عدلي صادق يكتب : التعديل بالتمكين للإرادة الشعبية

19 اغسطس, 2021 05:29 صباحاً
 الكاتب الفلسطيني عدلي صادق
الكاتب الفلسطيني عدلي صادق

بقلم: عدلي صادق 
قبل نحو شهرين، تمخضت اجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح،المتمخض أصلاً عن مؤتمر عام للحركة، إقصائي وملفق؛ عن مجموعة توصيات تتعلق بأداء حكومة محمد اشتية، التي هي أصلاً وسابقتيها، حكومتي سلام فياض ورامي الحمد الله؛ لم تُعرض على ممثلي الشعب، ولا حتى على دائرة موسعة من المتنفذين في السلطة!
كان من بين توصيات مجلس عباس "الثوري" أن يُصار الى تغيير في الحكومة، وفي مواقع السلك الديبلوماسي. وقرأنا أمس وصف الملامح الجديدة للتغيير في الحكومة، ولم في الأمر شيئاً له علاقة بالتغيير أو التعديل،  كما في أعراف الحكومات، إذ شملت القائمة الأسماء الراسخة نفسها، برسوخ عباس: شكري بشارة للمالية، وزياد عمرو نائباً لرئيس الحكومة، ورياض المالكي للخارجية، وأحمد مجدلاني للتنمية الإجتماعية، مع ملء الشاغر في وزارتي الداخلية والأوقاف، بتعيين زياد هب الريح، وزيراً للداخلية، ربما عطفاً على "الإنجاز الأمني العظيم" في قتل المعارض نزار بنات.
وفي السلك الديبلوماسي، بدأت البشائر، بالتنفيذ الفعلي لعملية التعديل، بالنمط الكاريكاتيري نفسه، إذ بعد الإعلان في الصحف المحلية، عن مسابقة لتعيين ملحقين ديبلوماسيين، وإجراء اختبارات للمتقدمين؛ بادر سفير عباس في بلد مهم، الى إجراء اختبار، معلومة أسئلته للعنصرين الوحيدين اللذين تقدما، وهما إبن وإبنة شقيقته. فالآخرون، في البلد، من الحاصلين على درجات علمية عالية في السياسة والإقتصاد، لا يقرأون إعلانات الصحف المحلية، وكان المُلحقان المطلوبان للممثلية الفلسطينية، من نصيب العائلة.
في السياق العام، ظل العنصر المفيد في العمل الوزاري، أو العمل الديلوماسي، هو الذي يغيب أو يُطرد، فلا تُعرف أخباره. أما العنصر الطفيلي فهو الذي يبقى ويستمر، بشفاعة القرابة أو الموالاة الكاذبة. وتلك سمة تُلازم حكم عباس. وبالطبع، يكون لكل عنصر من الراسخين، أسباباً للرسوخ! 
بقطع النظر، عن التداعيات والآثار الفادحة لهذه الممارسات، على الكيان الفلسطيني، الفاقد لمؤسسة التشريع والرقابة؛ يتغاضى الحاكم عن حقيقة بالغة الأهمية، بعناد سلوطي يسيء اليه وللكيان الذي يترأسه، قبل الإساءة للمجتمع الفلسطيني وللقضية. هذه الحقيقة تقول إن جميع ممثليات دول العالم المعتمدة لدى السلطة ولدى إسرائيل، تكتب التقارير عن أحوال الكيان الفلسطيني، وتكون المُخرجات دائماً شائنة ومعيبة، تبرر الإستخفاف بالقضية الفلسطينية، وبالممسكين بمقاليد الأمور في السلطة. فمنذ العام 2006 بدأنا نقرأ بعض مخرجات التقارير، ومن بينها ما كانت له عناوين أكثر إيلاماً مما سبق تلك السنة. والأنكى أن التقارير كانت تستند الى أقوال عناصر فلسطينية قيادية ومسؤولين من المستوى القضائي. فعلى سبيل المثال، ناقش الكونغرس الأمريكي، في سنة 2012 تقريراً ذا عنوان مذهل وهو حرفياً:" حكم اللصوص المزمن: الفساد في المؤسسة السياسية الفلسطينية". وكان من بين الذين أدلوا بشهاداتهم، النائب الأمريكي الجمهوري اللئيم ستيف تشابوت، الذي أخرج كل ما في جعبته، باعتباره مختصاً ـ آنذاك ـ في اكتشاف حقائق فساد الحكومات التي تتلقى مساعدات أمريكية، وزار في هذا الإطار الإستقصائي 46 بلداً، وكانت من مآخذ الكونغرس عليه أن تكلفة رحلاته بلغت 200 ألف دولار، علماً بأن المبلغ، أقل بكثير من تكلفة سفر وإقامة وفود المصالحة، منذ العام 2007. 
كان تشابوت، في شهادته، معنياً بأن لا تذهب أموال دافع الضرائب الأمريكي الى من يسميهم اللصوص. ولنا أن نتذكر أن تشابوت الذي مرَّ مجرد مرور، وأن هناك عشرات من المقيمين بين ظهرانينا، وموجودين لكي يروا ويستقصوا ويحللوا ويكتبوا، وكل ذلك بحرية ولا يستطيع جهاز أمني التعرض لهم! 
الإصلاح دفاعاً عن مصير الكيان الفلسطيني، له مسار. وللمسار نقطة انطلاق وهي الإنتخابات العامة النزيهة التي تليق بشعب فلسطين المعطاء، وتعطيه حقه في الإختيار. فلا إصلاح بتعديل وزاري لتكريس رجل اعترف بأنه اختلس مالاً بدل إيجار سكن وهو يسكن في ملكيته العقارية، ولا بوزير يشتم الشعب الفلسطيني في أعراضه، ولا بنائب رئيس حكومة ليس إلا أبرع لاعب طاولة زهر في غزة، ولا بوزير داخلية يضحك الآخرون عندما يصف نفسه، وهو يسحب منسجماً دخان النارجيلة. فالتعديل أو التغيير يكون بالتمكين للإرادة الشعبية!

اقرأ المزيد