاحتلال المصلى القبلي، والضرب والاعتداء الوحشي على المرابطين والمعتكفين ، تكرر مراتٍ عديدة خلال السنوات الماضية، وفي شهر رمضان بالتحديد. والمثل الصارخ على ذلك كان في شهر رمضان في العام 2021، واندلاع هبة الكرامة في القدس وفي صفوف فلسطيني الداخل، وتطورت الاحداث إلى شن إسرائيل عدوان اجرامي على قطاع غزة.
مشاهد الاعتداءات والقمع الوحشي في القدس تجري بشكل يومي، ومنذ فترة طويلة تحاول قوات الاحتلال وشرطتها منع الفلسطينيين من الاعتكاف وممارسة حقهم في العبادة، واعتدت على المصلين بالقوة كما حدث ليلية أمس الثلاثاء.
وسبق ذلك التصعيد، عدوان مخطط له، واقدام الشرطة الاسرائيلية على اعتقال المئات من الشباب المقدسيين، ومن بينهم صحافيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامهم بالتحريض وافرجت عن بعضهم بشروط عدم استخدام الانترنت.
وفي السياق ذاته واستمرار العدوان والاعتداءات على الفلسطينيين في القدس، ارتكاب جريمة اعدام الشرطة الاسرائيلية الشاب محمد العصيبي ، من حورة في النقب، بادعاء اعتدائه على افراد الشرطة، واخفاء الشرطة الصور من الكاميرات التي تنشرها في جميع الشوارع في القدس والحرم المقدسي الشريف، ما اثار الشكوك في رواية الشرطة. إضافة الى محاولات المستوطنين النشطاء في حركات جبل الهيكل الصعود إلى ساحة المسجد الاقصى وتقديم القربان.
هذه السياسة العدوانية من أجل ردع وتخويف الفلسطينيين ومنعهم من مقاومة محاولات المستوطنين من اقتحام المسجد الاقصى. هي السبب في اشعال الاوضاع ومقاومة الفلسطينيين في القدس لها، كل ذلك دليل على نوايا قوات الاحتلال على فمع الفلسطينيين وردعهم.
وهل الاعتكاف والصلاة في المسجد الاقصى يؤثر على الامن وتغيير الوضع القائم في القدس؟
اثارت مشاهد الاعتداء الوحشي على المصلين من قبل الاحتلال حزناً عارماً وغصباً ساطعاً، والشعور بالقهر والظلم، والادعاء الاسرائيلي بضرورة تهدئة الاوضاع الامنية وأن المصلين هم مجموعة من المتطرفين.
ما أدى إلى قيام المقاومة الفلسطينية بإطلاق نحو 16 قذيفة صاروخية من قطاع غزة على المستوطنات المحيطة بغزة. ورد الجيش الإسرائيلي بهجمات جوية ضد مواقع للمقاومة.
كما اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي في اكثر من منطقة في القدس والضفة الغربية.
منذ عملية سيف القدس في العام 2021، تحاول حركة حماس والفصائل الفلسطينية تصعيد المقاومة في الضفة الغربية والقدس، وليس من غزة، لذا كان واضحاً أن اطلاق الصواريخ رسالة محدودة، وانها ليست بعيدة عن ما يجري في القدس، لكنها ليست مستعدة لفتح جبهة كما حدث في العام 2021. وكذلك رسالة لاحراج السلطة الفلسطينية وتحريض الفلسطينيين ضدها خاصة بعد مشاركتها في قمتي العقبة وشرم الشيخ الأمنية.
يأتي العدوان الوحشي في القدس في ظل حكومة يمينية فاشية هاجم شركاؤها سابقاً حكومة بينت لبيد في كل مرة كان يحدث فيها تصعيد أمني محدود. إضافة إلى أزمة اسرائيلية حادة على خلفية خطة الاصلاح القضائي، والخلافات بين اطراف الحكومة، وزير الامن معلق بعد إقالته وإجبار نتنياهو على تعليقها في مواجهة معارضة شعبية غير مسبوقة، ولا يستطع اتخاذ قرارات حازمة. بالاضافة للخلاف بين وزير الامن القومي ايتمار بن غفير. والمفوض العام للشرطة على خلفية التسريبات العنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل.
وكما يقول المعلقين الاسرائليين أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد مواجهة عسكرية عشية ليلة عيد الفصح ، الأمر الذي قد يجبر مئات الآلاف من المستوطنين في الجنوب على قضاء ليلة العيد في الملاجئ.
قد يكون كل هذا مؤقت إذ ممكن أن يتغير في لحظة بسبب حادث في القدس أو الضفة الغربية.
الحرم القدسي وهو المكان الأكثر تفجراً وحساسية للفلسطينيين، وأهميته الدينية، وتغير الظروف مع تصاعد المقاومة في الضفة الغربية وقيادتها من جيل الشباب.
وهناك احتمال بأن تكون إسرائيل على شفا صراع عسكري أكثر اتساعاً، قد ينشب في المستقبل القريب. وهي تواجه هذا الاحتمال عندما تكون الخلافات كبيرة ورئيس الوزراء لا يتحدث مع وزير دفاعه.
وفي ضوء استمرار العدوان الاسرائيلي والجرائم اليومية، حال الفلسطينيين على ما هو من تشتت وانقسام وغياب للمشروع الوطني. وتقسيم الفلسطينيين الي قبايل ومناطق، كل منطقة تحارب وتدافع عن نفسها وحيدة، وما يجري في القدس وفي الضفة الغربية هو مسار واضح لاستكمال المشروع الاستيطاني الاستعماري واقامة دولة الشريعة، وما الحال الذي وصل اليه الفلسطينيين، إلا وصفة ممتازة لدولة الاحتلال الاستفراد والتنكيل بهم.