ماذا تساوي الدموع خلف شاشات التلفاز امام الدم المسفوك في ساحات الأقصى ومحرابه؟ وماذا تساوي بيانات الشجب والاستنكار أمام صرخات المرابطات هناك واستغاثتهن حتى يسمعن آذان صمت منذ زمن بعيد؟
ما حدث في الأقصى ليلة أمس جريمة بكل مقاييس السماء والأرض، ويثبت مرة أخرى وحشية هؤلاء الصهاينة القادمين من مختلف اصقاع الأرض الى ديارنا، وهم متعطشون للقتل والتدمير. لقد تجاوز هؤلاء ما فعله هولاكو، وكل مجرمي التاريخ، وكانوا بالأمس يكشفون أكثر عن وجههم القبيح وقلوبهم الحاقدة حيث عاثوا في المسجد الطاهر ولغوا بدماء المعتكفين المرابطين فيه، ومع بشاعة هذا الواقع لا زال بيننا من يتحدث عن السلام مع هؤلاء الذين يعلنون بأقوالهم وافعالهم أنهم لا يؤمنون بشيء اسمه السلام، وفمهم فاغر على كل فلسطين.
لم تعد تجدي مع هؤلاء المواقف الرخوة والتفاهمات الواهمة لانهم لاذمة ولا شرف..
أمس يجب أن يكون بداية تاريخ جديد للتعامل مع هذا العدو المجرم، لأنه هو من غير قواعد اللعبة، ونسف كل إمكانية للتوصل إلى أي تفاهم.
حكومة يسيطر عليها الأكثر تطرفا ودموية في تاريخ الكيان الإسرائيلي ماذا نتوقع منها؟ ولماذا نتفاجأ من أفعالها؟ حكومة تريد تنفيذ برامجها وأجنداتها بالدم والقتل و بالنسبة لها عبادة، وقتل الفلسطيني بالنسبة لهم قربانا يتقربون به إلى "آلهتهم". إلى متى سيظل هذا المسلسل الدموي مستمرا، يدفع أبناء فلسطين في كل حلقة من حلقاته دما غزيرا طاهرا، أمام أعين عالم منافق متآمر لا يقدم لهم إلا الكلام الذي لا يغني عن احتلال وسفك دماء، وأمة غارقة في هزيمتها، بل ومستمتعة بها وكثير منها أصبح حتى الشجب والاستنكار كبيرا عليهم، حتى لا يغضب الأصدقاء الجدد.
فلسطين أرض الله، والأقصى درتها، ومن هنا فإن ارتباط المسلمين بفلسطين والقدس بالذات ارتباط وثيق، وظل الدفاع عنها تاريخيا والعمل على تحريرها عبر كل العصور غاية طالما تمناها كل أبناء الأمة، لينالوا شرف الشهادة على أرضها، لذا فإن تحرير الأقصى وحمايته واجب إسلامي ومسؤولية عقدية يترتب على سائر الأمة في الأرض أن تقوم بدورها وأن تعي كل دولة عربية وإسلامية مسؤوليتها في المعركة، مسؤولية حقيقية بعيدا عن الاستنكار والشجب الفارغين، وعلى المستوى الدولي، على العالم الذي يدعي انه عالم حر، ويقف متجاهلا صامتا عن جرائم إسرائيل ويدعمها بكل طاقاته أن يتحلى بالخلق والموضوعية إزاء ما يحدث في فلسطين ولو قليلا.
في النهاية، تظل المسؤولية على كل عربي ومسلم، ومن العار ترك أبناء فلسطين وحدهم يدفعون أثمانا من أعمارهم ودمائهم ليظلوا السد المنيع، والجبهة الأولى في مواجهة المد الصهيوني.
ستظل القدس نداء الشرف والرجولة لمن يرنو الى هذا الميدان، والتاريخ والأمة لن يرحما كل من يقف موقفا مجروحا مما يحدث في فلسطين، ويشارك في المؤامرة عليها ويصمت عن يفعله أصحاب القدم الهمجية التي تدنس الأرض الطهور، وستظل دماء الشهداء في القدس وعموم فلسطين عامود نور ونار، نور يصعد من الأرض الى السماء ليقف بين يدي الجبار يشكو إليه ظلم القريب والبعيد ، ونار تلفح وجه كل ظالم متآمر، يقف بين يدي الله مسؤولا عن افعاله يحاسب عليها عند مليك مقتدر..
الأقصى .. نداء الشرف
تاريخ النشر : 06 ابريل, 2023 09:05 صباحاً