ملاحظات غير "خادشة" لـ "قمة جدة" المبشرة!
تاريخ النشر : 21 مايو, 2023 04:51 صباحاً

انتهت قمة جدة في يومها الأخير، بزمن ربما هو الأقصر في تاريخ القمم العربية، فمن حفلة الاستقبال "الجديدة" التي نفذها الأمير الشاب محمد بن سلمان، كمظهر لتكريس زعامته الخاصة، الى كلمات سريعة لم تشمل الحاضرين جميعا، الى مغادرة حاكم عربي حضر من باب "المجاملة الشخصية"، حتى الاهتمام الأبرز بالرئيس السوري بشار الأسد... مشاهد خطفت بعضا من ضوء اللقاء العربي الطارئ.

"إعلان جدة" وقرارات القمة العربية في الدورة 32، شكلت خريطة سياسية عامة لمختلف القضايا المعقدة، ولوحة لما تعيشه بلادنا التي تبحث نورا سياسيا بعدما أصابتها أمريكا بمرض الفتنة السامة، وخاصة ما يتعلق بآثار مؤامرة التقسيم – التبديل عام 2011، ما يتطلب نقلة تغيير جذري في الفكر والممارسة، ووضع اليد على المرض الحقيقي وليس ما يشبه المرض.

خريطة "إعلان جدة" وقرارات القمة خطوة لبداية قد تفتح الباب لمعالجات المشاكل من جذورها، بدلا من طريقة لم أسمع ولا أرى، التي سادت كثيرا من القمم العربية السابقة، رغم أنها خريطة لم تحمل وضوحا في "آليات العمل المحددة"، كي يكون لها عجلات تقودها نحو الحركة الغائبة منذ زمن بعيد.

القضية الأبرز التي تناولتها قرارات القمة و "إعلان جدة"، كانت القضية الفلسطينية حيث شملها مجموعة منها، غطت مختلف جوانبها في التوضيح والشرح، ودعما في بعض جوانبها، وتأكيدا لمواقف تتجه نحو فعل لم يتم كشف حقيقته، ما يتعلق بالجنائية الدولية والعدل الدولية، فيما كان لها قرار واحد بآلية محددة ما يتعلق بدعم طلب فلسطين تعزيز مكانتها في الأمم المتحدة من عضو مراقب الى دولة كاملة العضوية.

ولكن، مسار الحديث عن القضية الفلسطينية رغم النصوص الإيجابية، وبعضها جيد جدا، أصابها بعض ارتعاش في محطات هامة، بغياب مسائل جوهرية عن "إعلان جدة"، لا نعرف هل كان قصورا من "الرسمية الفلسطينية" أم عدم قبول من "الرسمية العربية"، ومنها:

* غياب كلي لطلب فلسطين الذي تقدم به الرئيس محمود عباس حول تعليق عضوية دولة الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة، الى حين الالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وكل ما التزمت به كتابة حول القضية الفلسطينية، بما فيها الاعتراف بمنظمة التحرير.

* غياب تحديث "مبادرة السلام العربية"، وفقا للتطورات التي حدثت منذ عام 2002، تاريخ إعلانها وعام 2023، حيث كسرت بعض الدول العربية الشرط المركزي في المبادرة للسلام مع دولة الكيان.

* غياب تحديد العلاقة بين عجلة التطبيع السائرة والتزام دولة الكيان بما ورد في "قرارات القمة" حول فلسطين.

* غياب آلية عمل حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، الى جانب قرار التأييد للجهود السابقة، لكن مخاطر استخدام إسرائيل للانقسام ضد المشروع الوطني، ومنع قيام دولة فلسطين، وتعزيز الحكم الانفصالي في قطاع غزة، كان يتطلب معالجة مختلفة، وجريئة لأخطر أسلحة العدو ضد القضية الوطنية الفلسطينية.

* غياب الإشارة لمسألة توفير الحماية الدولية لشعب فلسطين وفقا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يتطلب من إجراءات محددة.

* غياب آلية متابعة دعم فلسطين في الأمم المتحدة والجنائية الدولية والعدل الدولية، وكان لها أن تعتبر اللجنة المكلفة بقضية عضويتها، لجنة عامة لمختلف جوانب القضية الفلسطينية، وليس لجانب منها.

* غياب آلية وبرنامج دعم القدس، مؤسسات وأهل في مواجهة التهويد والتطهير العرقي والتمييز العنصري.

كان يجب أن يكون نقلة نوعية في ظل "قمة مبشرة"، التعامل النوعي المستحدث مع القضية الفلسطينية، بعيدا عن نسخ كثيرا مما كان، ولم ير نورا حتى تاريخه.

والى جانب غياب ما كان يجب ألا يغيب فلسطينيا، نالت بعض "الخدوش" من قمة جدة، التي ما كان لها أن تكون، فغياب بعض قادة العرب كان خدشا لها، بأمل العمل السريع لعلاجه، من أجل الذهاب قدما لتنفيذ قرارات، وخلق آلية عمل تعيد الاعتبار للقمة ومؤسستها، رئاسة وجامعة.

حضور الرئيس الأوكراني لم يكن حدثا مشرقا، بل خدشا مباشرا نال منها، دون داع أو سبب موضوعي، أن تمنح شخصية يهودية من غلاة أنصار دولة الكيان، وكراهية لشعب فلسطين منصة في القمة ليتحدث ضد دولة تاريخيا شكلت جدار حماية للمصالح العربية، بل أن التغيير السائر في العربية السعودية، لفك ارتباط التبعية الطويل والتحرر من بلطجة طال زمنها، لم يكن ليكون دون روسيا والصين.

خدوش نالت من قمة جدة، يجب العمل، وسريعا لمعالجتها بطرق مبتكرة، بعيدا عن "التعصب الذاتي" أو ردود فعل شخصية، لو حقا يراد تقديم مشهد عربي جديد، جوهرا وشكلا.

ملاحظة: يوما بعد آخر يصبح النداء الوطني حول هيبة منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية، اكثر من ملح لو أريد لها البقاء والحماية من خطر الانهاك على طريق الاستبدال...صورة وفد فلسطين في قمة جدة رنة جرس للفصائل كافة بما فيها فتح..اصحوا قبل ندم لا ينفع معه ندم!

تنويه خاص: قيام أمن الحركة الحاكمة في قطاع غزة المعروفة إعلاميا باسم "حماس"، الاعتداء على شباب الجهاد بعد مهرجان "ثأر الاحرار" كشف هلعا بما أصابها بعد معركة "الأيام الخمسة"..عظام بطنها بدأت تكركع.