تعرف على الأسير المحرر كريم يونس
05 يناير, 2023 07:20 صباحاًغزة- فتح ميديا:
كريم يونس أسير فلسطيني عاش 35 عاما في عالم القمع بالسجون الإسرائيلية، فكان شاهدا على سياسة التطرف الإسرائيلي العنصري ضد الأسرى، الذين كلما ازدادت ظروفهم قسوة، تزداد إجراءات التشديد عليهم.
وكان كريم ثائرا بارز الاسم في النضال الوطني الفلسطيني وتاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، ومعروفا لدى الأسرى والمحررين، كما خبر نضاله الناشطون والمتابعون لقضايا الأسرى والمعتقلين.
المولد والنشأة
ولد كريم يونس فضل يونس، الملقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1956، في قرية عارة الواقعة في المثلث الشمالي بالداخل الفلسطيني.
توفي والده يونس فضل يونس في السادس من يناير/كانون الثاني 2007، في الذكرى الـ30 لأسر كريم، مما ضاعف لدى الأسرة الحزن وألم الذكرى.
وكان آخر لقاء لكريم بوالده قبل عامين من وفاته بسبب مرض ألم به، ولم يسمح له الاحتلال بالمشاركة في تشييع جنازة والده، كما توفيت والدته صبحية وهبي يونس قبل الإفراج عنه بأشهر، بعد قرابة 40 عاما من الانتظار.
وكانت والدته تحصي الأيام انتظارا لحريته، كما كانت دائمة الظهور على وسائل الإعلام للحديث عنه والمطالبة بالإفراج عنه، وروت رحلة انتظارها الطويلة، إذ عاشت 39 عاما و4 أشهر تتنقل بين سجون الاحتلال آملة أن ترى ابنها الأكبر.
وخلال هذه السنوات لم تحتضن الحاجة صبحية نجلها إلا مرة واحدة عندما كانت برفقة زوجها يونس في زيارة كريم، حين سمح للأسرى بالتقاط صور مع أسرهم، فاحتضنته لدقائق معدودات، وأملت كثيرا أن يمهلها العمر لتعيش معه ما تيسر لها بعد إطلاق سراحه.
الدراسة والتكوين العلمي
درس كريم يونس المرحلة الابتدائية والإعدادية في بلدة عارة، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة الساليزيان في الناصرة، وخلال دراسته البكالوريوس بجامعة بن غوريون في النقب اعتقل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
واصل رحلته التعليمية داخل السجون الإسرائيلية، فالتحق بالجامعة المفتوحة أبوديس، وأنهى دراسة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وأشرف على عملية التعليم الجامعي للأسرى، وكان يشجعهم على كسر أحد أهداف الاحتلال في طمس الثقافة والوعي.
واستطاع كريم يونس بتمكنه الأكاديمي ومعرفته اللغة العبرية واطلاعه على الفكر الصهيوني الخوض في التنظير والتأسيس من ناحيته لمنظومة فكرية، وقد تمتع بصفات الباحث الموضوعي.
وكان يونس قادرا على الصمود أمام السياقات الإعلامية والنزعات العاطفية خلال بحثه في تفنيد الفكر الصهيوني، ونقد الفكر السياسي الفلسطيني التقليدي.
ويشهد كل من زملاء كريم في مرحلة الشباب، ورفقاؤه الأسرى المحررون الذين أمضوا معه سنوات في السجن، بأنه كان "طالبا مجتهدا ومثقفا، وذا شخصية جريئة مناضلة وشجاعة، كما كان سياسيا مبادرا رغم طبعه الهادئ، وكان يتفانى في الصراع مع إدارة السجون من أجل حقوق الأسرى، كما اتصف بالصبر والصمود".
قصة الاعتقال
في السادس من يناير/كانون الثاني 1983، اعتقلت قوات الاحتلال كريم يونس من مقاعد الدراسة في جامعة بن غوريون، وهو في الـ23 من عمره حينذاك، وقد اقتحمت منزل عائلته في قرية عارة للبحث عنه قبل ليلة من اعتقاله.
لم يعرف أهله في البداية مكان اعتقاله، وبحثوا عنه لأشهر في سجون الاحتلال، إلى أن استطاع المحامي العثور عليه في سجن عسقلان، وقد تنقل كريم يونس في كافة السجون الإسرائيلية.
وكان اعتقاله بتهم عدة، فاتهم بالانتماء إلى حركة فتح المحظورة حينها، والانخراط في المقاومة المسلحة، وقتل جندي إسرائيلي، وحكم عليه بالإعدام شنقا، ثم خفف الحكم إلى المؤبد المفتوح، وفي عام 2015 حددت سلطات الاحتلال المؤبد بالسجن 40 سنة.
وبهذا الحكم يكون كريم يونس أقدم أسير سياسي في فلسطين والعالم، ولم تشمله صفقات تبادل الأسرى، كما رفضت سلطات الاحتلال عدة مرات الإفراج عنه، بحجة أنه من حملة الجنسية الإسرائيلية، وهو ما يعده الاحتلال شأنا إسرائيليا داخليا.
وكان من المفترض أن يتم الإفراج عنه ضمن اتفاقية وقعت في يوليو/تموز 2013 بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تقتضي بالإفراج عن كافة الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقية أوسلو، لكن سلطات الاحتلال تراجعت بعد إفراجها عن الدفعة الرابعة، التي تضمنت 30 أسيرا منهم 14 أسيرا من الداخل الفلسطيني.
ورفض كريم يونس أي ابتزاز، وعارض كافة أشكال التمييز والفصل والمساومة بين الأسرى من الداخل أو غزة والضفة و القدس ، وكان أحد أبرز رموز الحركة الأسيرة، التي تكونت في داخل الخط الأخضر عقب عام 1967، وكان لها دور كبير في مشروع النضال والحركة الوطنية.
وكان كريم على رأس المساندين للأسرى الفلسطينيين الذين دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام، وقد عزلته السلطات الإسرائيلية مع القيادي مروان البرغوثي في سجن الجلبي جنوب حيفا، بهدف كسر إرادة الأسرى.
وخلال فترة اعتقاله تزوج أشقاؤه وأنجبوا أطفالا لم يتعرف عليهم، وتوفي والده بعد 24 عاما من اعتقاله، وتحققت أكبر مخاوف والدته، فلم تكن تخشى الموت في حد ذاته، بل كانت تخشى أن تموت قبل العيش مع ابنها حرا طليقا.
وقضى كريم يونس 40 عاما من النضال من أجل حرية فلسطين وكرامة شعبها، ولم يكن يتطلع لخلاصه الشخصي بقدر ما كان ينتظر حرية الشعب الفلسطيني من نير الاحتلال، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن لآخر، لم يتأخر عن المشاركة في إدارة دفة الصراع دفاعا عن الحركة الأسيرة ومكتسباتها، ولم تنل منه سنوات الاعتقال ولم تؤثر على معنوياته ومبادئه.
وكان دائما ما يرفض استخدامه للضغط السياسي على القيادة الفلسطينية، على حساب الحقوق الأساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، وبذلك أصبح أيقونة للصبر والمقاومة، وقدوة ملهمة لكثير من الأسرى في عزمه وتجربته.
المؤلفات
أصدر كريم يونس كتابين من داخل السجن هما:
الواقع السياسي في إسرائيل (1990)، وتناول فيه كافة الأحزاب السياسية الإسرائيلية.
الصراع الأيديولوجي والتسوية (1993).
الإفراج
وأكد يونس في تصريحات للصحفيين من أمام مقبرة "عارة" بالداخل المحتل لدى وصوله لزيارة قبري والديه، إنه تم اقتحام سجن هداريم الذي كان بداخله، وتم نقله منه إلى الخارج، ومن ثم نقل في مركبة، وتم نقله لمركبة أخرى، ومن ثم مركبة ثالثة، قبل تركه في محطة للحافلات بمنطقة ما يسمى "رعنانا" وطلبوا منه الانتقال عبر الحافلات لمنزل عائلته.
ولفت إلى أنه وجد بعض العمال الفلسطينيين، وتحدث معهم واتصل من هاتف أحدهم بأشقائه الذين وصلوا للمكان ونقلوه للمنزل.