في ذكرى استشهادهم الـ29..

"الشهداء الستة".. حكاية صقوراَ حلقت أرواحهم في سماء مخيم جباليا

28 مارس, 2023 06:04 صباحاً

بقلم:  شريف الهركلي
 يوافق اليوم  الثامن والعشرين من مارس/آذار، الذكرى التاسعة والعشرين عاماً لاستشهاد الشهداء الستة أبرز قادة الجهاز السري لصقور الفتح الجناح العسكري لحركة فتح في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وهم الشهداء التالية أسمائهم:

جمال عبد النبي،  ناهض عودة،  أنور المقوسي، أحمد أبو بطيحان،  مجدي عبيد،  عبد الحكيم شمالي.
 حيث حلقت أرواحهم في سماء مخيم جباليا،
كان الشهداء من ثوار وقادة الانتفاضة الأولى على فترات مختلفة وانتهت حياتهم المليئة بالعمل والكفاح والعطاء والوفاء للوطن، تسعة وعشرين عاماً ولن تخذلنا الذاكرة بقيت حاضرة، وشعبي يحيي ذكراهم الخالدة المحفورة في الوجدان الفلسطيني.

الشهيد أحمد أبو بطيحان 
من ابرز القيادات الثائرة والميدانية  في الانتفاضة الأولى إبن مخيم جباليا الصمود عمل في مجموعات تابعة لحركة فتح 
كما عمل موجهاً عاماً داخل السجون الإسرائيلية، وكان اسمه الحركي هو "الشايب" كما كان معروفاً باسم "أبو سالم"، وكان مدرسة حركية متنقلة، وعقلاً وقلباً ينبض بحب فلسطين.

 الشهيد جمال عبد النبي
 التحق بصفوف حركة فتح منذ نعومة أظفاره، وكانت أولى مهامه نقل السلاح والذخائر إلى المقاتلي داخل فلسطين.
اعتقلت قوات الاحتلال جميع إخوته، وتعرضوا لتعذيب شديد للضغط على جمال لتسليم نفسه، إلا أنه رفض وبقي مطاردا لفترة طويلة، إلى أن تم اعتقاله.
أفرج عنه في الحادي عشر من يناير 1991، وبعد ثلاثة شهور عاد لممارسة الكفاح المسلح حيث شغل موقع عضو اللجنة المركزية لقطاع غزة ومسئولا تنظيميا عن حركة فتح في شرقها وغربها وقام بتشكيل اللجان الشعبية والخلايا المقاومة وعمل خلالها في جامعة الأزهر كإداري فيها.
شكل مجموعة أسماها "الرد المباشر"، لإسناد المطاردين من أبناء حركة فتح وغيرها من الفصائل الأخرى، وفي التاسع من ديسمبر 1993 ، تعرض لإصابة خطيرة بعيار ناري في رقبته خلال اشتباك مع قوات الاحتلال التي كانت تحاصر منزلا يتحصن بداخله مجموعة من المقاتلين، واعتقلته لمدة 45 يوما ذاق خلالها العذاب الشديد ونظرا لصموده وخطورة حالته تم إطلاق سراحه.

 الشهيد أشرف المقوسي 
من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، التحق في صفوف حركة فتح وهو شاب لم يتجاوز الثامنة عشر، وكان له دورا مميزا خلال الانتفاضة الأولى.
اعتقلته قوات الاحتلال، في منتصف مارس 1988 خلال حملة مداهمات في مخيم جباليا، إضافة إلى عدد من أبناء حركة فتح، وأصدر الحاكم العسكري أمرا باعتقاله إداريا لمدة ستة شهور.
حمل على عاتقه تأطير هؤلاء الأسرى سياسيا وثقافيا إلى أن أطلق سراحه، لتعود قوات الاحتلال لاعتقاله مرة أخرى نهاية مايو 1989 لمدة ستة شهور أخرى.
بعد ايام من الإفراج عنه، انضم إلى صقور فتح الجناح العسكري لحركة فتح في المنطقة الشمالية، ليعتقله الاحتلال مجددا في الثاني والعشرين من إبريل 1992، ليمارس دوره مجددا تثقيف الأسرى وإعطائهم جلسات تنظيمية.

الشهيد ناهض عودة
التحق  عودة في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مقتبل عمره، واعتقلته قوات الاحتلال عام 1985 لمدة خمسة وأربعين يوما، واعتقله مرة أخرى عام 1986 لمدة خمسة عشر يوما، دون أن تنجح في الحصول على اعتراف منه.
شارك بضراوة في العمل الوطني والنضالي  في الانتفاضة الأولى، وكان من أوائل من شاركوا في إشعال جذوة الانتفاضة وتصعيدها وشارك في رشق قوات الاحتلال بقضبان الحديد والزجاجات الحارقة والحجارة وإشعال إطارات السيارات وسط المخيم وقد تم تصويره من قبل عناصر الجيش وتم اعتقاله في معتقل أنصار 3.
أفرج عنه في شهر أكتوبر 1988، ليلتحق بصفوف حركة فتح ويشارك في تشكيل المجموعات العسكرية، إلى يوم استشهاده.

عبد الحكيم شمالي
وفي عام 1982 تأسست لجان الشبيبة الفتحاوية في كافة الأحياء والمخيمات والقرى في قطاع غزة لينضم الشهيد شمالي إلى صفوفها ويشارك في نشاطاتها التطوعية والمظاهرات التي تنظمها.
وفي بداية الانتفاضة اعتقل عبد الحكيم بصحبة إخوته الثلاثة لتصدم والدته المناضلة باعتقال أربع من أبنائها في ليله واحدة ضمن حملة قامت بها قوات الاحتلال في حي الشجاعية لإطفاء جذوة الانتفاضة والحد من انتشارها وفاعليتها، وأفرج عنه في يناير 1988 ليواصل العمل النضالي ضمن اللجان الشعبية الضاربة وهي قوة تتصدى للعملاء والخونة وتعمل على تطبيق قرارات القيادة الوطنية الموحدة.
أصيب بانزلاق غضروفي أثناء قيامه بإحدى المهام النضالية أدت إلى إصابته بمرض أقعده، ومكث في جمهورية مصر العربية عدة شهور لتلقي العلاج، وسرعان ما عاد من جديد ليلتحق بمجموعات صقور فتح الجناح العسكري لحركة فتح.
 
الشهيد مجدي عبيد
كان الشهيد عبيد فتى شجاعا وشابا نشطا أحبه الجميع وشارك في رشق قوات الاحتلال في كل مناسبة كانت تسنح له بحجارته التي لم تفارق يداه، اضطرته ظروفه الاجتماعية للسفر إلى الخليج حيث وجهت له أخته دعوة للعمل في قطر وزار الإمارات العربية وأمضى فيها عاما كل يوم ينوي فيه العودة إلى غزة وحي الشجاعية مسقط رأسه وأثناء وجوده هناك استشهد صديقه الشهيد صائب ذهب في مواجهات مع الكيان الصهيوني في عام 1987 وشاهد بأم عينه استشهاد الطفل سهيل غبن في أحداث مخيم جباليا وسرعان ما عاد إلى غزة من جديد ليترك المستقبل والمال والعمل والحياة الرغدة ليشارك في الانتفاضة التي بدأت تشتعل في مخيم جباليا.
انضم إلى اللجان الشعبية المقاومة التابعة لحركة فتح بحي الشجاعية ومارس نضاله منذ وصوله إلى غزة، واعتقله الاحتلال وفي ذكرى الانطلاقة في الأول من يناير 1989، وخلال اعتقاله في أنصار 3 المعتقل الأصعب الذي يغص في صحراء النقب، طلب من الموجه العام لحركة فتح أن يطعن أحد السجانين نظرا لاعتدائه المتكرر على الأسرى، إلا أن الموجه العام رفض طلبه لما سيكون من أثار كبيره على الأسرى.
خطط للهرب من معتقل أنصار 3 ووضع الخطة هو وزملائه الذين قرروا الهرب معه، إلا أن قوات الاحتلال وزعت المعتقل على عدة أقسام وحينها قاموا بعمل مواجهة مع قوات الاحتلال وقامت خلالها الوحدات الخاصة برش الأسرى وبمقدمتهم مجدي بالغاز وتم عزله.

موعد مع الشهادة
تمكنت القوات الخاصة الإسرائيلية يوم الإثنين الموافق 28/3/1994، وبمساعدة العملاء والمستعربين من تنفيذ مهمة اغتيال القادة الشهداء الستة في كمين محكم ومطبق مع موعد أذان المغرب، حيث اعتبرت الجريمة من أقسي الضربات الموجعة التي تلقاها الجناح العسكري السري لصقور الفتح.
تحركت مجموعة سيارات من بينها سيارة الشهيد أحمد أبو بطيحان والتي كان فيها الشهداء الستة، وكانوا متجهين إلى حي الشيخ رضوان وسط غزة لعقد اجتماع مغلق لأبناء حركة فتح وجناحها العسكري، وأعدوا بيان عسكري لهذه المهمة بتعليمات من قيادة الحركة.
عقب الاجتماع، توجهوا للمشاركة في حفل تأبين الشهيد سامي الغول الذي صادف على مرور ذكرى استشهاده عام، وهناك ألقى الشهيد أنور ألمقوسي كلمة بهذه المناسبة وبعد تقديم واجب العزاء توجهوا لمخيم جباليا وعند وصولهم دوار القطاطوه، وإذا بقوة صهيونية خاصة قاتله تركب سيارات مدنية  وترتدي ملابس عربية، ومن خلال إشارات فسفورية متفق عليها مع المنتشرين على الأرض بدأت اشارة التصفية من العملاء لتنفيذ المهمة ، وقفت القوات الخاصة في طريقهم وعطلت حركة السير وداهمتهم بشكل مباشر وقاموا بإطلاق الرصاص عليهم بغزارة نزل بعضهم من سياراتهم وتمكن آخرون منهم من الفرار من المكان وحوصر الشهداء الستة أمام وابل الرصاص والكمين المحكم  حيث رد عليهم الشهيد أحمد أبو بطيحان باطلاق النار وأصاب العديد منهم.

تم إعدام الشهداء الستة بطريقة بشعة، حيث تم تصفيتهم بإطلاق الرصاص عليهم من نقطة الصفر على رؤوسهم وصدورهم لدرجة أن رؤوسهم تفجرت من شدة الرصاص.
ميدان الشهداء الستة
ميدان الشهداء الستة .. لازال الاسم الذي يحمل ذكرى تمر جيل بعد جيل لأبناء فلسطين صقور الفتح رحلت أجسادهم وبقيت أرواحهم تحلق في سماء الوطن، مازالت ذكراهم محفورة في الوجدان الفلسطيني.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد