فتح ميديا - غزة:
قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، إن أسعار البضائع والسلع في قطاع غزة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، على خلفية تأثر سلاسل التوريد منذ انتشار جائحة كورونا، وواصلت ارتفاعها بعد اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، لا سيما أسعار السلع الأساسية كالدقيق والأرز والسكر وزيوت الطبخ، وفي المقابل تتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، جراء الانتهاكات الإسرائيلية والحصار الخانق الذي تفرضه سلطات الاحتلال للعام 16 على التوالي، والذي أفضى لانهيار اقتصادي وقوض مقومات الحياة، وأضعف قدرة سكان قطاع غزة على الصمود.
وبحسب المركز، فإن المعلومات تشير إلى أن الأشهر الماضية شهدت ارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية، بحيث ارتفع سعر الدقيق بنسبة 22.7%، والسكر بنسبة 24.5%، واللحوم الحمراء بنسبة 5.5%، وغاز المنزلي بنسبة 11.1%، والبنزين بنسبة 7.5%، والسولار بنسبة 12.7%، وارتفع سعر البيض بنسبة 27.2%، بالإضافة لارتفاع أسعار الزيوت النباتية.
ويأتي ارتفاع الأسعار في ظل انتشار البطالة والفقر والفقر المدقع، حيث تشير البيانات إلى أن حوالي 64% من الأسر والعائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي ْأن نسبة الفقر في قطاع غزة بلغت 53.0%، وأن حوالي ثلث سكان قطاع غزة 33.7% يعانون من الفقر المدقع[3]. فيما ارتفعت معدلات البطالة لتسجل 47% في صفوف القوى العاملة، وبلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص، الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجور 90% في عام 2022.
وفي هذا السياق قال التاجر ع. ل، سكان شمال غزة، "بعد الارتفاع الجنوني في أسعار البضائع، تراجعت القدرة الشرائية للزبائن بحيث لم تعد تسمح بشراء السلع الأساسية وتسديد الديون، وانخفض معدل البيع بنسبة 40% داخل المتجر".
وذكر التاجر م. ع، وهو أحد مستوردي المواد الغذائية، أن هناك ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الأساسية بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، لا سيما فيما يخص الدقيق، والسكر، ما دفع بعض تجار التجزئة لعدم سداد أثمان البضائع التي نوردها لهم، لأن الزبائن وخاصة محدودي الدخل أصبحوا يستدينون أكثر، كما انخفضت نسب بيع المواد الغذائية غير الأساسية ما دفع قسم كبير من التجار لبيعها بعروض قد تصل غلى نصف ثمنها وأقل، لأن تاريخ انتهاءها اقترب، وبالتالي تقليل نسبة الخسائر.
وتجدر الإشارة إلى أن الهجمات الحربية التي طالت البنية التحتية والأعيان المدنية، ولاسيما المنشآت الصناعية والحيازات الزراعية، لعبت دوراً جوهرياً في تقويض الأوضاع الاقتصادية وساهمت في فقدان آلاف الموظفين والعمال وأصحاب العمل مصادر دخلهم ليصبحوا فقراء.
وبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة OCHA 5، فإن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، هي نتيجة غياب الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والأزمات المترتبة على وجود الاحتلال العسكري الإسرائيلي لما يزيد عن 55 عاماً، وقد تفاقمت الأزمة بسبب التأثير المضاعف لزيادة تكلفة السلع بسبب الحرب في أوكرانيا والتعافي البطيء من تصعيد الأعمال العدائية في أيار/ مايو 2021.
ووفق التقرير فان 58% من سكان قطاع غزة بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، ونسبة كبيرة من الأسر تعاني من ظروف كارثية أو بالغة الصعوبة.
وحذر مركز الميزان لحقوق الإنسان من تداعيات ارتفاع أسعار السلع الأساسية على السكان في قطاع غزة، لا سيما الفئات الضعيفة، والتي تحرمهم من التمتع بحقوقهم الأساسية ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتسهم في ارتفاع أعداد الفقراء، ولاسيما الذين يعانون من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي ما قد يقوض من الاستقرار والأمن في المنطقة.
وجدد المركز تأكيده أن الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والانتهاكات المتواصلة، ولاسيما استهداف القطاعات الاقتصادية، الزراعية والصناعية والتجارية بالقصف والتدمير، والحصار المفروض على قطاع غزة منذ حوالي 16 عشر عاماً، تشكل العامل الرئيسي في تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، لا سيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتحرك العاجل لحماية السكان المدنيين ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وإنهاء الحصار كونه من أبرز أشكال الاضطهاد والعقاب الجماعي الذي يرقى لمستوى جرائم الحرب.
كما طالب الجهات الفلسطينية باتخاذ تدابير عاجلة للتصدي لمشكلتي البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية عموماً، وقطاع غزة على وجه الخصوص، والنظر في الاقتطاع الضريبي بما يخدم تحسين الأوضاع المعيشية، والتدخل لحماية الفئات الهشة والأشد فقراً.
ودعا مركز الميزان، المؤسسات الدولية والمنظمات الإغاثية بضرورة زيادة دورها في مجال مكافحة الفقر، والمساعدة في إحداث تنمية بشرية واقتصادية واستحداث برامج ومشاريع تُسهم في التمكين الاقتصادي للمساهمة الفاعلة في الحد من مشكلة الفقر وآثارها.