كتب صلاح العويصي.. القائمة المشتركة وتعزيز الاستبداد
20 مارس, 2021 07:33 صباحاًكتب د. صلاح العويصي
لم تخرج مكوكية حوار الرجوب و العاروري إلا من خلال ضمانات لرأس المقاطعة بفترة رئاسية جديدة، يطل بها على العالم بشرعية جديدة، لذلك تزامنت تلك الحوارات مع تغوله على القضاء بقرارات بقانون تسحق العدالة وتقفز عن القانون الأساسي ، ومن ثم إنطلقت جملة المراسيم كمقدمة للتفرد القادم، ولكن احداً لم يكن يتنبأ بأن شهوة الرئاسة والسلطة قد استشرت في كل مفاصله، فذهب الى قائمة مشتركة يقايضها بضمانات دعمه كمرشح للرئاسة ، ليتكرر مسلسل المعاناة والتدهور الاقتصادي والاجتماعي ، استمراراً للسياسات الانقسامية التي فتت الهوية الفلسطينية، والتي يسعى عباس الى إطالة امدها بأسلوب الاقتسام والمحاصصة ، بل وتمادى الى الحد الذي جعله يتجاهل توصيات الفصائل في حوارات القاهرة الأخيرة رغم الإعلان على التوافق عليها والتي تشمل تعديل قانون الانتخابات لتخفيض سن الترشح، ورفع نسبة تمثيل المرأة والغاء بند قبول الاستقالة، وتخفيض رسوم المشاركة في الانتخابات وغيرها من التفاهمات، بل وصلت الاستهانة بأطراف الحوار الى اطلاق كيل من التصريحات العاطفية التي كانت تعقب كل لقاء بما يشبه الغزل السياسي والتي أطلقت فقط للحفاظ على مصالح الحركتين، وهو ما يؤكد أن نتائج اللقاءات كانت معروفة وقد تم التوافق عليها مسبقاً بمزيد من الاستهتار بكل القوى السياسية على الساحة.
إن هذه الصياغة الجديدة للحياة السياسية الفلسطينية من خلال القائمة المشتركة ما هو إلا تهرب من المسئولية التاريخية والمسئولية الأخلاقية عن تبعات الانقسام والحصار وسنوات التجويع والإذلال لأبناء حركة فتح وإنكار للاستحقاقات التنظيمية التي أراد أبو مازن أن يهرب منها الى الأمام من خلال القائمة المشتركة وهو يعلم جيداً أن مشروع المق/اومة ومناوئة الاحتلال لا يتفق بحال من الأحوال مع رؤيته المائعة لطبيعة الصراع والتنسيق والتعاون الأمني (المقدس).
إنها تعميق للأزمة الفلسطينية السياسية على المستوى الدولي و المحلي، يريد من خلالها أن يتفرد بولاية جديدة تتيح المجال أمام مزيد من استثمارات الأبناء والأحفاد، وتؤسس لحقبة جديدة من انهيار حركة فتح وتمزيقها وازاحتها عن المشهد النضالي كقوة جماهيرية فاعلة وممتدة الى كل بقاع الأرض ولها فعلها الوطني في كل الساحات و العواصم و الجامعات الدولية، لأنه يعلم أن حالة الانكفاء الفتحاوي ستتعمق بمزيد من ردود الفعل، إن اللقاءات التي زادت وتيرتها داخل أسوار المقاطعة بين عرابي التنسيق الأمني وقادة الاحتلال بالتزامن مع حوارات المصالحة، تؤكد أن الأمر سيؤول الى مزيد من تعزيز للقوة الاستيطانية و الاحتلالية على حساب المتبقي من الحالة النضالية، إذ أنه يعلم ان الديمقراطية لا تعني انصهار برنامجين مختلفين في بوتقة التنسيق والتنازلات، إنما هي تنافس وطني شريف تحت مظلة مشروع إقامة الدولة والتخلص من تبعات الاحتلال ووقف الاستيطا/ن ، وليس تهجين لبرنامج جديد يصادر حق الناس في صياغة مستقبلهم بل وإجبارهم على قبول نظام سياسي جديد يتفق مع مصالح من صاغه إمعاناً في هدر مبررات وجود هذا الكم من الفصائل والقوى الجماهيرية و النقابات والتجمعات والاتحادات التي كان يجب أن تكون صاحبة القول الفصل في صياغة تراعي الإختلاف والتعدد وتعيد لفلسطين كرامتها التي أهدرتها سنوات الانقسام البغيض بل وتذهب الى محاسبة أقطابه من خلال تغيير جذري لهذا النظام المشوه الذي فاقم حجم المعاناة والعذاب على مدى خمسة عشر عاماً، لذلك سنتوجه الى صناديق الاقتراع ومعنا كل شرفاء هذا الوطن لنعاقب من تسبب في إذلال مناضل/ينا ومن كانت له اليد الطولى ممارسة القهر والظلم لأبناء فتح من خلال إجراءات تعسفية ظالمة طالت كل بيت فتحاوي ، بل وساهم في هذا الكم الهائل من الإشكاليات الاجتماعية والإقتصادية والسياسية.