من بين مثالب الموت وأنيابه التي مزقت كل مظاهر الحياة في غزة على مدى عامين تشوهت فيها القيم والمعاني وإنهارت الأرواح تحت وطأة النزوح والفقد والجوع.
ووسط كل تلك المعاناة، رسمت عملية الفارس الشهم مشهدا آخرا في حفل العرس الجماعي بمناسبة مرور 54 عامًا على وحدة دولة الإمارات العربية المتحدة، تلك الدولة التي بذلت منذ اليوم الأول للحرب على غزة كل جهدها في تقديم كل ممكنات الإغاثة ودعم صمود الناس في أرضهم.
العرس الجماعي الذي اشرف على تنفيذه لجنة اسناد الفارس الشهم وسط ركام وأنقاض مدينة حمد، استطاعت أن ترسم لوحة إنسانية ذات قيم إنسانية ووطنية نبيلة وسامية أهمها أن هذا العرس الجماعي تم فيه اختيار العرسان الفائزين عبر قرعة علنية عبر البث المباشر إمتازت بالشفافية والوضوح ولأمانة وهي القيم التي غابت وسط فوضى الحرب حين استشرت في معظم مظاهر حياة الناس قيم الأنانية والبلطجة والفوضى والاكتساب غير المشروع والنهب المنظم، فجاءت عملية القرعة العلنية قبل أيام من العرس الجماعي لتقدم مشهداً حقيقاً عن غزة ولغزة ولأهلها.
مشهد القرعة العلنية كان بقعة ضوء ساطعة وسط هذا الظلام الذي عاشه الناس خلال أشهر الحرب والمجاعة، مشهد يقدم صورة غزة التي غابت وسط فوضى القتل والجوع التي استشرت كما الوباء في جسد غزة .
المشهد الأخر هو ذلك الحضور الشعبي لمنتسبي تيار الاصلاح الديمقراطي لحركة فتح ووجهاء ومخاتير شعبنا، وعموم الناس وأهالي العرسان الذين طوّوا صفحة الحزن والوجع، وترجموا مقولة الختيار والأب الروحي لشعبنا الفلسطيني ياسر عرفات حين قال عن الفتحاويوين تحديدا وعن الفلسطينيين عموما انهم كطائر العنقاء، اسطوريون قادرون دوماً على النهوض بأبهى ألوانهم من وسط الرماد والركام، هذه الصورة التي تجلت بوضوح في العرس الجماعي بمدينة حمد، صورة ومشهد تستحقه غزة لأنه يشبهها ويمثلها، فالحفل كما غزة، جميلة رغم عذابها وقوية رغم جراحها النازفة .
ثمة مشهد آخر يستحق الوقوف عنده، وهو مشهد تفاني الإخوة في لجان الفارس الشهم ، فوسام الذي فقد والده وزوجته وبعض ابنائه، رغم ألمه لم يدخر جهده في إنجاح هذا الحفل بالشكل الذي يستحقه شعبنا، كذلك فعل عماد وعزام والكثيرين ممن لا يتسع المجال لذكرهم، رجال صدقوا في وفائهم لشعبهم، كما صدقوا في تضميد جراح المعذبين ومد يد العون لهم على مدى عامين في كل ساحة عمل .
هذا أيضاً ما فعله كوادر ومنتسبي تيار الاصلاح الديمقراطي لفتح، الذين تسابقوا في اعلان وفائهم لحق شعبهم عليهم في مسح دموع الألم عن المقل وفي فتح أفاق الأمل بتجاوز مأساة الحرب.
مشهد الحفل يعيد إلى الأذهان مشهدا آخرا لم يكن شعبنا وفصائل العمل السياسي قد اعتادت عليه حين أجرى تيار الاصلاح الديمقراطي لحركة فتح انتخاباته الداخلية على الهواء مباشرة، هكذا يعمل تيار فتح الاصلاحي، يقدم كل ما يعجز عنه غيره، يمشي بخطوات تشبه قيادة التيار، خطوات واثقة لا ترتجف، ترى المستقبل بعيون مليئة بالأمل بأننا قادرون ونستحق، هكذا يعمل التيار، يُرسخ القيم الوطنية ويُعلي القيم الإنسانية، يُعيد تضميد الجراح دون كلل او ملل ، ويؤمن ان غزة وشعبها وفلسطين وأهلها قادرون دوما على استنهاض أنفسهم ومداواة جراحهم، يعلمونا في كل محطات عملهم ان لفتح ولشعبنا تيار قادر على رسم معالم المستقبل بالشكل الذي يستحقه شعبنا .
لذلك فما حدث لم يكن مجرد عرس جماعي بل كان اكثر من ثوب وأكبر من فرح .
شكرا لدولة الإمارات على مجهوداتها ومبارك لأشقائنا الإماراتيين عيدهم الوطني والمجد والخلود لشهدائنا والتحية الممزوجة بالفخر بهذا التيار وقيادته ولجانه العاملة في كل أزقة غزة .