تعرف على سلوان وأحيائها ... البلدة الأكثر تهديدا بالهدم والطرد في القدس
28 يونيو, 2021 07:26 صباحاًفتح ميديا_القدس
تُعد سِلوان البلدة الأكثر التصاقا بسور القدس التاريخي والحامية الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك، وكانت تمتد أراضيها حتى منطقة الخان الأحمر بين مدينتي القدس وأريحا، حتى أُطلق على تلك المنطقة قديما اسم "خان السلاونة" قبل أن يصادر الاحتلال معظم أراضيها وتُقتصر البلدة الآن على 12 حيّا بمساحة 5 آلاف و640 دونما.
ويعيش في سلوان 59 ألف مقدسي بالإضافة إلى 2800 مستوطن زُرعوا بقوة الاحتلال في 78 بؤرة استيطانية بالبلدة، وفقا لعضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو ذياب.
ويحيط خطر التهجير القسري بنحو 7 آلاف و500 فرد يعيشون في 6 أحياء بسلوان، وهؤلاء مهددون إما بهدم منازلهم بحجة البناء دون ترخيص أو بإخلائها وطردهم لصالح الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية.
يقول أبو ذياب إن طواقم بلدية الاحتلال في القدس سلمت حتى الآن 6 آلاف و817 أمر هدم للمنازل في 6 أحياء بسلوان. وهذه هي أبرز الأحياء المهددة بتهجير جماعي:
حي وادي حلوة
هو الحي الملاصق للسور الجنوبي للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، ويمتد على مساحة 750 دونما ويبلغ عدد سكانه 5 آلاف نسمة.
وتهدد الحفريات الإسرائيلية أسفل هذا الحي العديد من المنازل. وبسبب ذلك، يقول أبو ذياب إن 128 منزلا مهدد بالانهيار، بالإضافة لـ 5 منازل مهددة بالاستيلاء عليها ضمن قانون أملاك الغائبين، و11 أخرى تسلمت أوامر هدم بحجة عدم حصول أصحابها على تراخيص للبناء، فيما زُرعت بقوة الاحتلال 42 بؤرة استيطانية في الحي حتى الآن.
حي البستان
يمتد على مساحة 70 دونما، ويعيش فيه 1550 مقدسيا يتوزعون على 109 منازل، هدم منها حتى الآن 10 منازل.
ويهدِّد حاليا خطرُ الهدم -بحجة البناء دون ترخيص- 97 منزلا يقع 17 منها تحت قانون "كامينتس" الإسرائيلي. وبناء عليه، أمهل الاحتلال قبل أيام أصحاب 13 منزلا منها لمدة 3 أسابيع لهدمها ذاتيا.
وهذه المنازل بالتحديد لا يمكن اللجوء إلى المحاكم لوقف أو تأجيل عملية هدمها، وتنتهي المهلة المحددة لأصحابها اليوم الأحد (27 يونيو/حزيران).
وسُنّ الكنيست الإسرائيلي قانون " كامينتس" عام 2017 بهدف محاربة التمدد العمراني الفلسطيني بحجة البناء بدون ترخيص.
ويسعى الاحتلال لتسريع عملية هدم منازل حي البستان لإقامة "حديقة قومية" باسم "حديقة الملك" لتخليد المكان الذي كان -حسب الرواية الإسرائيلية- "بستانا للملك داود".
حي بطن الهوى
هو جزء من الحارة الوسطى إحدى حارات سلوان، وتدّعي جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية ملكية 5 دونمات و200 متر مربع فيه. وسُلم الأهالي هنا أوامر إخلاء 86 منزلا يسكن بها 726 مقدسيا.
وبدأ التغلغل الاستيطاني في الحي عام 2004 ببؤرتين استيطانيتين، ثم تصاعد عام 2014 لتصل الآن إلى 6 بؤر تعيش فيها 23 أسرة من المستوطنين.
وتدّعي "عطيرت كوهانيم" أن ملكية المنازل في الحي تعود ليهود من أصول يمنية قبل عام 1948. وافتتحت فيه عام 2018 "مركز تراث يهود اليمن" بادّعاء أن كنيسا يعود لهم كان قائما بالمكان وحمل اسم "بيت العسل".
حي وادي الربابة
يقع في الناحية الغربية لبلدة سلوان، ويتربع الوادي على مساحة تبلغ نحو 210 دونمات، يعيش فيها 800 مقدسي في ظروف قاسية، لمضايقات أذرع الاحتلال المختلفة الساعية لطردهم. ويهدد خطر التهجير القسري هنا 405 مقدسيا ينتظرون مصيرا قاتما في حال هدمت منازلهم.
حي وادي ياصول
يمتد على مساحة 310 دونمات ويسكنه 1050 مقدسيا، وأصدرت قرارات بهدم 84 منزلا فيه بحجة البناء بدون تراخيص، ويعيش في هذه المنازل نحو 600 فرد.
حي عين اللوزة
مساحته 870 دونما، ويقطنه 3 آلاف و400 نسمة، وتسلم أصحاب 283 منزلا فيه أوامر بهدمها بحجة عدم الترخيص أيضا.
وتتوزع بقية أوامر الهدم على أحياء أخرى في سلوان وتطال أيضا هذه التهديدات 3 مساجد أيضا.
مشاريع قائمة وأخرى تنتظر
الباحث في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن قال إن بلدة سلوان مستهدفة بالاستيطان عبر المشاريع التي تنفذها الحكومة مباشرة أو عبر الجمعيات الاستيطانية وعلى رأسها "إلعاد" و"عطيرت كوهانيم".
وأضاف -للجزيرة نت- أن البلدة مستهدفة بـ 10 مشاريع استيطانية منها ما نُفّذ ومنه ما ينتظر المصادقة عليه في دوائر التخطيط والبناء الإسرائيلية.
وأبرز المشاريع "السياحية الاستيطانية" ما يسمى "مدينة داود"، وهو المشروع الذي تفتخر إسرائيل بأنه يستقبل نحو مليون سائح أجنبي وإسرائيلي سنويا.
وشُيّد هذا المشروع في وادي حلوة جنوبي الأقصى، ويحاول الاحتلال توسيعه عبر إقامة موقف "جفعاتي" للسيارات والذي يتكون من 6 طوابق ويضم أيضا مركزا تجاريا.
وسيتاخم هذا المبنى سور البلدة القديمة التاريخي ويتساوى ارتفاعه بارتفاع السور، وهو ما يخالف أطر التنظيم والبناء الإسرائيلية نفسها التي تمنع تشييد مبان ملاصقة للأسوار التاريخية تضاهيها في الارتفاع أو تفوقها وتحجب الرؤية عنها.
مشروع آخر مثير للجدل تسعى إسرائيل من خلاله لربط غربي القدس بشرقيها، وهو "القطار الهوائي" الذي سينقل السياح بين شطري المدينة ويؤثر بشكل أساسي على حيي وادي حلوة ووادي الربابة بسلوان.
أما مشروع "الجسر الهوائي" الاستيطاني الذي تدّعي إسرائيل أنه سياحي؛ فسيبلغ طوله 240 مترا بارتفاع 30 مترا، وسيبدأ من حي الثوري مرورا بأراضي وادي الربابة وصولا لمنطقة وقف آل الدجاني جنوب غرب المسجد الأقصى.
ولا تنفَّذ المشاريع الاستيطانية على سطح الأرض، بل تمتد إلى باطنها وفقا للباحث صب لبن الذي تطرق لمشروع "نفق مسيرة الحجاج"، حيث يهدف الاحتلال من خلاله لربط عين الماء في سلوان بمنطقة حائط البراق عبر نفق يُشيّد حاليا أسفل منازل المقدسيين في وادي حلوة، وتُسجل بين الفينة والأخرى انهيارات أرضية وتشققات في هذا الحي بسبب الحفريات المتواصلة.
وبالإضافة لذلك، يقول صب لبن إن الحكومة الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية لا تتوقف عن تقديم المشاريع لإقامة مسارات هوائية وأرضية وحدائق عامة ومطاعم في مناطق سلوان بهدف تشجيع السياحة الاستيطانية وجلبها لقلب الأحياء الفلسطينية.
وقال "يريدون من خلال هذه المشاريع غسل أدمغة السياح عبر إضفاء الطابع اليهودي فوق الأرض وأسفلها، والتحكم بالرواية بواسطة المرشدين والأدلاء السياحيين الإسرائيليين".
آثار شامخة
ولمعرفة أبرز الأماكن الأثرية التي تحتضنها سلوان توجهت الجزيرة نت للمرشد السياحي بشار أبو شمسية الذي قال إن عين سلوان تعد واحدة من أبرز معالم البلدة، مشيرا إلى ارتباط الكثير من الروايات الشعبية بهذا المكان.
وتطرق أبو شمسية لأهمية القصور الأموية التي تقع في سلوان، وبناها الأمويون قبل أكثر من 1300 عام بمحاذاة المسجد الأقصى، وما زالت تحافظ على ملامحها رغم ما تعرضت له من ضرر بفعل عوامل الطبيعة والحروب ومحاولات التهويد.
وتضم سلوان أيضا قبورا تاريخية من الفترة اليونانية وُجدت " للتقديس والبركة والحياة الخالدة بعد الموت" كما كان يعتقد في تلك الفترة، ومن بينها أضرحة "طنطور فرعون" الضخمة التي تقع في الطريق الواصل بين سلوان والمسجد الأقصى.
ولا يخلو وادي الربابة -وفقا للمرشد السياحي- من الآثار التي خلفتها الحضارات المتعاقبة، أبرزها "دير الندم" اليوناني، الذي أنشئ عام 1893 ليخلّد حادثة انتحار "يهوذا الأسخريوطي" أحد تلاميذ عيسى عليه السلام، وهنا علّق نفسه على شجرة نادما على تسليم المسيح، تمهيدا لمحاكمته وصلبه.
يقول أبو شمسية إن كل واد من أودية سلوان كان يضم في نهايته طاحونة للقمح، بالإضافة إلى الكثير من الآثار الكنعانية التي تقع داخل مشروع "مدينة داود" الاستيطاني.