
عدلي صادق يكتب : عباس وماو تسي تونغ
24 اكتوبر, 2021 07:08 صباحاً
كتب عدلي صادق
أطرف شيء في التسريبات والتحليلات التي بدأت، حول النوايا والمقاصد، من عقد مؤتمر يسميه عباس ثامناً وعاماً ولحركة فتح؛ القول بأن فخامة المحنك سيؤمن هذه المرة خلفائه ويمنح من خلال المؤتمر "شرعية ثورية" لمن يصطفيهم بعده. ذلك بمعنى أنه يخطط لكي يحقق ما فشل فيه ماو تسي تونغ الزعيم الصيني التاريخي، مؤسس الجمهورية الذي توفي في سبتمبر 1976 عن اثنين وثمانين سنة، عاشها كأحد أكثر الشخصيات في العالم، تأثيراً في القرن العشرين.
بعد وفاته، كان خليفته الأول دينغ شياو بينغ، أحد أقرب أصفيائه. ففي حياة ماو، كان دينع يبادر الى تنشيط ماو كلما أتعبه التشدد اليساري، ويزاود على الزعيم في خياراته، فتفوق على شوين لاي نفسه، إذ تولى مهاجمة البرجوازيين بضراوة، لكنه عندما جلس على سدة الحكم أدار ظهره لماو ودعا الى السوق المفتوحة، وردد المقولة الصينية القديمة "الزعماء بشر وليسوا آلهة" وأمر بانتزاع عيني ماو من جثته المحنطة، وتسليمها لكلية طب العيون للدراسة، وكأن الصين ليس فيها موتى وعيون، غير جثة ماو وعينيه!
فإن كان هذا ما حدث لماو، الذي أنجز تصفية النفوذ الإستعماري، وقاد المسيرة الكبرى، والقفزات الكبرى إلى الأمام، في التنمية والصحة والتعليم والتصنيع وضبط النظام الإقتصادي وأنشأ الصناعات الصغيرة في الريف، فما الذي يمكن أن يحدث مع عباس، الذي أخرب كل شيء، وأجهض كل أمل، وأودع خزانة الذكرى، عبارات لا تُنسى عن العجيزة و"كس أخت الصين" والبسطار الإسرائيلي وتفتيش حقائب التلامذة بحثاً عن سكاكين مزعومة؟!
ثم من الذي له الحق، سوى الشعب، في اختيار من يحكمون، إن ظل لنا بسبب المحنك مساحة للحكم؟
يعني بالمختصر، روقوا وصلوا على النبي. ففلسطين لن تتحول الى مشفى أمراض نفسية الى الأبد، ومرتعاً لهذا وذاك من أصفياء عباس أو غير عباس. فقد اتسع الرتق على الراتق، وبات الثوب كله بالياً والمرتجى قماش جديد، من محل الحاج متولي.




