فتح ميديا- غزة:
يصادف اليوم الأربعاء، مرور 16 عاما، على الانقسام الفلسطيني، الذي يُلقي بظلاله السلبية على المشهد السياسي، فضلا عن تأثيره الشديد على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة بالذات.
وفي 14 يونيو/ حزيران لعام 2007، سيطرت حركة "حماس" على قطاع غزة، ومنذ ذلك الوقت والنظام السياسي الفلسطيني في الأراضي المحتلة يعاني من انقسام، عزّز حالة الفصل الإداري والجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية، والتي أوجدتها إسرائيل.
وعلى مدار السنوات الماضية، لم تفلح كافة الجهود التي بذلها وسطاء إقليميون من لمّ شمل الفلسطينيين، وتوحيد صفوفهم.
ومع بدء الانقسام، وسيطرة حركة حماس، فرضت إسرائيل حصارا مشددا على القطاع، تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية.
بداية الانقسام:
اندلعت الشرارة الأولى لحالة الانقسام بعد فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لعام 2006، بعد خلافات شديدة حول تشكيل الحكومة.
واستمرت الخلافات السياسية بين الطرفين إلى حين اتهام حركة "حماس" لـ"فتح"، بمحاولة الإطاحة بحكومتها، من خلال إحداث "مشاكل داخلية عنيفة".
واستدعت تلك الأحداث تدخل العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لتهدئة الأوضاع، فتم التوصل آنذاك لاتفاق مكة (فبراير/شباط 2007)، الذي نص على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ورغم الاتفاق، إلا أن الخلافات السياسية والميدانية لم تتوفف وتبادل أطراف الانقسام الاتهامات حول تعطيل تنفيذ الاتفاق.
وعلى مدار سنوات الانقسام، تدخلت عدد من الدول والأطراف الإقليمية للوساطة بين الحركتين، لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل يُفضي لتحقيق الوحدة الوطنية، ورغم توقيعهما لاتفاقيات في هذا الإطار، إلا أن تنفيذها لم يرَ النور.
أبرز هذه الاتفاقيات:
- اتفاق القاهرة (2012)
تم توقيعه في مايو/ أيار 2012، بالعاصمة المصرية، ونصّ على بدء مشاورات لتشكيل حكومة التوافق الوطني.
- إعلان الدوحة (2012)
تم توقيعه في فبراير/ شباط 2012، بالعاصمة القطرية، ونصّ على رئاسة محمود عباس للحكومة الانتقالية المقبلة، التي ستشكل من كفاءات ومهنيين ومستقلين، والتجهيز للانتخابات.
- لقاء عباس - مشعل (2013)
تم عقده في 9 يناير/ كانون الثاني، بالقاهرة، وجمع الرئيس عباس، مع الرئيس السابق لحركة حماس خالد مشعل، واتفقا خلاله على تنفيذ الاتفاقيات السابقة.
- اتفاق الشاطئ (2014)
تم التوصل إليه في منزل "هنية" بمخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة، ونصّ على تشكيل حكومة توافق وطني وتفعيل المجلس التشريعي وإصلاح منظمة التحرير، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني خلال ستة أشهر.
- اتفاق القاهرة (2017)
تم توقيعه في أكتوبر/ تشرين الأول، بالقاهرة، ونص على إجراءات لتمكين حكومة التوافق الوطني التي تم تشكيلها عام 2014، وضمان ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها في إدارة شؤون غزة، كما في الضفة مع تحديد سقف زمني لذلك، والعمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام.
- اجتماع بيروت (2020)
اجتمع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية في سبتمبر/ أيلول بمدينتي رام الله وبيروت اللبنانية، بشكل متزامن، واتفقوا على تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الداخلي، وتشكيل لجنة تقدم رؤية استراتيجية، خلال 5 أسابيع، لتحقيق إنهاء الانقسام، وتشكيل لجنة وطنية لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة.
- المرسوم الرئاسي للانتخابات (2021)
أصدر الرئيس عباس في يناير/ كانون الثاني، مرسوما حدد فيه السقف الزمني لإجراء الانتخابات الثلاثة، بحيث يتم إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/ أيار، والرئاسية في 31 يوليو/ تموز، والمجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب لعام 2021، لكنه أصدر مرسوما آخرا في أبريل/ نيسان من ذات العام يقضي بتأجيل الانتخابات، دون تحديد المدة.
** تداعيات الانقسام
الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، يقول:" إن تداعيات استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، ما زالت تُلقي بظلالها الخطيرة على القضية، ومجمل عموم الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة أو الشتات.
وأضاف إبراهيم، إن هذا الانقسام أثر على شكل النظام السياسي الفلسطيني، وأفضى إلى وجود سلطتين واحدة في غزة والثانية في الضفة.
ويوضح أن القرارات التي صدرت عن الحكومتين في غزة والضفة "مسّت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمنظومة القضائية والقانونية".
وذكر أن اختلاف المنظومة القضائية والقانونية في الضفة وغزة أثر على تطبيق وتنفيذ القوانين، إذ أن قوانين الضفة لا تسري على غزة والعكس تماما.
واستكمل قائلا: "شرّعت كتلة التغيير والإصلاح (كتلة حماس البرلمانية) بغزة عشرات القوانين التي لا تسري على الضفة".
كما أضر الانقسام، بحسب إبراهيم، بـ"سمعة القضية الفلسطينية، والمشهد الفلسطيني العام".
ويقول إبراهيم في هذا الصدد: "المشهد الفلسطيني الإنساني العام، خاصة في قطاع غزة، مأساوي، حالة الاستعصاء السياسي أثرت على كافة مناحي الحياة".
وأعلنت إسرائيل قطاع غزة عقب سيطرة "حماس" عليه "منطقة مغلقة"، وقررت فرض عقوبات مشددة وقيود على دخول الوقود والبضائع وحركة المواطنين.