فتح ميديا - وكالات:
لقي اتفاق وقف النار المعلن لمدة 3 أيام في السودان التزاماً جزئياً في الخرطوم، مع بدء سريانه، أمس الثلاثاء، فيما يتسارع إجلاء الرعايا الأجانب، ويتراجع الأمل بعقد مفاوضات بين طرفي الصراع، وسط اتهامات روسية لأطراف خارجية بتأجيج الأوضاع.
مئات القتلى
وبعد 10 أيام على المعارك التي خلّفت أكثر من 459 قتيلاً وما يزيد على 4 آلاف جريح حسب الأمم المتحدة، استهدفت طائرات الجيش مواقع لقوات الدعم السريع في ضواحي الخرطوم، فردت الأخيرة باستخدام أسلحة ثقيلة، وفق ما روى شهود. واستهدفت غارات جوية جديدة مركبات لقوات الدعم السريع شمالي الخرطوم، حسب شهود آخرين.
وقالت قوات الدعم السريع، إنها سيطرت على مصفاة ومحطة كهرباء على بعد 70 كيلومتراً شمالي الخرطوم حسب مقطع فيديو نشر الثلاثاء. وأبلغ الجيش عبر فيس بوك عن تحرك كبير لقوات الدعم السريع نحو المصفاة من أجل الإفادة من الهدنة والسيطرة عليها.
وتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو الملقّب "حميدتي" الاتهامات بخرق وقف النار.
لا مفاوضات قريبة
ومن وجهة نظر الأمم المتحدة، فإن المؤشرات لا توحي بإمكانية عقد مفاوضات قريبة بين الطرفين.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس أمس الثلاثاء في اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، إن الطرفين المتحاربين ما زالا مقتنعين بأن "تأمين نصر عسكري على الآخر ممكن" وأن أياً منهما "غير مستعد للتفاوض بجدية". وقال بيرتس، متحدثاً إلى المجلس من مدينة بورتسودان "هذا خطأ في التقدير".
وقال المبعوث الأممي، إنه على اتصال منتظم مع القائدين المتناحرين اللذين يقاتلان من أجل السيطرة على الدولة.
ومنذ اندلاع القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع والاتهامات مستمرة بحق الطرفين، وندد بيرتيس أمس الثلاثاء بـ"تجاهل قوانين الحرب وقواعدها" في الصراع الدائر في هذا البلد والذي شهد استهداف مدنيين ومستشفيات.
وقال أمام مجلس الأمن الدولي، "الطرفان المتحاربان يتقاتلان في تجاهل لقوانين الحرب وقواعدها وهاجما مناطق مكتظة بالسكان دون اعتبار للمدنيين أو المستشفيات أو حتى لمركبات تنقل جرحى ومرضى".
"أكبر عملية إنقاذ"
ومع استمرار الصراع تسارع الدول إلى إخراج رعاياها من الخرطوم، وأعلنت وزارة الخارجية السعودية، اليوم الأربعاء، أن سفينة تقل 1687 مدنياً من أكثر من 50 دولة فروا من العنف في السودان قد وصلت إلى السعودية، في أكبر عملية إنقاذ من نوعها تُنفذها المملكة حتى الآن.
والمجموعة تمّ نقلها "من خلال إحدى السفن التابعة للمملكة"، حسبما قالت وزارة الخارجية في بيان، مؤكدةً حرص المملكة على "توفير كامل الاحتياجات الأساسيّة للرعايا الأجانب تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم".
وأجلت ألمانيا ودول أخرى أمس الثلاثاء مواطنيها، وكذلك رعايا دول أخرى إلى الأردن. في غضون ذلك، بدأت بريطانيا إجلاء رعاياها بعد 3 أيام على إخراج دبلوماسييها من البلد.
وتمكن أكثر من ألف من مواطني دول الاتحاد الأوروبي من المغادرة، وأعلنت فرنسا الثلاثاء أنها أجلت 538 شخصاً بينهم 209 فرنسيين. وتمكنت أوكرانيا من إخراج 138 شخصاً من السودان، بينهم 87 من مواطنيها.
من جهتها، أعلنت طوكيو أنها أجلت "جميع اليابانيين الذين كانوا في الخرطوم" وأرادوا المغادرة.
وأعلنت وزارة الخارجية الهولندية مساء الثلاثاء، أن طائرة على متنها 104 أشخاص تم إجلاؤهم من السودان هبطت في مطار أيندهوفن بجنوب هولندا. وقالت الأمم المتحدة، إن نحو 700 موظف أممي وفي المنظمات غير الحكومية والسفارات "تم إجلاؤهم إلى بورتسودان".
وقتل 5 عمال إغاثة في المعارك فيما تم إجلاء عشرات آخرين من دارفور إلى تشاد.
اتهامات روسية
وترى روسيا، أن العديد من اللاعبين الخارجين "قاموا بشكل مصطنع بتعجيل" عملية نقل السلطة إلى القوى المدنية في السودان. وقالت نائبة المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة أنا يستغنيفا، إن هذه الأطراف الخارجية فرضت ظهور عدة قرارات لم تنل أي شعبية في المجتمع وبين المواطنين في السودان.
وأضافت الدبلوماسية الروسية في كلمة لها خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في السودان الثلاثاء، "لقد شاهدنا كيف قام العديد من اللاعبين الخارجين بفرض عملية نقل السلطة بشكل مصطنع إلى القوى المدنية، وبفرض عدة قرارات لم يقبلها عامة السكان".
ووفقاً لها، قامت عدة دول بـ"الترويج" كثيراً للاتفاق السياسي الإطاري الموقع في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، "الذي رغم ذلك لم يصبح منصة شاملة لمختلف القوى داخل السودان".
وشددت على أن عدة شخصيات سياسية ذات ثقل بقيت خارج نطاق هذا الاتفاق، حسبما ذكرت قناة "آر تي" الروسية.
وترى الدبلوماسية الروسية، أنه من المستبعد أن يقوم مثل هذا النهج بتعزيز انطلاق تسوية شاملة. وقالت: "تم ربط عملية فك الطوق عن المساعدات الدولية الحيوية للبلاد، بشكل مباشر بنقل السلطة إلى حكومة مدنية. ونتيجة لذلك، وقع الاستقرار الهش في البلاد ضحية فرض مثل هذه الديمقراطية من خلال الضغط والابتزاز".
"ظروف صعبة"
ويعيش 5 ملايين سوداني في الخرطوم في ظروف صعبة بسبب انقطاع الماء والكهرباء، ونقص الغذاء وانقطاع الإنترنت والهاتف.
وحسب الأمم المتحدة، هناك "219 ألف امرأة حامل في الخرطوم، 24 ألفا منهن يتوقع أن يلدن في الأسابيع المقبلة"، وتواجه الحوامل "صعوبات بالغة" في الحصول على رعاية صحية، فيما تؤكد نقابة الأطباء أن نحو ثلاثة أرباع المستشفيات باتت خارج الخدمة.