الموقع والمناخ
تقع خان يونس أقصى جنوب غربي فلسطين على بعد عشرة كيلو مترات من الحدود المصرية، وتعتبر ثاني مدينة في قطاع غزة من حيث التعداد السكاني والمساحة، وترتفع نحو 50م عن سطح البحر، وينتمي مناخ خان يونس إلى المناخ شبه الصحراوي الساحلي، الذي يتميز بقلة أمطاره الشتوية وتطرفه النسبي، ويبلغ متوسط كمية الأمطار السنوية التي تهطل على المدينة نحو 276 ملم -300 ملم.
نبذة تاريخية:
ارتبطت النشأة الأولى للمدينة بالعصر اليوناني، حيث أسّــس اليـونان مدينة ساحلية عرفـت باسم "جينسس"، كما ارتبطت نشأة خان يونس بالمماليك الجراكسة، وبالسلطان المملوكي برقوق (حكم مصر و بلاد الشام بين عامي 1382 و 1399م) على وجه التحديد، الذي اهتم بتعزيز الحركة التجارية بين مصر وبلاد الشام، فأمر ببناء عدد من الخانات والقلاع، وكان من بينها بناء الخان والقلعة التي أشرف على إنجازها الأمير يونس الداودار، حامل أختام السلطان، حيث بنى القلعة وسورها الضخم وبنى بداخلها خاناً فسيحاً سنة 789هـ 1387م.
ومن هنا ارتبط اسم هذه المدينة باسم مؤسسها فقيل [قلعة برقوق]، وقيل [خان يونس]. ولمّا كان النشاط التجاري غالباً على النشاط الحربي للقلعة؛ غلب اسم الخان على اسم القلعة وعرفت المدينة بـ "خان يونس" بعد وقت قصير من بناء القلعة.
وكانت مدينة خان يونس في العهد المملوكي تابعة للواء غزة، الذي كان يضم مساحات واسعة من النقب وجنوب الأردن حتى مدينة الكرك، وشاركت مدينة خان يونس منذ نشأتها في الأحداث الجسام التي مرّت بها مصر وبلاد الشام، حيث تعاون أهالي المدينة مع المماليك، وجدد العثمانيون القلعة، وأقاموا فيها حامية عسكرية، واستبقوا جزءاً منها نزلاً للتجار والمسافرين وعابري السبيل، وتبعت فلسطين في العهد العثماني لواء غزة معظم الوقت، ولكنها تبعت مدينتي القدس وعكا في أحايين كثيرة.
وكانت مدينة خان يونس في ذلك العهد بوابة الشام للقادمين من مصر، وآخر منازل الشام الرئيسة للمسافرين لمصر وبلاد المغرب، وساهمت هذه المدينة بنصيب كبير في الدفاع عن بلاد الشام ومصر، وشهدت مدينة خان يونس أول مجالسها البلدية في أواخر القرن التاسع عشر، حيث بدأت الحكومة العثمانية في تشكيل التنظيمات البلدية منذ سنة 1874 م، و منذ ذلك الحين شكلت عدداً من المجالس البلدية.
وكان من أهم المشاركات التاريخية والعسكرية وأبرزها دور المدينة البطولي في التصدي للغزو البريطاني؛ ما اضطرّ البريطانيين إلى ضرب قلعتها بنيران المدفعية التي أدت إلى تهدم القلعة. وتعمّـد الإنجليز إهمال ترميم القلعة، لأنهم لم يرغبوا في تجديد دورها العسكري، ومن هنا تحوّلت الأراضي الواقعة داخل القلعة إلى ملكيات خاصة، فأزال الناس بقايا الخان المتهدم، بل أزالوا أسوار القلعة نفسها، والتي كان آخرها السور الجنوبي الذي أزيل تدريجياً بعد احتلال القوات الإسرائيلية للمدينة بعد حرب 1967م. أما اليوم فلم يبق من القلعة غير الواجهة الغربية، وهي عبارة عن البوابة الرئيسة للقلعة والخان، وتطل على وسط المدينة وعلى المتنزه.
واستقبل أهالي مدينة خان يونس في أعقاب حرب 1948م نحو خمسين ألف لاجئ من إخوانهم الفلسطينيين، الذين لا يزالون يقيمون في معسكراتهم بالمدينة انتظارًا للعودة إلى مدنهم وقراهم السليبة.
وساهمت مدينة خان يونس مساهمة فعالة في حربي عامي 1956م و1967م، حيث كانت من أكثر المدن صموداً وتصدياً، فعاقبها جيش الاحتلال سنة 1956م بارتكاب مجزرة بشعة فوق ترابها الطاهر. أمّا عقوبة صمودها بعد حرب 1967م، فكانت قرار قوات الجيش الإسرائيلي عدم السماح للمدينة بتجديد أو ترميم بنيتها التحتية بسبب صمودها الأسطوري، فأصبحت مدينة منكوبة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فالبنية التحتية مازالت غير موجودة وضعيفة، فضلاً عن قيام إسرائيل بالسيطرة على الامتداد الإقليمي للمدينة بالاستيطان وسلب المياه ومحاصرتها؛ حتى لا تضطلع بدورها النضالي مرة أخرى.
وبدأت مدينة خان يونس في استعادة وجهها الحضاري منذ عودة السلطة الوطنية سنة 1994، حيث بدأت البلدية في إقامة عدد من المشاريع المرتبطة بتطوير البني التحتية، ومنها تجديد وتأهيل ورصف عشرات الشوارع التي فقدت أهليتها في زمن الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى شق عشرات الطرق الجديدة، وإنشاء محطتين لتحلية المياه، وإعادة تأهيل الآبار القديمة، وتجديد شبكة المياه المهترئة والبدء في إنشاء شبكة الصرف الصحي التي تعتبر من أهم مشاريع البنى التحتية في خان يونس.
خان يونس: العمارة والسكان
وشهدت مدينة خان يونس تطوراً ملحوظاً في نموها العمراني في نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد امتدت المباني السكنية حول وسط المدينة التجاري مع توسعها في محور شمالي جنوبي، وفي عام 1746 قامت حكومة الانتداب البريطاني بعمل مخطط هيكلي لهذه المنطقة التي امتلأت بالسكان من وسط المدينة، وكان هذا أول مخطط لمدينة خان يونس ويعرف بمخطط سنة 1946م.
وبعد عام 1948م تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين للإقامة في خان يونس سواء في المدينة أو في مخيم أعدّته لهم وكالة الغوث في الطرف الغربي من المدينة، ومن هنا كان لا بد من التكيف مع هذا الوضع الجديد بالتوسع في الوسط التجاري، وزحفت المحلات التجارية والمباني السكنية نحو الغرب لتلتحم بمثيلاتها بمعسكر اللاجئين، وتضاعفت مساحة المدينة بسبب هذا التوسع العمراني الذي اتخد شكل المحاور على طول شارع القلعة، وشارع البحر، والطرق المؤدية لبني سهيل، ورفح، والقرارة بدون تحديث للمخطط الهيكلي (46)، واستمرّ الحال حتى عام 1991م، حيث بدأ الاحتلال الإسرائيلي يفكر في تخطيط تلك المدينة التي اكتظّت بالسكان؛ حتى تسهل عليه عملية السيطرة عليها؛ فوضع المخطط الهيكلي لسنة 1991م، حيث أعدّه المهندس/ مار غولين والذي عرف بعد ذلك باسمه، وهو في الحقيقة كان مخططاً سياسياً، لا يخدم المواطنين، وإنما يخدم المصالح السياسية الاحتلالية، وما تتطلبه من سهولة التحكم في بأهالي المدينة، للسيطرة التامة عليها. وكان يطبق على المدينة كل من مخطط 46، ومخطط 1991م وهو ما يعرف مخطط مار غولين؛ ما أدّى إلى ازدياد نسبة العشوائية في البناء والتنظيم في المدينة.
وفي عام 1995م خلف الاحتلال بعد جلائه عن أراضي قطاع غزة بنية تحتية مدمرة في مختلف القطاعات.
ومنذ تسلم السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولياتها على أرض الوطن، بدأ العمل الجدي الدؤوب من أجل بناء الوطن ومؤسساته ودوائر ووزارات وأجهزة الدولة المعنية بالمواطن وأمنه واستقراره وتطوره وتنميته، ولتنفيذ خطة تنمية وتطوير طموحه لتجاوز ظروف الاحتلال وقسوته ومخلفاته، لذلك كان لابد من العمل على إعداد المخططات الهيكلية على مستوى الوطن والمحافظات التي تشكل الأساس لأي عملية بناء وتطوير وتنمية على كافة الأصعدة الحياتية، والإنتاجية، والخدماتية لمجتمع المحافظة، والسعي للاستفادة من الموارد الطبيعة بأفضل السبل؛ خدمة للأهداف الاستراتيجية بتوفير حياة كريمة للمواطنين.
في سنة 1997م تم توسيع نفوذ بلدية خانيونس؛ ومن هنا نشأت الحاجة الملحة إلى إعداد مخطط هيكلي للمدينة، حيث قامت البلدية بالتعاون مع فريق متطوعي الأمم المتحدة سنة 1999م بإعداد المخطط الهيكلي لسنة 1999م لمدينة خان يونس، وتم إعداد مخطط تفصيلي لمركز المدينة، خلافاً عن مخطط 1946م وقد تم اعتماد هذين المخططين فعلياً.
وفي سنة 2007م تمّ توسيع نفوذ بلدية خان يونس ليشمل المواصي والمحررات ليصبح مساحته 54560دونمًا، وأصبح عدد سكان مدينة خانيونس سنة 2006م 175000 نسمة، وأصبح عدد أحياء البلدية 19 حيًا، وهي كالتالي: حي البطن السمين، حي قيزان أبو رشوان، حي الشيخ ناصر، حي قيزان النجار، حي المنارة، حي قاع القرين، حي معن، حي جورة اللوت، حي السلام، حي السطر، حي المحطة، حي مركز المدينة، حي الأمل، حي المعسكر، حي الكتيبة، حي المواصي، حي النصر، حي الجلاء، حي الاستقلال.
خان يونس والاحتلال:
استولت سلطات الاحتلال على جزء كبير من أراضي المدينة لبناء المستوطنات عليها، ويشكّل تجمع مستعمرات غوش قطيف التي تمتد بطول الساحل ابتداءً من حدود دير البلح إلى الحدود الدولية في رفح أكبر تجمع استيطاني في قطاع غزة، وهي تستولي على معظم أراضي خان يونس الغربية، وتفصل المدينة والمخيم عن شاطئ البحر. وقد تحرّرت من الاحتلال في شهر سبتمبر 2005م، ويبلغ عدد سكان المدينة 332,166 نسمة.
النشاط الاقتصادي:
التجارة:
وقد ساهم موقع خان يونس الجغرافي ووقوعه عند نقطة التقاء البيئة الزراعية مع البيئة الصحراوية في رواج التجارة في هذه المنطقة. وقد لعب رأس المال دوره في إقامة المجمعات التجارية، ويرجع فضل هذا النشاط إلى الحوالات التي أرسلها المغتربون من أهل المدينة إلى أهلهم وذويهم، بالإضافة إلى انتشار المحلات التجارية داخل الأحياء السكنية، وسوق الأربعاء الذي يعقد كل أسبوع، ويعد من أكبر الأسواق التي تقام في قطاع غزة ولا ينافسه إلا سوق السبت الذي يقام في رفح.
الصناعة:
يتميز قطاع الصناعة في خانيونس بصغر حجمه إذ تسود الصناعات الخفيفة التي لا تحتاج إلى خبرات أو رؤوس أموال، مثل: صناعة الألبان، والخبز، والحلويات، وغزل الصوف، والتجارة، والحدادة، الورش المختلفة، وقد أقيمت صناعات أخرى، مثل: الصناعات الغذائية، الصناعات الكيماوية، السجاد والملبوسات، ومواد البناء، صناعة الأخشاب، أما صناعة الغزل والتريكو والأقمشة فقد ازدهرت منذ الخمسينات والستينات على أيدي أبناء المجدل وعسقلان الذين لجأوا إلى المدينة وأقاموا فيها بعد هجرة عام 1948م.
الزراعة:
يعمل قسم من أهل خان يونس بالزراعة وتربية الحيوان ومن أهم المحاصيل الزراعية في خان يونس الحبوب كالقمح والشعير، والخضار، بالإضافة إلى البطيخ، والشمام، والحمضيات، واللوز، والزيتون، والقصب.
أبرز المعالم السياحية والتاريخية
قلعة برقوق:
أنجز بناء القلعة في عام 789هـ-1387م، بنيت على شكل مجمع حكومي كامل، وهي حصينة متينة عالية الجدران، وفيها مسجد وبئر، أقيم نزل لاستقبال المسافرين، وإسطبل للخيول، ويوجد على أسوار القلعة أربعة أبراج للمراقبة والحماية. وكان يقيم في القلعة حامية من الفرسان وإلى وقت قريب حتى 1956م كانت معظم مباني القلعة الداخلية موجودة، ولكنها اندثرت تدريجيا، وبقيت إحدى البوابات والمئذنة و أجزاء من سور القلعة شاهدة على عظمة هذا الأثر التاريخي الهام .
مقام إبراهيم الخليل:
يقع في قرية عبسان الكبيرة وإلى الجنوب من المقام مباشرة توجد أرضية من الفسيفساء الملونة الجميلة ذات رسوم تنوعت ما بين طيور، أوراق نباتية، و لفائف زخرفيه، و كتابات و زخرفة الصليب المعقوف "المفروكة " و يرجع تاريخ هذه الأرضية إلى عام 606م.
تعرف على مدينة خانيونس السياحة والأثار
11 ديسمبر, 2020 02:04 مساءًفتح ميديا_خانيونس