فتح ميديا-غزة:
كتب حنفي ابو سعود...
بعد 17 خريفًا.. ألم يحن لربيعنا أن يزهر؟
قبل سبعة عشر عاما، وفي سياق المتوقع والطبيعي بعد استشهاد الرمز ياسر عرفات جرت الانتخابات الرئاسية بسلاسة وهدوء، وشهد العالم بنزاهتها وشفافيتها، وكان أول ما اتفق عليه الرئيس الجديد عباس هو إجراء انتخابات تشريعية كانت جزءا من إتفاق القاهرة، الذي تضمن أكثر من بند، ولم يتم تنفيذ سوى ذلك البند منها والمتعلق بالانتخابات التشريعية.
وحينها، رغم أن الوضع الداخلي الفتحاوي لم يكن يسمح ولم تكن فتح مستعدة أو جاهزة للانتخابات ، إلا أن الانتخابات جرت، وقال أبو مازن كلمته الشهيرة لن يتم إلغاء الانتخابات إلا على جثته، و(بقدرة قادر) وتحت هول الماكينة الإعلامية والأغاني وجد الناس أنفسهم يساقون إلى المدارس أفرادًا وزمرًا ليقحموا أصابعهم في علبة الحبر وينتخبوا.
جرت الانتخابات كالعادة شفافة حرة نزيهة كريمة، وهلل وهلهل البعض وعلت صيحات التكبير بانتخاب الناصح الأمين القوي المتين (ابو عيار أربعة وعشرين) وفرح البعض وحزن الآخر، وأطلقنا الرصاص فرحًا في الهواء ثم غباءً في صدور بعضنا ودخلنا في مصيدة (المتاهة) تلك اللعبة الشهيرة التي فيها مدخل واحد ومخرج واحد وآلاف الطرق والتقاطعات والعراقيل وحوارات العواصم وشتائم (أم عاصم) وفشل متكرر في الخروج من المتاهة التي (تلطفًا) أطلق عليها البعض انقسام.
ثم يا رعاك الله ...
وجدنا أنفسنا غرقى قضايا وتفاصيل لم نكن نعرفها، كالعنصرية والتمييز الوظيفي على أساس جغرافي والعقوبات والاعتقال السياسي، وبدأت دوامة (دوخيني يا لمونة) أزمة البطالة ودولارات أبو إسماعيل والهجرة وموت الشباب غرقًا وظاهرة العنوسة وموائد ورشات عمل الإن جي أوز _اللوز، وشيكات الشؤون والشيكات المرجعة وشيقل وزارة الاتصالات والرواتب المقطوعة وكشوف التقاعد وترندات دعدوش وأبو لبدة.
كل ذلك يحدث ودولة الاحتلال تزداد تطرفًا يمينيًا وغفرنة (نسبة لبن غفير)، وقتلًا واعدامًا في الشوارع وخصمًا لأموال السلطة، وبالمناسبة هل سيطال الخصم رواتب الموظفين في غزة ؟؟!! ثم مزيدًا من الاستيطان والتغول والعربدة، فيما الرد الرسمي الفلسطيني كان على منبر الأمم المتحدة احمونا.. احمونا ... بدنا حماية.
لنعود إلى المتاهة ...
في طرق المتاهة كانت ثمة عاصمة عربية هي الجزائر، وكالعادة وفود (رايحة جاية طالعة نازلة دخلة خارجة)، وكالعادة أيضًا عدنا إلى المتاهة ننتظر عاصمة أخرى رغم إداركنا أن إنتظار عاصمة أخرى لن يحمل لنا جديدًا، ولكن يبدو أنه ما باليد حيلة، وأننا لا زلنا في ذات المتاهة، ولا حل لنا للخروج من المتاهة سوى من الباب الذي دخلنا فيه (الانتخابات).
لكن هذه المرة انتخابات نقررها نحن، نختار توقيتها وضرورتها لنخرج من متاهة العبث والفوضى.
سبعة عشر عاما في ذات المتاهة كافية لنا لكي ندرك أن لا أحد يريد لنا أن نخرج من متاهتنا وضياعنا سوانا، ولن يخرجنا أحد من هذه المتاهة إلا نحن ولن يدفع أحد ثمن الصمت على ما نعيشه إلا نحن.
الانتخابات التي نقررها نحن ونسوق فيها قيادة السلطة قبل أن يسوقونا مجددًا، هي وحدها الكفيلة بإخراجنا من أزماتنا.
فلنفرضها نحن قبل أن تفرض علينا انتخابات تدخلنا في متاهة جديدة ندفع ثمنها مجددًا سنوات وظواهر لا يعلم بها إلا الله.
ألم يحن لربيعنا أن يزهر !!!