شيخ المناضلين أبو علي شاهين
تاريخ النشر : 27 مايو, 2023 04:06 مساءً

ولد القائد عبد العزيز علي شاهين في العام 1941 في قرية بشيت "قضاء الرملة" مر بظروف استثنائية فجلعت منه رجل اسئنائي، إستشهد والده وأعمامه أمام ناظريه، وأنتقل من بلده أجداده بشيت مع من تبقى من عائلتة الى رفح عام 1949 وخاض تجربة استثنائية في حياته وإستشهد خمسة من أعمامه بين عامي 1956-1957 ودفنوا في قبر جماعي في مدينة رفح و رأى بعينه إجرام الصهيونية وإرهابها الدموي الذي يفتك بشعبنا وأنها سبب كل بلاء والسبيل الوحيد لمواجهتهم هي الإرادة والصلابة والتوجه للكفاح المسلح.

أنهى دراسته عام 1960 "مساعد صيدلي" وسافر إلى السعودية وقطر للعمل، وبدأ برسم معالم الثورة فكان من أوائل من أسسوا حركة فتح مع رفاق دربه ياسر عرفات وأبو جهاد وأبو إياد، وعاد إلى رفع عام 1967 متفرغاً بأصرار لتشكيل الخلايا الفدائية لمقاومة المحتل في جنوب الضفة الغربية وقطاع غزة، متنقلاً بين القرى والجبال إلى أن تم اعتقاله في 25 سبتمبر عام 1967 ليشكل نموذجاً أخر في النضال الفلسطيني داخل سجون الإحتلال ويكسر إرادة السجان ويبدع في إبتكار طرق لمواجهته من داخل الزانزين.

خرج من سجون الإحتلال 23_9_1982 واستقبله أبناء شعبه بحفاوة كبيرة، مما أخاف الاحتلال من مكانته بين جماهيره فقاموا بفرض الإقامة الجبرية عليه وفرض توقيعه يومياً الساعة العاشرة صباحاً، ومع ذلك كان يذهب كل يوم بعد التوقيع إلى الضفة الغربية لمواصلة دربه، في تأسيس الشبيبة الفتحاوية والخلايا الثورية لحركة فتح.

في عام 1985 قام الإحتلال بنفي القائد أبو علي شاهين إلى جنوب لبنان ومن ثم إلى الأردن ليصبح مسؤول مفوضية التعبئة والتنظيم وثم أبعد إلى العراق واستلم مفوضية التعبئة والتنظيم والملف العسكري لحركة فتح، وعاد الى لبنان حيث مارس عمله النضالي والفكري و عُين بعد ذلك أميناً لسر القيادة في الساحة اللبنانية من نوفمبر 1986م وحتى ديسمبر 1987م، بعدها توجه إلى تونس مقر القيادة الفلسطينية حيث عمل في القطاع الغربي من شهر كانون الثاني 1988م وحتى شهر سبتمبر 1993م مسؤولاً في جهاز الأرض المحتلة وقاد العمل المسلح مع الشهيد أبو جهاد الوزير.

إنتخب أبو علي شاهين عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح أثناء انعقاد المؤتمر الخامس للحركة في مدينة تونس عام 1989م .
عاد إلى أرض الوطن في 11-10-1995 بعد توقيع إتفاقية أوسلو وتأخرت عودته بسبب معارضته لها، وفي بداية عام 1996م انتخب أبو علي شاهين عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة رفح وحتى يناير 2006م .

و كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني من عام 1996م وحتى يناير 2006م ، كذلك عين وزيراً للتموين من الفترة 1996م وحتى مايو 2003م.

وشغل العديد من المواقع القيادية داخل حركة فتح التي انتمى اليها وساهم في تأسيسها وعشقها وأخلص لمبادئها.

في حصار الشهيد أبو عمار، كان أبو علي شاهين دائم الإتصال به وبمن حوله للإطمئنان على صحته وضرورة وقوف من حوله بجانبه ودعمه في مواجهه الإحتلال، وحاول عدة مرات السفر إليه لكن الإحتلال الإسرائيلي كان يرفض ذلك، حتى إستشهاد أبو عمار بذل كل جهده ليسافر للضفة لوداعه إلا أن الاحتلال رفض منحه تصريح وأمضى ثلاث أيام في خيمة عزاء الشهيد أبو عمار يتقبل العزاء وهو مفتور الفؤاد على وادع صديق عمره، وبعد وفاة الرئيس أبو عمار تفرغ للكتابة ورفض أى منصب وزاري عرض عليه.

طوال فترة مرضه لم يتوقف عن الكتابة أو التحليل السياسي، فكان صانع للمواجهة ولا يهاب أحد ولا يخاف لومة لائم، ولم يثنيه شئ عن قول رأيه بكل شجاعة وظل يكتب ويعبر عن رأيه وينتقد الجميع، ووصفه قادة فتح بأنه كان الأسبق في الإستشراف و التحليل و التقدير، وكان خبيراً في خبايا و خفايا حركة فتح.

في مقابلة شهيرة على موقع قناة العربية قال فيها : “إن الذي لا يرى الغد على حقيقته يجب ألا يقود، وكذلك الذي يعبث بتاريخ الدم الفلسطيني الفتحاوي، تاريخ العطاء، تاريخ بذل الذات وتعريضها للتضحية منذ غرة 1965م، هؤلاء يجب ألا يقودوا، إن استمرار وجود هؤلاء على رأس العمل القيادي إنما مضرة تضر بنا جميعًا، على الأغلبية الساحقة من هؤلاء أن يرحلوا بعيداً، فلم يعد وجودهم حياديا، بل أصبح وجودهم مضرة ما بعدها مضرة “.

كان شيخ المناضلين أبو علي شاهين من أوائل من دعم وساند القائد محمد دحلان وثلة من قادة وأبناء حركة فتح، على تشكيل توجه إصلاحي داخل حركة فتح يدعم ترفيع الجيل الجديد ومطالبة الحرس القديم بفتح المجال أمام القادة الجدد، لمواجهة سياسية التفرد التي كانت تمارسها اللجنة المركزية لحركة فتح.

ذهب في رحلة علاج في الخارج ثم عاد إلى قطاع غزة، وكان المرض يصارعه وإنتصر بإرادته عليه لكن القدر فاجئه في صباح يوم الثلاثاء الموافق 28_5_2013 لتفارقنا روح شيخ المناضلين إلى بارئها بعد مسيرة عظيمة من النضال وتوارى ثراه في مدينة رفح.

آمن شيخ المناضلين القائد الفلسطيني أبو علي شاهين بأن التسلح بإرادة القوة يختصر الطريق إلى القدس وأن روح الثورة يجب أن تستمر وأن النصر هو راية المناضلين جيلاً بعد جيل.

رحل أبو علي شاهين جسدا وبقيت روحه تعانق الأرض وتملأ أفاقنا بتراثه الفكري ورواياته النضالية تاركاً لنا أرثاً ومخزون ثقافي وسياسي وأغنى المسيرة التربوية والأكاديمية بأكثر من 30 رسالة ماجستير ودكتوراة وفي مجال الأدب لا سيما في الرواية والقصة والشعر والنثر وكاتباً ومفكراً ومحلالاً سياسياً كتب العديد من المقالات والمعالجات السياسية والفكرية.

كان يوصف ب ضمير حركة فتح، لتواضعه وعفته وزهده وهو صاحب الكلمة الشجاعة والهادئة والثورية في أن واحد، لايخشى أحد ويتعامل مع الجميع بمنطق الوطنية ولمصلحتها، فكانت أرض فلسطين و مقدساتها وحجارتها هاجسه الأول والأخير.

جُمع بشخصيته النضالية بكل أبعادها السياسية والعسكرية والجماهرية والوطنية والفكرية والثقافية.

شيخ المناضلين أبو علي شاهين زيتونة فلسطين التي ما زالت تثمر...
لروحك السلام أيها الفدائي الثائر والمناضل الخالد.