هوية إسرائيل
تاريخ النشر : 18 ابريل, 2023 08:25 صباحاً

الدول لا تصير دولا بحق ما لم تستقر على هويتها أولا فى ذاتها وجوهرها وثانيا فى علاقتها بإقليمها؛ وفى كلتيهما فإن إسرائيل منقسمة وغير مستقرة. وقبل أسابيع عاشت إسرائيل فى انقسام تاريخي، ليس المعتاد على أسس إثنية بين اليهود والعرب الفلسطينيين، أو بين الأشكناز والسفارديم؛ أو سياسية بين اليسار واليمين. أصبح الانقسام على الأصول التاريخية للدولة، وهل هى قوانينها الأساسية ساعة التأسيس التى استقرت على نوع من العلمانية السياسية والاجتماعية بين اليهود على الأقل؛ أم أنها سوف تكون محكومة بالشريعة اليهودية التوراتية. وهذه المرة نما الانقسام إلى صدام، واشتعلت النيران فى إطارات السيارات، وغادرالأطباء المستشفيات وأغلق مطار بن جوريون الرئيسى فى إسرائيل، واجتاحت إسرائيل احتجاجات وإضرابات غير مسبوقة، فى ذروة شهور المعارضة على خطط الحكومة لتجريد القضاة الإسرائيليين من السلطة. وعندما ظهر نيتانياهو أخيرًا على التليفزيون اختار تشبيه موقعه بقصة عن الملك سليمان. تمامًا كما كان على الملك التوراتى أن يحكم على أى من امرأتين متنافستين كانت الأم المحبة الحقيقية لطفل هى التى رفضت القسمة مطالبا بحوار وتسوية.

لم يتغير الموقف كثيرا عندما جاءت أيام قليلة ماضية جرى فيها ما جرى من اعتداءات مستمرة على المسجد الأقصى تضاف إلى الاستيطان المزمن وكل ذلك على أسس توراتية لم يرد ذكرها فى أى من اتفاقيات السلام التى أجرتها إسرائيل مع جيرانها وإقليمها. القصة تبدأ دائما باعتداء على المكان المقدس، ويكون رد الفعل بصواريخ تهبط على إسرائيل سواء من غزة أو من لبنان، فيكون فعل إسرائيل مظلة دمار كبرى على الفلسطينيين تستخدم فيها الصواريخ والطائرات. مغادرة إسرائيل لاتفاقيات السلام إقليمية كانت أو إبراهيمية تضع المنطقة كلها فى حرج بالغ لأنها وقد نفت عن نفسها الصفة العلمانية تأخذ الصراع بأكمله إلى الساحة الدينية حيث لا يكسب أحد ولا يقبل طرف بهزيمة. فرصة إسرائيل فى الوجود السلمى فى الشرق الأوسط تضيع.