بعد فشل هرتسوغ الثالث..هل دخلت إسرائيل رحلة "الخراب السياسي"!
تاريخ النشر : 16 مارس, 2023 09:21 صباحاً

حسن عصفور

 للمرة الثالثة يحصل رئيس دولة الكيان العنصري فشلا لمحاولته "إصلاح ذات البين"، بين الأطراف المتحاربة على طبيعة "النظام" فيما يعرف بخطة "الإصلاح – الانقلاب القضائي".

فشل هرتسوغ جاء سريعا جدا، وبعد دقائق فقط من القاء خطاب حاول أن يستخدم به كل اشكال "اللغة البكائية" على مستقبل الكيان، مبتدئا بأنه لم يكن يتوقع يوما ان يقول ما سيقول مما يراه حقدا وكراهية للآخر (وهنا يقصد كراهية يهودي ليهودي متجاوزا كما خطته العربي الفلسطيني)، مشيرا أن تلك ستقود حتما الى حرب أهلية تضع نهاية لعمر دولتهم.

خطاب هرتسوغ التسووي، رفضه نتنياهو تحالفه الحاكم فورا، وقبل أن يأخذ زمنا، يؤشر ان المسألة ليست صياغة تسوية أو بحثا عن حل، بل أن التحالف الحاكم يعتقد أن خطاب هرتسوغ يؤكد استمرار الأزمة ولا يحلها، في حين ذهب الإرهابي وزير المالية لاتهام رئيس الكيان بأنه يقود "انقلاب على الانتخابات" أي "انقلاب على الديمقراطية".

أقوال الرجل القوي في تحالف الفاشية الحاكم، يكشف أن مسار الحلول "الوسطية" ذهب الى مهب الريح، ولعلها المرة الأولى التي يتهم أحد وزراء الحكومة الرئيس بأنه يقود انقلاب على الديمقراطية، ما يضيف عنصرا جديدا لتعميق الأزمة، وخاصة ان من يتهم هو شخصية إرهابية فاشية بنص القانون.

رفض "التسوية الهرتسوغية"، تأكيد مطلق من تحالف نتنياهو الذهاب الى النقطة الأبعد في استكمال مخططهم "الانقلابي" باسم الديمقراطية، والتي لا يوجد قانون يفرض ان الانتخابات هي حق مطلق لأحداث انقلاب شامل في قواعد الحكم، وتجاوز أسس ترسخ ثوابت لخدمة طرف على حساب طرف آخر، وكأنها آخر انتخابات يمكن ان تحدث.

رفض "التسوية الهرتسوغية"، سيفتح الباب أمام دخول الأزمة الى نفق ربما لن ينتهي سوى بحالة غير متوقعة، دون استثناء اندلاع حرب أهلية كممر إجباري لفكر التحالف الفاشي الحاكم، ولكنه قد يكون المظهر الأخير للأزمة الطاحنة، ما قد يفرض محاولات أخرى لتفاديها، باعتبار أن ذلك "خراب هيكلهم" وفقا ما يقولون، ويضع نهاية لدولة اعتقدوا انها "وجدت لتبقى وليس لتزول بيد اليهود".

من الخيارات التي ربما تكون "حلولا مؤقتة" كبديل لـ "الحل الخراب النهائي"، ان يستخدم الرئيس هرتسوغ سلطته المعنوية الخاصة للمرة الأولى منذ 1948، بعدم المصادقة على قوانين يراها طريق "خراب الهيكل السياسي"، وخاصة ان هناك رسالة وقعها أكثر من 400 مسؤول أمني سابق، في شهر فبراير 2023، قاولوا فيها، "فكر مليا قبل التوقيع على القوانين التي تتعارض مع الطابع اليهودي القومي والديمقراطي التقدمي على النحو المنصوص عليه في وثيقة الاستقلال – لهذا الغرض تم منحك سلطة توقيع القوانين كشرط لتصبح سارية المفعول".

خيار ربما يتم تجاهله من قبل التحالف واللجوء الى "محكمة عليا" بمقاسهم لتجاوز رفض هرتسوغ توقيع تلك القوانين، لكنها ستفتج جبهة صراع جديدة تعمق طريق الانحدار نحو "الحرب الأهلية".

ويبرز خيار مغامرة أمنية بأن يتم الذهاب الى "الخلاص من نتنياهو" بصفته "راس الأفعى"، الذي بدونه سينكسر ظهر التحالف الفاشي، وخيار الخلاص منه لا يستبعد عملية اغتيال، أصبح سماعها جزء من "الثقافة السياسية السائدة" وليس جزء محرما، وتعيد الذاكرة اغتيال رابين للتخلص من اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) مع منظمة التحرير، خيار سيء خيرا من خيار أسوأ، كما يعتقدون.

ومن بين الخيارات، قيام المؤسسة الأمنية بكل أفرعها بالتدخل لفرض "حلا وسطا" يقترب من "الحل الهرتسوغي"، أو الذهاب لفرض تسوية بالطريقة غير الديمقراطية، وذلك خيار لم يعد خارج الحسابات.

خيار ما قبل الأخير، ان يخرج عدد من أعضاء الليكود بالتمرد العلني، ورفض الاستمرار بالانقلاب القضائي، رغم ان نتنياهو أوجد تحصينا له قانونا لمنع ذلك، لكنه يبقى خيارا ممكنا.

وأخر الخيارات التي ستفرض "تهدئة مؤقتة" وليس حلا دائما، الذهاب نحو "مغامرة حرب إقليمية"، من البوابة الإيرانية، تجد لها دعما شاملا من أمريكا، خاصة بعدما وجهت الصين "ضربة استراتيجية" للهيمنة السياسية الأمريكية، بل ولـ "هيبة الدولة العظمى"، وخلق معادلة جديدة في العلاقات الدولية تقوم على قواعد "المصالح المتبادلة" وليس "الهيمنة الترهيبية"، حربا ستراها واشنطن ردا أوليا على خسارتها الكبرى.

خيار الحرب الإقليمية، قد يكون الأقرب للتحالف الفاشي لقطع الطريق على كل الخيارات السابقة، أي كانت نتائجه، ولنتذكر أن بداية الحرب العالمية الثانية بدأت أيضا بحسابات "محدودة" انتهت بحرب تدميرية.

كل الخيارات لن تلغي الحقيقة السياسية الجديدة، ان دولة إسرائيل دخلت "نفقا ظلاميا نحو خراب سياسي".. الخروج منه لن يكون ابدا بتسوية وسطية بين يهود ويهود.

ملاحظة: دولة الكيان العنصري صفعت دول الاتحاد الأوروبي بـ "الحذاء الأسود"، بعدما قررت عدم استقبال وزير خارجيتهم بوريل لأنه ساوى بين جرائم حربهم والعمليات الفلسطينية...الفضيحة أنه تاني يوم نتنياهو زار ألمانيا ورايح فرنسا..تخيلوا لو دولة عربية عملت هيك..يا ويلها وسواد ليلها..لكن ان تكون "يهودي" شي تاني يا عرب!

تنويه خاص: وأخيرا "فيلم مجدو" بان وطلع عليه الأمان..رواية لم تقنع "اليهود" قبل ما تكون سخرية العرب...فضيحة جديدة في سجل فضايح نتنياهو وحكومته..بلكن البعض اللي رقص على موسيقى نتنياهوية يفكر كتير مرة تانية..مع انه صعب لكن لا بأس من المحاولة!