حقل غزة مارين... غاز طبيعي قبالة ساحل قطاع غزة
01 مارس, 2021 04:56 صباحاًفتح ميديا_غزة
اكتشف حقل غزة مارين Gaza Marine، وهو غاز طبيعي قبالة ساحل قطاع غزة، في أواخر التسعينيات، وظل دون تطوير أو استغلال، وفي نوفمبر 2015، وقع صندوق الاستثمار الفلسطيني مع الحكومة الفلسطينية، ممثلة بسلطة الطاقة الفلسطينية، على مذكرة تفاهم لاستيراد الغاز الفلسطيني.
وينظر إلى حقل الغاز منذ فترة طويلة على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.
وقامت السلطة الفلسطينية عام 1999 بمنح عقد حصري لشركتي مجموعة بي جي البريطانية وشركة CCCالمملوكة لفلسطينيين للتنقيب عن الغاز في بحر غزة.
وجرى توقيع مذكرة تفاهم بين الأطراف الشريكة في حقل غاز غزة، والمتمثلة حاليا بصندوق الاستثمار وشركة اتحاد المقاولين CCC مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "ايجاس"، للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، بما يوفر احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي ويعزز التعاون بين البلدين، وإمكانية تصدير جزء من الغاز لجمهورية مصر.
ومع بدء عمليات البحث والتنقيب التي لم تستغرق طويلاً من قبل الشركتين المطورتين اكتشف في عام 2000 حقلين من الغاز على بعد 30 كيلومترًا من شواطئ غزة وعلى عمق 600 متر تحت سطح البحر.
وأطلق على الحقل الأول اسم غزة مارين ويقع كليًا ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة. أما الحقل الثاني فهو الحقل الحدودي مارين 2، والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين قطاع غزة وإسرائيل.
كمبة الغاز في بحر غزة
وحددت الشركة البريطانية الكمية الموجودة من الغاز في بحر غزة بحوالي 1.4 تريليون قدم مكعب، أي ما يكفي قطاع غزة والضفة الغربية لمدة 15 عامًا، حسب معدلات الاستهلاك الحالية.
وعلى الرغم من عدم وجود أعمال تطوير أو استخراج للغاز في حقل غزة مارين، إلا أن رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية عمر كتانة، قال أن الحكومة بصدد تحويل محطة توليد كهرباء غزة للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من الوقود الصناعي المستخدم حالياً «وهذا يحتاج عملاً متواصلاً لمدة 8 شهور، للانتهاء من عملية التحويل.
وبعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل عام 1993، تم وضع ترتيبات بين الجانبين في المجال الاقتصادي والمالي، عرفت باسم «بروتوكول باريس» الموقع في أبريل 1994.
ونص البرتوكول على ضرورة أن يكون الشروع في مشاريع للتنقيب عن المواد والثروات الطبيعية ضمن فريق مشترك للطاقة يضم ممثلين عن الجانبين.
أزمة خانقة في قطاع غزة
قطاع غزة الذي يعاني منذ 2007 من أزمة خانقة وحادة في الكهرباء، الأمر الذي يجبر شركة كهرباء غزة على قطع التيار الكهربائي عن بعض مناطق القطاع، وتوصيلها في مناطق أخرى، لعدم كفاية ما تنتجه محطة توليد كهرباء غزة من الطاقة، لذلك يجب أن يكون قطاع غزة من أول المستفيدين من استخراج الغاز الطبيعي، كما أن الحصول عليه سيوفر ملايين الدولارات التي تدفعها السلطة سنويا لشراء الكهرباء من إسرائيل، والأولوية يجب أن تكون للسوق المحلي، الغاز سيوفر الطاقة، ويخفض من استهلاك الفلسطينيين لمشتقات الوقود، التي تبلغ نحو 70 مليون لتر شهريًا، نحن أمام كنز اقتصادي.
ويحتاج القطاع إلى نحو 400 ميجاوات من الكهرباء، للعمل 24 ساعة لا يتوفر منها إلا 212 ميجاوات، توفر إسرائيل منها 120 ميجاوات، ومصر 32 ميجاوات (خاصة بمدينة رفح)، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، التي تتوقف بين فينة وأخرى عن العمل، بسبب نفاد الوقود، 60 ميجاوات.
يذكر أن الأردن وقع خلال انعقاد منتدى دافوس الاقتصادي في البحر الميت، نهاية مايو 2015، على مذكرة تفاهم من شركة بريتيش غاز المطورة للحقل، لاستيراد الغاز الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة. ويؤكد رجب أنّ الألوية يجب أن تكون لقطاع غزة، لتمكين سكانها من التغلب على أزماتهم الاقتصادية، المتراكمة.
تطوير الحقل الغاز
في أبريل 2018، توصل صندوق الاستثمار الفلسطيني إلى اتفاق مع شركة النفط الأوروبية شل بشأن خروجها من رخصة تطوير حقل غزة مارين، الذي تقدر احتياطياته بترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وأضاف أن حصة التحالف الجديد في رخصة الحقل ستبلغ 55%، أي بنسبة 27.5% لكل منهما، على أن يتم تخصيص 45% لشركة عالمية مطورة سيتم اختيارها والمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء.
وسيركز الصندوق والشركة الجديدة جهودهم في المرحلة القادمة على إنجاز اتفاقيات تزويد الغاز، وعلى إعداد خطة تطويرية للحقل مع المشغل الدولي، الذي سيتم اختياره.
النزاعات حول الملكية والوصول
تقع إسرائيل والأراضي الفلسطينية على مقربة من الكثير من البلدان الأخرى، لبنان وسوريا من الشمال، بينما جزيرة قبرص على مقربة في البحر المتوسط، وإلى الغرب قليلاً تركيا، ومن الجنوب مصر، المورد الرئيسي للطاقة إلى إسرائيل. لم تتأكد ملكية حقول الغاز الواقعة تحت مياه المتوسط. اعترضت مصر ولبنان على مطالبات إسرائيل بتحديد ملكية حقول الغاز. كان هناك تقارب إسرائيلي قبرصي فيما يخص المفاوضات على حقول الغاز. اقليمياً، أدى اكتشاف حقول الغاز إلى المزيد من التوترات بين هذه البلدان المتجاورة.
وتعيد الاتفاقية الأخيرة الموقعة بين السلطة الفلسطينية ومصر، لتطوير حقل الغاز في قطاع غزة، تفاصيل سابقة تتعلق بهذا المسار، الذي واجه عراقيل عدة أبرزها من الاحتلال الإسرائيلي.
التضييق الإسرائيلي
تقيد إسرائيل خطط الإنتاج في الحقل حيث عرقلت مد الأنابيب الخاصة بنقل الغاز، وكذلك بناء البنية التحتية لإيصال الغاز للمحطة؛ حيث تشترط نقله من خلال أنابيبها.
وفي خطة للسيطرة على الحقل، اشترطت إسرائيل أن ينقل الغاز من الحقل إلى محطة تسييل الغاز في عسقلان، ليوزع من هناك إلى غزة والضفة، أو أي مكان آخر، إلا أن الشركة رفضت الخضوع للشروط الإسرائيلية.
وتعيق إسرائيل الآن أي تطوير أو أي محاولة لاستخراج الغاز من الحقل، كونها تحدد مساحة الإبحار للفلسطينيين بـ6 أميال بحرية فقط، فيما يقع الحقل على مسافة 23 ميلا تقريبا.
وتأتي هذا الخطوة الإسرائيلية رغم أن قانون البحار المعتمد دوليا يعطي الحق للدول بالاستثمار في مياهها الإقليمية التي حددت بـ 200 ميل بحري.
وبناء على ما سبق، فإن مجموعة "رويال داتش شل" الإنجليزية البريطانية تواجه أصعب عملية بيع في تاريخها لحقل "غزة مارين"، حيث تجاهد الشركة لإيجاد مشترٍ لحقلها البحري للغاز قبالة ساحل قطاع غزة، حتى بين شركات الطاقة التي لها باع في التعامل مع المشروعات المحفوفة بمخاطر سياسية وأمنية، لكنها تمكنت من بيع أصول لها في الحقل بلغت قيمتها نحو 25 مليار دولار وذلك بهدف خفض ديونها.
أسرار خفية
الخبير الاقتصادي ماهر الطباع رأى أن "غاز غزة" يعتبر الصندوق الأسود الذي يحتوي على الكثير من الأسرار الخفية التي حجبت وظلت إلى الآن حبيسة الأدراج.
وأن الاستثمار المتعطل في حقول غاز غزة كان من المفترض أن يحقق نهضة حقيقية في كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة ستساهم في حل الأزمات المالية التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية والتخلص من الابتزاز المالي الإسرائيلي المستمر والتحرر من الهيمنة الإسرائيلية على مصادر الطاقة في قطاع غزة والضفة الغربية.وأضاف أن استثمار الحقل سيساهم في حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة، وذلك من خلال تشغيل محطة توليد الكهرباء على الغاز الفلسطيني مما سيؤدي إلى انخفاض ثمن الكهرباء، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على كافة المواطنين وعلى كافة القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.
وتسعى إسرائيل وبكافة الطرق للسيطرة على كافة الموارد الفلسطينية بما فيها غاز غزة من أجل فرض سيطرتها وهيمنتها على القرارات الفلسطينية وعدم وصول الفلسطينيين إلى مشاريع تنموية تحررهم من التبعية الاقتصادية والمالية لإسرائيل، الأمر الذي جعلهم يستوردون ما نسبته 95% من الطاقة (كهرباء ووقود وغاز منزلي) من إسرائيل، بمتوسط فاتورة سنوية تتجاوز 1.4 مليار دولار.