فتح ميديا-غزة:
طالب مجتمعون بضرورة توفير مناخات التسامح والتضامن والتآخي والحفاظ على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي في الظروف العصيبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده.
كما أوصوا بضرورة نشر السلم الأهلي وقيم الحوار والتسامح ونبذ العنف، وإنشاء هيئة تنسيقية تضم رجال الإصلاح والحكومة ومنظمات العمل أو هيئة وطنية لتعزيز السلم الأهلي مكونة من كافة القوى السياسية والمجتمعية كضمان لوحدة النسيج الاجتماعي وتلاحمه وتعزيز صموده، تعمل على تنفيذ تدخلات لجهة حفظ السلم الأهلي وصيانته، عبر التثقيف ورفع الوعي، والضغط والمناصرة، والوصول إلى المناطق الساخنة، وتعزيز لجوء المواطنين إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات، وتقديم الاستشارة والإرشاد النفسي والقانوني، وتشكيل مرصد مدني للجريمة والكراهية.
جاء ذلك خلال الورشة التي عقدتها الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، اليوم الأحد، بعنوان: “دور رجال الإصلاح في تعزيز السلم الأهلي”، بمشاركة رجال الاصلاح والمؤسسات الأهلية والرسمية والشخصيات الاعتبارية.
وافتتحت اللقاء المحامية أ. رنا هديب مرحبة بالحضور، ومؤكدة على أن رجال الإصلاح والعشائر من أهم مكونات المجتمع، فلهم مساهمة كبيرة في دعم مسيرة النضال الفلسطيني، ولهم دور في التصدي لكافة الإجراءات الإسرائيلية، كما أن لهم دور تكاملي مع الجهات ذات الاختصاص وخاصة الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار وحماية القيم والسلم الأهلي الاجتماعي.
وفي كلمة له قال د. علاء الدين العكوك مدير عام الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح، :”مجتمعنا الفلسطيني في ظل الحضارات التاريخية التي عاشها الشعب الفلسطيني للعشائرية حضور كبير في المجتمع، وكنا قبل أن نذهب للمحاكم نذهب للمخاتير، حتى تم إنشاء الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح، فلهم اسهامات في ميادين متعددة، وأبرزها الاجتماعي.
وبين أنها لها دور وانجازات كبيرة على صعيد الإصلاح الفردي، والأسري وعلى صعيد العشيرة، وهذا الجهد ملموس على أرض الواقع، وتعدى الأمر ذلك إلى حل النزاعات في الشارع، وبين المواطن وأجهزة الدولة من أجل الحفاظ على السلم الأهلي، حيث كان لهم بصمة واضحة، وأصبحت صمام الأمن والأمان للحكومة والمواطن.
وتابع العكلوك، حتى في ظل الانقسام الفلسطيني كان لنا موقف صارم، ولم ولن نتوانى عن أن نكون خداماً لأبناء شعبنا، لافتاً إلى أن أبواب الإدارة العامة لشئون العشائر والإصلاح مفتوحة ليلاً ونهاراً من أجل أداء الواجب الوطني والإسلامي الذي تحمله على عاتقها.
وأضاف: “الإصلاح بين الناس مهمة الأنبياء وفضل الله أن سخرنا لخدمة أبناء شعبنا والإصلاح بينهم لأن في ذلك أمر مه”.
وختم حديثه بالتأكيد على أن أمام الإدارة العامة لشئون العشائر والإصلاح معيقات جمة، لكن بالعزيمة والإرادة نحن ماضون بعون الله لخدمة أبناء شعبنا، حفاظاً على لحمة وتماسك أبناء شعبنا.
بدوره أكد م. حسني المغني ” أبو سليمان” المنسق العام للهيئة العليا لشؤون العشائر والإصلاح، على ضرورة تعزيز ثقافة التسامح والمحبة بين شرائح المجتمع الفلسطيني، وتعزيز ثقافة السلم الأهلي، والعمل المشترك على ترسيخ مفاهيم سليمة تعزز لغة الحوار وتقبل الآخر بعيداً عن العنف.
وأشار إلى أنه لا يجب أن ننسى أن غياب القانون والمحاسبة العادلة بين أفراد المجتمع من دون المحسوبية يعزز القيم والمفاهيم القديمة ومحاربة أي رغبة في التجديد وأن تفاقم مظاهر العنف والقتال والصراع المسلح الداخلي والفوضى والفلتان الأمني يهدد تماسك المجتمع، ويؤثر بشكل مباشر على استقرار المجتمع على كافة المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية فينتج عنها أضرار جسيمة تؤثر على مكونات النسيج الاجتماعي ويجب أن تعزز سلطة سيادة القانون حتى يكون المجتمع أمن ومستقر.
وبين أن للعشائر والمخاتير دور كبير وعظيم سواء على المستوى الحكومة أو التنظيمات أو الأفراد، فهم يعملون ليل نهار وفي كل الظروف، وينفقون من أموالهم ليقوموا بهذا الدور رغم عدم وجود رعاية كافية لهم.
وأشار المختار “أبو سليمان”، إلى أن العشائر والمخاتير ساهموا بحل أكثر 85% من المشاكل، بهدف الحفاظ على السلم الأهلي في ظل الظروف الصعب التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
وأكد، على واجب رجال الإصلاح الوطني والأخلاقي والقانوني في خدمة أبناء شعبنا، لافتاً إلى أن لجان الإصلاح والعشائر شكلَّت عملاً مُوحداً في المجتمع الفلسطيني.
وفي ختام حديثه وجه رسالة إلى إخواننا الأبطال في الداخل المحتل، داعياً لهم إلى الخروج عن صمتهم والتعاون فيما بينهم، ووقف القتل والدم وحالات القتل والعنف المتزايدة.
من جهته قال د. صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية “حشد”، أن هذه الورشة الهامة تنظمها الهيئة مع شركائها في الهيئة الوطنية العليا لشؤن العشائر والإدارة العامة لشؤن العشائر، تأتي في وقت نشعر فيه بالقلق الشديد من تزايد وتيرة العنف والقتل في الأرض الفلسطينية سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية أو مناطق 48، إذ لا يكاد يمر يوماً دون السماع عن حادثة قتل جديدة، أمام فشل رسمي يدعو للأسف في احتواء تداعي السلم الأهلي وانتشار ظاهرة الجريمة وأسباب تراجع مؤشرات السلم الأهلي.
وقدم إحصاءات مهمة لعدد ضحايا العنف حيث بلغت (176) قتيل في مناطق 48، و (43) منذ بداية العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورصدت الهيئة في عام 2022 مقتل ما يقارب (140) مواطن في الضفة وغزة في حوادث لها عالقة بسوء استخدام السلاح والشجارات العائلية والاعتداء على سيادة القانون؛ من بينها (55) حالة وفاة نتيجة شجار عائلي وقتل خطأ بينهم (44) في الضفة، و(11) في قطاع غزة، و(38) وفاة نتيجة عدم اتخاذ احتياطات السلمية، (47) توفوا في ظروف غامضة منها، كما شهدت حالات الانتحار والهجرة صعودا كبيراً.
وبين عبد العاطي أن استمرار وارتفاع وتيرة الجريمة هو نتيجة متوقعة لسياسيات الاحتلال الإسرائيلي ولغياب الإستراتيجية الوطنية المتكاملة للتعامل مع الإشكالية، ولتجاهل التحذيرات والتوصيات المتكررة من المؤسسات المدنية، وحصاد مر للانقسام وانتشار ثقافة العنف التي تغذيها الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعرج في حديثه حول مفهوم السلم الأهلي، والأسباب التي تهدد السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي في فلسطين، وأسباب انهيار السلم الأهلي، والأسباب التي تقف وراء حالة الاحتقان والتوتر الاجتماعي وتشكل بيئة حاضنة للعنف والتطرف.
وأكد عبد العاطي، على ضرورة الخروج من حالة التوصيف والتشخيص والتحليل إلى طرح الحلول والرؤى وإنفاذها، مطالباً بضرورة قيام كافة الجهات بأدوارها في حفظ السلم الأهلي والتماسك المجتمعي بما ينتج عنه مجتمع فلسطيني قادر على الصمود في مواجهة التحديات، وبلورة إستراتيجية وطنية شاملة.
وقدم عبد العاطي، مجموعة من التوصيات والمطالبات للمؤسسات الرسمية والأهلية والعمل على تجديد الفكر العشائري على قاعدة تعزيز منظومة القيم والعادات الإيجابية، ومناهضة جميع أشكال التعدي على الحريات والحقوق والانتقام الفردي أو الجماعي، وإنتاج ميثاق وطني يوقع عليه رجال الإصلاح والقضاء العشائري بما فيهم مجلس عشائري فلسطين، ويكون بمثابة مدونة سلوك تحدد ضوابط ومعايير السلم الأهلي ويتجاوز بعض السلبيات والعمل على تشكيل لجنة وطنية تضم في عضويتها المحافظين، الشرطة ، قضاة ومحامون وخبراء في العرف والقضاء العشائري لوضع مسودة تحتوي مجموعة من القواعد والأحكام العشائرية، وإصدارها بشكل نظام أو قانون يوزع على رجال الإصلاح والقضاء العشائري للعمل بموجبه في حل النزاعات والقضايا التي تحصل بين الناس.
ودعا إلى تفعيل دور القوى السياسية والشخصيات المجتمعية ورجال الإصلاح ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز ثقافة الحوار والتسامح فمن الهام أ تلتقي جميع القوى والشخصيات على قاعدة صيانة السلم الأهلي، لأن الجميع سيتضرر إذا استمرت حالة الاحتقان والفوضى، وسادت أجواء العنف والتطرف، مؤكداً على ضرورة إصلاح المنظومة التشريعية، وقيام جهات إنفاذ القانون من الأجهزة الأمنية وقطاع العدالة وفي مقدمته القضاء بدور حاسم في ملاحقة الجريمة والسلاح الخارج عن القانون، وعدم التهاون في ذلك، وقيام مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدور فاعل في نشر وتعزيز قيم السلم الأهلي والتماسك المجتمعي والمواطنة والحوار والتسامح ونبذ العنف.
وأشار عبد العاطي، إلى أهمية بحث أسباب الجريمة والمساهمة في تقديم حلول لها، مع إعادة بناء الخطاب الإعلامي الفلسطيني بحيث يكون مستجيباً لمحاربة ثقافة التعصب والكراهية ومواجهة التحريض على العنف والترويج له، وإقرار ميثاق شرف إعلامي حول السلم الأهلي، وتفعيل دور رجال الإصلاح في كافة المناطق والمحافظات، وتعزيز الشراكة الأمنية معها، وإشراك القطاع الأهلي والقطاع الخاص من خلال قيامه بدور أكبر في معالجة التدهور الاقتصادي والبطالة فهماً لعلاقتهما المباشرة بمستوى الجريمة.
وتخلل الورشة العديد من المداخلات والنقاشات والتوصيات والتي ركزت بمجملها على دور رجال الإصلاح والعشائر في الحد من المشاكل التي قد تقع في مجتمعنا، وعدم تفاقمها للحفاظ على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتطرق المجتمعون إلى المعيقات التي تواجه رجال الإصلاح أثناء قيامهم بالإصلاح ما بين المواطنين وخاصة في المشاكل الكبيرة التي قد يتعرض لها مجتمعنا وطرق تطويقها من قبل الجميع.