الحرب على غزة والاغتيالات الستة
تاريخ النشر : 17 مايو, 2023 08:27 مساءً

مما لا شك فيه أن حركة الجهاد الإسلامي قدمت معركة عسكرية وسياسية وإعلامية كبيرة على مدار خمسة أيام نالت إعجاب الشارع والمختصين والمتابعين لكن ثمة سؤال يردده كثيرون: كيف تمكنت إسرائيل من اغتيال ستة من كبار قادة الحركة وصناع قرارها العسكري خلال وقبل المعركة ؟؟

من حيث المبدأ، هذا السؤال هو نابع من حرص جموع شعبنا وأمتنا على سلامة هؤلاء قادة المقاومة والجهاد وهو من باب الحب والوفاء لهم ولتضحياتهم.

حول الاغتيال الأول الذي شمل ثلاثة من القادة الكبار والمهمين والمؤثرين بالحركة، هو جاء مفاجئا وغادرا من العدو الصهيوني، حيث وجه ضربة للقائد جهاد الغنام والقائد خليل البهتيني والقائد طارق عز الدين بعد أيام من اتفاق تهدئة رعته جهات دولية، وبالتالي هم مارسوا بعد أيام من انتهاء الرد على استشهاد الشيخ خضر عدنان حياتهم شبه الطبيعية التي يعيشها قادة المقاومة في حالات الهدوء، واستغلت إسرائيل هذا الوضع لتوجيه ضربة عسكرية للقادة الثلاثة وارتقوا شهداء في منازلهم، وبالتالي نستنتج هنا أن إسرائيل لم تنجح أمنيا في تحقيق اغتيالهم قبل العودة إلى منازلهم، لأنهم لم يستهدفوا في أماكن أمنية أو مخفية، وهذا يؤكد أن الإجراءات الأمنية التي كان يتخذها القادة الثلاثة حالت دون اغتيالهم أثناء الرد على اغتيال الشيخ خضر وانتظرت إسرائيل حتى ينهي القادة الاجراءات الأمنية التي اتخذوها ويعودوا إلى منازلهم، وتم قصف منازلهم بعائلاتهم لضمان التأكد من اغتيالهم، إذ لا إنجاز أمني في توجيه ضربة أمنية للجهاد قبل المعركة، لأن إسرائيل اتبعت سياسة الغدر لتحقيق إنجاز ضد القادة الثلاثة.

اما حول عمليات الاغتيال الثلاثة المتبقية التي جاءت خلال معركة ثأر الأحرار، فهي نفذت بحق القائد إياد الحسني والقائد علي غالي والقائد أحمد أبو دقة، وهم قادة كانوا يديرون المعركة ويصدرون أوامرهم للتشكيلات العسكرية المختلفة، وبالتالي هم يمارسون عملا ميدانيا متحركا يحتم عليهم البقاء على اتصال بمختلف الطرق مع القادة الميدانيين، في كل حرب يتعرض الإخوة الذين يتكفلون بمهماتهم لخطر الاغتيال، وكلنا يذكر ارتقاء ثلة من القادة الشهداء من مختلف الفصائل خلال معركة سيف القدس وحربي 2012- 2014.

إن اغتيال القادة الثلاثة في سرايا القدس خلال معركة ثأر الاحرار يؤكد أن قادة السرايا على رأس عملهم لم يركنوا إلى مأوى يخفيهم ولم يتخلوا عن مسؤولياتهم الميدانية، وهذا شيء مبشر بأن قادت في قلب المعركة.

الجميع كان يأمل بأن لا تنجح إسرائيل في أي اغتيال أو تحقق أي إنجاز، ولكن لكل حرب ثمن يدفع أمام عدو يمتلك يدا عليا فيما يتعلق بالعمل الأمني الاستخباري الذي يعتمد على التكنولوجيا، فهو من الدول الأكثر نجاحا في هذا المجال، وثمن هذه المعركة كان دماء قادت الجهاد وعائلاتهم دفاعا عن شعبنا وقدسنا وأسرانا وكرامتنا.. فطوبى لهؤلاء القادة الكبار ورحمهم الله .

وبالتأكيد، فإن المقاومة وقادة الجهاد الأمنيين والعسكريين سيستخلصون العبر من هذه المعركة لتفادي أن تُمنح إسرائيل أي فرصة لتحقيق إنجاز أمني أو عسكري ضد قادة الحركة ومقاومتنا في المستقبل.

في المقابل أخفقت إسرائيل أمنيا في توجيه ضربات عسكرية لقدرات السرايا والمقاومة العسكرية، وفشلت في أن تمنع أو تغتال عشرات المجموعات في مختلف مناطق ومحافظات قطاع غزة ، والتي أوكل إليها تنفيذ مهماتها العسكرية رغم أن هذا الهدف كان على مدار الحروب والمعارك السابقة واحدا من أهم الأهداف لإسرائيل، وهو أن تدمر الصواريخ التي تصل إلى منطقة وسط البلاد " تل ابيب"، حيث أن الاستهدافات لمجموعات المجاهدين الذين كلفوا بإطلاق الصواريخ كانت ضئيلة جدا أو أقرب إلى الصفرية حسب البيانات المعلنة من قبل سرايا القدس، وهذا نجاح يحسب للجهاز العسكري للحركة الذي استطاع أن يعمل على بناء هذه القدرة الصاروخية التي تحتاج إلى عمل وجهد كبيرين ووقت طويل بعيدا عن أي تعقب إسرائيلي واستخباري يمكنه من تدميرها قبل الإطلاق رغم ما يمتلكه العدو من تكنولوجيا ، وبالتالي نجحت سرايا القدس نجاحا أمنيا كبيرا في حماية مقدراتها العسكرية والصاروخية والبشرية التي كلفت بالإعداد للمعركة وكلفت بتنفيذ مهام الإطلاق اثناء المعركة وبرهنت فعليا على ذلك بتوجيهها قبل دخول وقف إطلاق النار بدقائق قليلة ضربة صاروخية إلى منطقة وسط البلاد "تل ابيب"، ما يعني الفشل الكبير لهدف إسرائيل بتدمير هذه القدرات.

لا يخفى على أحد أن لكل حرب ثمنا، وثمن هذه الحرب كان دماء قادات السرايا وعائلاتهم دفاعا عن شعبنا وقدسنا وأسرانا وكرامتنا.. فطوبى لهؤلاء القادة الكبار.