وثائق البنتاغون المسربة تهز ثقة الحلفاء بواشنطن
تاريخ النشر : 10 ابريل, 2023 07:00 صباحاً

فتح ميديا - وكالات:

ألقت الوثائق الأمريكية المسربة من وزارة الدفاع "البنتاغون" الضوء على المشهد الأمني في العالم، خاصة بعد كشفها عن أسرار سيكون لها تداعيات خطيرة في المستقبل.

ومن المتوقع أن تهز الوثائق المسربة ثقة الحلفاء بالولايات المتحدة وكيفية حفظها للأسرار، إثر تنصتها على كبار القادة السياسيين والعسكريين، فضلاً عن تجسسها على الحلفاء مثل بريطانيا وإسرائيل.

فشل أوكراني

تطرقت الوثائق إلى حالة الحرب في أوكرانيا، حيث أظهرت مدى عمق اختراق الولايات المتحدة للجيش والاستخبارات الروسية، ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، أصدرت الوزارة تقييماً لقوة آلة الحرب الروسية، كما أشارت إلى أن الجيش الأوكراني "في حالة يرثى لها".

وكشفت الوثائق أن أوكرانيا ستفشل في فرض دفاع جوي فعال، مشيرة إلى نقص مقلق لدى كييف في الأسلحة التي قدمها لها الغرب، لاسيما الذخائر وأنظمة الدفاع الجوي.

ووفقاً لإحدى الوثائق، فإن قدرة أوكرانيا على تقديم دفاع جوي متوسط المدى لحماية الخطوط الأمامية ستنخفض تماماً بحلول 23 مايو(أيار) المقبل، وقالت إنه "مع نفاد ذخائر الطبقة الدفاعية الأولى، فإن معدل استهلاك الطبقتين الثانية والثالثة سيزداد، مما يقلل من القدرة على الدفاع في وجه الهجمات الجوية الروسية من كافة الارتفاعات".

تحريض الموساد

وادعت الوثائق المسربة أنه في فبراير(شباط) الماضي، دعا قادة جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، الموظفين والمواطنين الإسرائيليين للاحتجاج على الإصلاحات القضائية المقترحة من الحكومة في مارس(أذار) الماضي.

وبدوره، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بياناً رفض فيه بشدة ما ورد في إحدى الوثائق المسربة، موضحاً أن التقارير المسربة "كاذبة ولا أساس لها على الإطلاق"، وأوضح البيان أن "الموساد وكبار مسؤوليه لم يشجعوا، ولا يشجعون، أفراد الجهاز على الانضمام إلى المظاهرات المناهضة للحكومة أو المظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي، وهم مكرسون لخدمة البلاد".

تجسس على الحلفاء

وذكرت الصحيفة أن الوثائق احتوت على مناقشات خاصة بين كبار المسؤولين الكوريين الجنوبيين حول الضغط الأمريكي على الحليف الآسيوي للمساعدة في إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وسياسة سيؤول القائمة على ألا تفعل ذلك.

وقالت الوثيقة التي لم تحمل تاريخاً على ما يبدو، إن سيؤول وافقت على بيع قذائف مدفعية لمساعدة الولايات المتحدة على تجديد مخزونها من الأسلحة، وشددت على ضرورة أن يكون "المستخدم النهائي" هو الجيش الأمريكي، لكن كبار المسؤولين في كوريا الجنوبية انتابهم القلق من أن تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بها، واستند التقرير جزئياً إلى إشارات مخابرات، مما يعني أن الولايات المتحدة تتجسس على أحد أهم حلفائها في كوريا الجنوبية.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية اليوم الأحد، إنهم كانوا على علم بأن وثيقة أخرى مسربة تشير إلى أن المخابرات الأمريكية قد تجسست على حلفائها في سيؤول، وكانوا يخططون لإجراء مشاورات ضرورية مع الجانب الأمريكي بشأن القضايا التي أثارها التسريب.

وأحجم المسؤول الرئاسي الكوري الجنوبي عن الرد على أسئلة الصحفيين حول تجسس الولايات المتحدة على البلاد أو تأكيد أي تفاصيل وردت في الوثائق المسربة، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن "الحكومة ستراجع الحالات السابقة والقضايا المتعلقة بدول أخرى".

روسيا وفاغنر

ورسمت الوثائق المسربة أيضاً صورة مدهشة لقدرة الولايات المتحدة على اختراق التخطيط العسكري الروسي، بما في ذلك الخطط الداخلية لمجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، وأشارت إلى أن فاغنر لا تزال قوة بارزة، ولا ينحصر تأثيرها في أوكرانيا فقط، بل يمتد إلى جميع أنحاء العالم وخاصة في أفريقيا.

وقالت إن: "جماعة فاغنر أظهرت طموحاً لإحباط المصالح الأمريكية في الدول الأفريقية وكذلك في هايتي، بالإضافة إلى عرضها المساعدة لحكومة البلدان في مواجهة العصابات المتطرفة.
ووفقاً لإحدى الوثائق السرية، التقى موظفون من فاغنر أوائل فبراير(شباط) الماضي سراً بـ "جهات اتصال تركية" تسللوا إلى أراضي الناتو بهدف شراء أسلحة ومعدات لاستخدامها في أوكرانيا.

وأشارت إلى أن مالي يمكن أن تعمل كمشتري بالوكالة، موضحة أن فاغنر أقامت عمليات كبيرة في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، وتزعم إحدى الوثائق المسربة أن الجماعة لديها ما يقارب 1645 مقاتلاً في البلاد.

كابوس للغرب

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" التسريب بأنه "كابوس للعيون الخمس"، وهو تحالف الاستخبارات الذي يضم أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، واحتوت الدفعة الأولى من وثائق البنتاغون المسربة، على مخططات وتفاصيل حول عمليات تسليم الأسلحة المتوقعة وقوة الكتيبة والخسائر في ساحة المعركة بأوكرانيا.

وأشارت إلى أن وحدة صغيرة من أقل من 100 فرد من العمليات الخاصة من أعضاء الناتو، فرنسا وأمريكا وبريطانيا ولاتفيا، كانت نشطة في أوكرانيا.

ومن جهتها، نفت وزارة الدفاع الفرنسية مساء أمس السبت، وجود جنود فرنسيين في أوكرانيا، حسبما زعم الكشف عن ذلك في إحدى الوثائق المسربة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منتصف الأسبوع الماضي.

وقال المتحدث باسم وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو: "لا توجد قوات فرنسية تعمل في أوكرانيا، الوثائق المذكورة لا تأتي من الجيوش الفرنسية. نحن لا نعلق على الوثائق التي مصدرها غير مؤكد".

تداعيات خطيرة

وبحسب مسؤولين أمريكيين، فإن الكشف عن الوثائق التي يبدو أنها صادرة من داخل الجيش الأمريكي ووكالات الاستخبارات، قد يؤثر في سير الحرب في أوكرانيا، لأنها توضح نقاط الضعف المحتملة في ساحة المعركة، وتشكيل بعض وحدات القوات الأوكرانية، وتفاصيل أخرى حول الدفاعات الجوية الأوكرانية والمعدات العسكرية، ومعلومات سرية حول الأسلحة والدعم الذي قدمته الولايات المتحدة إلى كييف في حربها ضد روسيا.

كما من المتوقع أن يشكل ظهور المعلومات نتيجة للتجسس الأمريكي على أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، أزمة من شأنها أن تؤجج الاضطرابات السياسية التاريخية في إسرائيل، خاصة أن تصنيف هذه المعلومات جرى بموجب قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، ما يعني أن جمع المعلومات الاستخباراتية يتطلب موافقة قاض فيدرالي على النحو المنصوص عليه في القانون، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست".

وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن التسريب أدى بالفعل إلى تعقيد العلاقات مع الدول الحليفة، وأثار الشكوك حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على أسرارها، ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي غربي كبير قوله إن "الكشف عن هذه المواد كان مؤلماً لواشنطن، لأنه من الممكن أن يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أمريكا وحلفائها، على اعتبار أن قيام الوكالات المختلفة بتوفير المواد الاستخباراتية لبعضها بعضاً يتطلب ثقة وتأكيدات بأن بعض المعلومات الحساسة ستبقى سرية".