فلسطين اليوم تريد حلاً متوافقا مع الشرعية الدولية لا مجرد تهدئة مؤقته أو دائمة …!
تاريخ النشر : 23 يونيو, 2023 08:54 مساءً

فلسطين قضية القضايا العربية، والشرق أوسطية، والدولية على السواء، من لم يدرك ذلك بعد خمس وسبعين عاماً على صدور قرار الجمعية العامة رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين والقرار 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين والقرار 242 القاضي بإنسحاب (إسرائيل) من الأراضي المحتلة لعام 1967م، وحل مشكلة اللاجئين، والقرار 2334 القاضي بوقف الإستيطان وعدم شرعيته …
وسلسلة القرارات الأممية التي أدانت ورفضت الإستيطان الصهيوني وتغيير معالم الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967 م ، وبعد أن مارس الشعب الفلسطيني على مدى قرن كامل أو يزيد كافة أشكال النضال والمقاومة المسلحة والسلمية، ومقارعته للمستعمرة إسرائيلية في كافة المحافل الدولية، فإنه سيكون عاجزاً عن الفهم لطبيعة الصراع كونه مصدر رئيسي إن لم يكن الأول لمختلف مشاكل المنطقة العربية والشرق أوسطية وفي مقدمتها ما يسمى بالإرهاب، وبعد إنفراد أمريكي دام ثلاثين عاماً للإشراف على مفاوضات ثنائية إسرائيلية فلسطينية، بغرض التوصل إلى إتفاق سلام ينهي الصراع بين الطرفين، والذي وصل إلى فشل ذريع، وإلى طريق مسدود، بسبب التعنت والتطرف الإسرائيلي والطمع في التوسع على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وانكارها من جهة، والإنحياز الأمريكي الأعمى وعدم الرغبة الحقيقية لديه في فرض الحل من جهة ثانية، والشعب الفلسطيني بدوره يتمسك بحقه الكامل في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس…
فقد سئم الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وقيادته من هذا الإنحياز الأمريكي الأعمى، والتسويف والمماطلة الدولية في تفعيل الشرعية الدولية بينه وبين الكيان الصهيوني وشلها، ما دفع الشباب الفلسطيني إلى إطلاق إنتفاضته الشعبية والسلمية، والتي لم يجد سوى القليل من الوسائل البسيطة ليذود فيها عن كرامته، وعن حقه في العيش حراً كريماً في وطنه، قد أعاد بذلك إلى الأذهان المتجاهلة لحقائق الواقع، أن قضيته عصية على النسيان، وأنه يرفض الإستسلام والإذعان، ويبحث جاداً عن حقوقه المشروعة وعن الأمن والسلام له وللآخرين، رغم بطش العدوان الصهيوني المتصاعد في ظل حكومات اليمين المتطرف المتعاقبة وآخرها الحكومة التي انتجتها انتخابات 1 نوفمبر 2022 حكومة اليمين الصهيوني الفاشي التي لا تفكر سوى بالحلول الأمنية القائمة على القتل والبطش والإعتقال ونسف البيوت والتوسع الإستيطاني واطلاق يد المستوطنيين بإجتياح القرى والطرق وحرق الممتلكات والإعتداء على الآمنين، وسياسة الحواجز، والفواصل العنصرية، التي يمارسها الكيان بأبشع صورها، وإستمرار توسعه الإستيطاني، وتهديده للمقدسات الإسلامية، وسعيه لإقتسامها مكانياً وزمانياً، كل ذلك تمهيداً للسيطرة الكاملة والمطلقة عليها، كل ذلك أجج المشاعر الوطنية والقومية والدينية لدى الشباب الفلسطيني ودفعه للإنخراط في هبة وإنتفاضة جديدة ونوعية، أفقدت الكيان الصهيوني صوابه، وبدلاً من أن يستجيب للإرادة الدولية ولرغبات الشعب الفلسطيني في إنهاء إحتلاله ووقف سياساته، أخذ يبحث عن حلول أمنية وعسكرية من جديد اكثر بطشا ودموية ، ظناً منه أنه يثني ويكسر الشعب الفلسطيني وقيادته عن مطالبهم المشروعة، مستنجداً بحلفاءه الغربيين كالعادة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، للمساعدة في ما يسمى تهدئة الأوضاع، والضغط على القيادة الفلسطينية بل وتهديدها بالحصار، والإبعاد، ووقف المساعدات الدولية الغربية عن السلطة الوطنية، من أجل اضعافها والعودة بالوضع إلى ما كان عليه، ليستمر في سياساته الغاشمة القائمة على إنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومواصلة توسعه في بناء المستوطنات.
فلسطين اليوم، الشعب والقيادة تنتفض، لا يبحثون عن تهدئة، أو مزيداً من الثرثرة العبثية تحت مسمى مفاوضات وغيرها، إنهم يريدون اليوم حلا وبشكل محدد:
أولاً: توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومقدساته الإسلامية والمسيحية، من إجراءات وبطش الإحتلال واجتياحات مستوطنيه، وكف يده العابثة بأمن وحياة الشعب الفلسطيني ووقف سياسة الحصار والتجويع والإعتقالات والإعدامات التي يتعرض إليها أبناء فلسطين على الحواجز ونقاط التماس وغيرها، ووقف سياسة العقوبات الجماعية وهدم البيوت واحتجاز جثامين الشهداء والأسرى.
ثانياً: تفعيل الشرعية الدولية، وتدويل الصراع، وإنهاء الإستفراد الإسرائيلي الأمريكي بالشعب الفلسطيني، وصولاً إلى حل ينهي الإحتلال الإسرائيلي ويزيل الإستيطان والجدار، ويمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194.
دون تحقيق هذه الشروط في أي تحرك أو مسعى دولي سواء من الولايات المتحدة، أو من الرباعية الدولية، أو الأمم المتحدة بشكل عام ، فإن الهدوء والأمن والإستقرار لن يعود إلى فلسطين، بل سوف يتصاعد العنف، ولن يقف الشعب الفلسطيني حينها مكتوف اليدين، وستستمر الإنتفاضة والمقاومة الفلسطينية بكل الأشكال والوسائل حتى يذعن العالم بقواه المختلفة والكيان الصهيوني لمطالبه، ولن يقتصر أثر الإنتفاضة هذه المرة على الكيان الصهيوني، بل سيتأثر بها الجميع، وسيتردد صداها في كل العواصم العربية والدولية، إلى أن يفرض الحل المقبول فلسطينياً وعربياً ودولياً، وهذا سيشكل مدخلاً رئيسياً لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادره في المنطقة الشرق أوسطية.
فلسطين اليوم تريد حلاً متوافقاً مع الشرعية الدولية، لا تهدئة مؤقته أو دائمة ولا ثرثرة دولية بإسم إستئناف المفاوضات العبثية حول الصراع وتسكين الصراع ومنح مدد للإحتلال لإكمال مشاريعه العنصرية الإحلالية التوسعية والعدوانية على الشجر والحجر والبشر.