تقدم إسرائيل أنموذجا مغايرا لكل نماذج الدول من حيث ترتيب الأولويات وثباتها ،فإسرائيل نشأة بفعل القوة والحرب، ولذلك سعت إلى إمتلاك عناصر القوة وتحولها لدولة قوة وسط إقليم ومنظومة دول عربية تعرف انها لا تنتمى لها، ومن ناحية ثانية تعرف وإن لم تعلن وتعترف ان هناك شعب فلسطينيا تحت إحتلالها ، ومن ناحية ثالثة أنها تؤمن بالمطلق لا وجود لدولتان على نفس الأرض إيمانا منها أن قيام الدولة الفلسطينية يعنى بداية النهاية لها كدولة وسقوط لكل رواياتها وسردياتها والإعتراف انها محتلة وهو ما يعنى أنه ليست صاحبة أرض. . وفى هذها السياق تجب أولوية ألأمن والبقاء أي أولوية أخرى حتى لو كان السلام مع الدول العربية . ولتحقيق غاية ألأمن والبقاء سعت إسرائيل إلى العديد من الآليات والوسائل على كافة الصعد والمستويات وأولها المستوى الداخلى وهنا الحرص على يهودية الدولة ، وجلب اكبر عددمن اليهود وبناء إقتصاد وبنية عسكرية قويه ومتابعة تطورات القوة ،واتنمية التعليم ومراكز البحث ووالإعتماد على بنية أمنية وإستخباراتيه متطورة . وإدراك ان قوة إسرائيل بقدر سيطرتها على الأرض وإستيطانها وتهويدها وتبنى نظاما سياسيا برلمانيا وليس رئاسيا لأن هذا النظام يستجيب لحالةالتعددية الحزبية والتنافس على الحكم وتفادى ديكتاتورية الشخص الواحد وقد يحقق لها درجة من المرونة السياسية والإحتكام دائما للإنتخابات كوسيلة لتفادى الصراعات السياسية.. والخلاصة في هذا المستوى تحويل السرديات الصهيونية إلى حقائق على الأرض.فى هذا المستوى يمكن القول أن إسرائيل نجحت إلى مدى بعيد في بناء القوة الشاملة وإن تواجه اليوم تحديات كبيرة بعد تولى حكومة نتنياهو السادسة وإدخالها للإصلاحات القضائية التى قد تغير بنية العلاقة بين السلطات الثلاث. والمستوى الثانى لتحقيق غاياتهاوهو الأقرب لها والذى يعيش في داخلها ولا يمكن تجاهله المستوى الفلسطيني ، وهنا تتعدد الوسائل. فإسرائيل تدرك أن أمنها وبقائها الحقيقى مرتبط بنجاحها في التعامل مع هذا العنصر.وتقوم الإستراتيجية الإسرائيلية على التعامل على عدة محاور في نفس الوقت. وتتدرج هذه المحاور بدءا من المستوى الرئيس وهو القضية الفلسطينية ، وهنا العمل في محورين الأول الفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل والتعامل معهم على أنهم مجرد أقلية لها حقوقا لا تصل لحد الإندماج الإندماج ، فالأساس لإسرائيل يهودية الدولة وهذا العامل يشكل قلقا دأئما لها من ناحية لزيادة العدد السكانى ومن ناحية يبرز الجانب العنصرى لها وعدم مصداقية ديموقراطيتها وغياب مفهوم المواطنة الواحدة .والمستوى الثانى المتعلق بالقضية والتعامل مع أكثر من خمسة مليون نسمه يعيشون تحت الاحتلال الذى لا تعترف به ، وتقوم بالعمل على تفكيك القضية الفلسطينية والعمل عيى حسم القضية وخصوصا في ظل الحكومة الحالية التي تقوم على غلبة البعد القومى والإستيطانى والتهويدى وحسم ملف القدس ورفض فكرة الدولة الفلسطينية وأقصى ما يمكن ان تقبل به سلطة حكم ذاتى بسلطات موسعة او القبول بفكرة الدولة البرتوكولية دون السيادة وتعميق حالة الإنقسام السياسى وتحولها لحالة سياسية منفصلة فهى الأقرب للحيلولة دون فكرة الدولة ، والعمل في إتجاه الوطن البديل في ألأردن تحت مقترحات الفيدرالية .وتفريغ مفهوم المقاومة الكاملة وإضعافها وربطها دائما بالعنف والإرهاب. وخلاصة القول التعامل مع هذا المستوى وكما أشار نتنياهو في اكثر من تصريح له على ان الفلسطينيين مجرد جماعات وفدت من الدول المجاورة ولها بعض الحقوق الاقتصادية والإجتماعية . والركيزة الثانية للغايات القومية الإسرائيلية على المستوى العربى بتوسيع عملية التطبيع والسلام الشامل والحيلولة دون وجود دولة عربية قوية ، فالأساس ان إسرائيل تقدم نفسها انها الدولة المحورية ودولة القوة القادرة على تحقيق أمن المنطقة ، ويمكن القول أنخا نجحت إلى حد كبير في هذا السياق ، بعلاقات السلام التي أقامتها مع اكثر من دولة عربية ، وبعدم النظر لإسرائيل انها تشكل العدو كما كان في السابق, وتقوم السياسة الإسرائيلية أيضا على تفكيك فكرة الدولة العربية الكبرى أو فكرة الدولة المحورية. . والغاية الثانية إقليميا وتتمثل في منع بروز الدولة الإقليمية القوية المالكة للسلاح النووي كما هو الحال مع إيران وتقليص قوتها وتواجدها في المناطق المجاورة . والغاية الأخرى دوليا وتتعدد وأبرزها التحالف الإستراتيجى الثابت مع الولايات المتحده وهى غاية مثبتة منذ المؤتمر الصهيوني الأول 1895 والذى ربط بين تحقيق أهداف الحركة والتحالف مع الدولة الأقوى دوليا. وهذا التحالف لا يمنع من بناء تحالفات دولية أخرى كما أوروبا والصين ووروسيا والهند وغيرها. الأساس في الغايات القومية الإسرائيلية القلق الدائم الذى تعيش فيه إسرائيل من منظور الأمن والبقاء ولذلك تقوم اإستراتيجتها القومية على مبدا القوة الشاملة وأولويات الخيارات العسكرية حتى على أولويات السلام.وتدرك إسرائيل أن بقائها مرتبط بقوتها وضعف الأخر. فلا يمكن لإسرائيل أن تتعايش مع مبدأ القوة.وضمن بقاء إسرائيل ضمن حدود آمنه ومعترف بها وتتبنى مهوم الحدود الواسعة وهذا أحد أسباب رفض الدولة الفلسطينية بالمكطلق من منظو رالحدود.وتتبنى مفهوم الحدود الحيوية التلى تشمل كل الشرق الأوسط والعالمين العربى والإسلامى.
إسرائيل والغايات القومية
تاريخ النشر : 05 يونيو, 2023 06:07 صباحاً