فتح ميديا - وكالات:
اجتمع في القصر الرئاسي السوداني أمس السبت، قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد دقلو "حميدتي"، إضافة إلى ممثلين للأحزاب والقوى المدنية وممثلين أمميين، وذلك بعد إعلان تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي ليوم 6 أبريل (نيسان) الجاري بسبب الخلافات بين "الجيش" و"قوات الدعم السريع" حول عملية دمج القوتين في جيش موحد ضمن إجراءات واسعة لإصلاح القوات العسكرية والأمنية في البلاد.
وكشفت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" عن أن نقطتي الخلاف الرئيسيتين بين القوتين العسكريتين هما، أن الجيش يطالب بدمج الدعم السريع في القوات المسلحة خلال عامين فقط، بينما يطالب الأخير بفترة أطول تمتد من 5 إلى 10 سنوات، والأهم من ذلك اشتراط حميدتي "تطهير الجيش من الضباط الإسلاميين الذين كدّسهم الرئيس المعزول عمر البشير طوال فترة حكمه لـ30 عاماً".
وأضافت المصادر أن الاجتماع كان قصيراً ولم يناقش أياً من القضايا الخلافية بين الطرفين، بل إن "حميدتي بدا غاضباً ورفض التحدث في الاجتماع الذي انتهى بالتأكيد فقط على يوم 6 أبريل لتوقيع الاتفاق النهائي".
وأوضحت مصادر أن التأجيل أصاب السودانيين بـ"إحباط كبير وشكوك حول إتمام العملية السياسية الجارية الآن، والقاضية بخروج العسكريين من السلطة"، كما عززت الاعتقاد بأن كل ما يحدث لا يتعدى كونه كذبة أبريل.
ما هي قوات الدعم السريع
شُكّلت قوات الدعم السريع رسميًا في أغسطس(آب) 2013 بعدما تمّت إعادة هيكلتها فأصبحت تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني وذلك في أعقاب إعادة تنشيط ميليشيات الجنجويد من أجل محاربة الجماعات المتمردة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق في أعقاب الهجمات المشتركة من قبل متمردي الجبهة الثورية السودانية في شمال وجنوب كردفان في أبريل (نيسان) 2013.
ويوم 18 يناير (كانون الثاني) 2017 أجاز البرلمان أثناء حكم الرئيس المعزول عمر البشير "قانون قوات الدعم السريع"، وانتقلت تبعيتها من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة السودانية - أي الجيش - . ونص القانون، على أنها قوات تابعة للقائد العام للجيش، وتقول ديباجة القانون "الدعم السريع قوات عسكرية قومية التكوين، وتتقيد بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية".
وهكذا، تبدو "الدعم السريع" في الوقت الحالي تابعة للجيش "شكلياً" وقانون القوات المسلحة السودانية، لكنها في الواقع تدين بولاء كبير لمؤسسها وقائدها "حميدتي" ونائبه شقيقه عبد الرحيم، ولا تملك قيادة الجيش إقالة قادتها، لا سيما بعد المرسوم الذي أصدره وألغى بموجبه تبعيتها القانونية للجيش السوداني.
وبرز اسم قوات الدعم السريع في المشهد السياسي بشكل كبير بعد ثورة ديسمبر(كانون الأول) في عام 2018 بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد المطالبة بإسقاط حكم الإخوان بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، إثر قرار قائدها الانحياز لقوى المعارضة في الشارع، وأسهم ذلك الموقف بشكل كبير في الإطاحة بحكومة البشير، ليتوج نفسه لاعباً رئيسياً في الأحداث، إن لم يكن المتحكم الرئيسي في عملية التغيير إلى جانب الجيش.
وبعد التغيير الذي حدث في البلاد والإطاحة بنظام "الإخوان"، تحوّل الدعم من تشكيلات عسكرية خفيفة يطلق أعداؤها عليها لقب "جنجويد"، وينحصر دورها في قتال الحركات المتمردة في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق دفاعاً عن نظام الإخوان إلى قوة عسكرية نظامية خارج إطار الجيش.
ووفقاً لتقارير صحافية سودانية، فإن قوات الدعم السريع الآن استولت على مقار وثكنات عسكرية داخل الخرطوم ومدن أخرى بالبلاد، كما استولت على مقار تابعة لجهاز الأمن المخابرات الوطني ومقار تابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول، كما أنها تنتشر بشكل واضح في إقليم دارفور ومعظم ولايات السودان، إلى جانب مناطق حدودية مع دول الجوار الأفريقي.
ومع أنه لا توجد إحصائيات منشورة بعدد قوات الدعم السريع، تقدر تقديرات سابقة العدد بأكثر من 40 ألفاً من الضباط وضباط الصف والجنود. وظلت عملية التجنيد مفتوحة طوال السنوات الماضية، ما يرجح تزايد أعدادها إلى الضعف. وتذهب بعض التقديرات إلى أن عددها تجاوز الـ100 ألف مقاتل.
وكان اتفاقاً إطارياً قد وُقع بين الطرفين العسكريين والمدنيين، بوساطة دولية وإقليمية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يقضي بأن يتنازل العسكريون عن الحكم إلى المدنيين في مرحلة انتقالية مدتها عامان، تنتهي بـ"انتخابات حرة ونزيهة".