34 عامًا على انتفاضة الحجارة
08 ديسمبر, 2021 04:32 صباحاًتوافق اليوم ذكرى اندلاع انتفاضة الحجارة، وذلك في الثامن من ديسمبر عام 1987م، حيث انتفض الشعب الفلسطيني، في كافة مدن وقرى ومخيمات القطاع والضفة و القدس المحتلة، معلنًا مرحلة جديدة في مواجهة الاحتلال التي سرعان ما هيأت الظروف لميلاد فصائل المقاومة.
الشرارة الأولى
تفجرت الشرارة الأولى بعد الحادث البشع الذي ارتكبه سائق صهيوني في الثامن من كانون أول (ديسمبر) 1987؛ حين قام بدهس عدد من العمّال الفلسطينيّين من سكّان جباليا شمال قطاع غزة، قرب حاجز بيت حانون «إيرز» الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي المحتلة منذ عام 1948، مما أدى لاستشهاد أربعة منهم وجرح آخرين.
وسرعان ما فجر هذا الحادث الغضب الكامن في نفوس الفلسطينيين؛ فتحولت مسيرة تشييع الشهداء إلى مظاهرة غضب واسعة رشق خلالها السكان جنود الاحتلال بالحجارة، والذين ردوا بإطلاق الرصاص وتدخلت مروحيات الاحتلال لتطلق القنابل المسيلة للدموع لتفريق آلاف المشاركين في التشييع، لتسفر تلك الأحداث عن ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى، لتمتد الشرارة بعد ذلك إلى كل مخيمات ومدن القطاع ومنها إلى الضفة الغربية، لنصبح أمام انتفاضة شعبية حقيقية حملت الحجر.
وعلى مدار 79 شهرًا ما بين عام 1987 وعام 1994 الذي شهد تراجع ذروة الانتفاضة مع قدوم السلطة الوطنية من الخارج وما لعبته من دور في الالتفاف حول أهداف الانتفاضة، قدّم الشعب الفلسطيني وفق إحصاءات رسمية حقوقية 1376 شهيدًا فلسطينيًّا، فيما تتحدث إحصاءات أخرى أن عدد الشهداء تجاوز 1500 شهيد، بينما قتل 94 صهيونيًّا في عمليات ثأرية نفذتها الفصائل الفلسطينية أو شبان فلسطينيون غاضبون من جرائم الاحتلال.
وخلال الانتفاضة شنّت قوات الاحتلال حملات واسعة كانت تعتقد أنها ستؤدي لوقف الانتفاضة دون جدوى، حتى بلغ عدد المعتقلين منذ اندلاع الانتفاضة حتى منتصف 1994 قرابة (200 ألف) مواطن، أي بمعدل ثلاثين ألف حالة اعتقال في العام الواحد، حيث فتحت معتقلات "كيستعوت" في النقب لتستوعب الأعداد الكبيرة من المعتقلين، فيما جرى إبعاد ما لا يقل عن ألف فلسطيني عن أرضهم للخارج.
إحياء القضية الفلسطينية
ويرى محللون ومراقبون أن الانتفاضة الفلسطينيّة أعادت القضية الفلسطينية للواجهة بعد أن عملت قوات الاحتلال على مدار سنوات على تغييبها وإسقاطها من مختلف الأجندات، ضمن سياسة واضحة بمحاولة تدجين المجتمع الفلسطيني بالكامل وتحويله إلى مجتمع هشّ يقبل بالكيان الصهيوني.
استنهاض شعبي
وبالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون في هذه الانتفاضة إلّا أنها شكّلت حالة فريدة في الاستنهاض الشعبي لمواجهة المحتل، وإعادة البوصلة نحو حقيقة الصراع مع المحتل، في ظل حالة من التوحد والتكاتف الشعبي غير المسبوق رغم تباينات المواقف واختلاف المشارب الفكرية.
يقول الباحث والمختص في شئون الأسرى عبد الناصر فروانة، إنّ أبرز ما تميّزت به انتفاضة الحجارة هو متانة الوحدة الوطنية فيما بين كافة الفصائل، والتعاون والتنسيق الميداني فيما بينها وبين عناصرها بشكل فردي أو جماعي، تنظيمي أو شخصي، بالإضافة لتميزها بالطابع الشعبي والجماهيري الوحدوى وشموليتها، والأهم تميزها بوحدة النسيج الاجتماعي والعلاقات الأسرية والتعاضد والتكافل الأسري والاجتماعي وصلابة الحركة الأسيرة.
تأثيرها على الاحتلال
كسبت الانتفاضة الفلسطينية تعاطفًا دوليًا كبيرًا، فكانت الصور التي يلتقطها الصحفيون عن تنكيل الصهاينة بالفلسطينيين، تعطي صورة مختلفة للشعوب الغربية عن حقيقة الكيان الصهيوني.
من جهة أخرى، بدأت لأول مرة في كيان الاحتلال هجرة معاكسة، بسبب خوف المستوطنين من الاحتجاجات، وأصبح اليهود يفضلون الهجرة إلى الاتحاد السوفييتي بدلًا من الكيان.
كما انقسمت الأحزاب السياسية الصهيونية إلى أحزاب تدعو إلى العنف والشدة مثل "الليكود"، وأحزاب يسارية تدعو للتفاوض مع الفلسطينيين وعدم استعمال العنف ضدهم.
انتهت "انتفاضة الحجارة" عام 1993، مع توقيع اتفاقية "أوسلو" المشؤومة للسلام بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن راح ضحيتها حوالي 1262 شهيدًا بينهم، 241 طفلًا.