رام الله - فتح ميديا:
أعلن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، الأحد، نتائج استطلاع الرأي العام السنوي حول واقع الفساد ومكافحته في فلسطين لعام 2022، جاء فيه أنّ الواسطة والمحسوبية هي الجريمة الأكثر انتشاراً، تليها اختلاس الأموال العامة بنسبة 23%، ثم جريمة إساءة الائتمان بنسبة 13%.
وحسب الموقع الإلكتروني للائتلاف، نفذ الاستطلاع في كلٍّ من الضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة، خلال الفترة الواقعة ما بين 10-16 سبتمبر/ أيلول 2022، بغرض رصد التغيّر في انطباعات المواطنين ووعيهم حول واقع الفساد ومكافحته.
وقال الائتلاف:" ما زال كلٌّ من القضايا الاقتصادية، وتفشي الفساد، وممارسات الاحتلال، وضعف سيادة القانون، واستمرار الانقسام، المشكلات الخمس الأساسية التي يعتقد المواطنون أنّها يجب أن تحظى بالأولوية لحلها، فقد احتل موضوع تفشي الفساد المرتبة الثانية بنسبة 25% بعد الأزمات الاقتصادية (28%)".
وحسب "أمان"، يعتقد المواطنون أنّ ضعف الالتزام بسيادة القانون، وغياب المجلس التشريعي والمؤسسات الرقابية، وعدم الجدية في محاسبة كبار الفاسدين، وضعف مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى الاحتلال قد ساهمت جميعها في اعتقاد المواطنين بوجود فساد في فلسطين.
الفئات العليا الأكثر ارتكابا للفساد
وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 56% من المواطنين يرون أن مستوى الفساد في المجتمع الفلسطيني كبير، بينما يرى 73% من المواطنين أن أكثر الفئات التي ترتكب الفساد هي من الفئات العليا.
في المقابل أظهرت النتائج تحسناً في انطباعات المواطنين عن مستوى انتشار الفساد، حيث يعتقد 49% من المواطنين أن الفساد سيزداد مقارنة مع 59% في استطلاع العام الماضي.
المؤسسات الحكومية الأكثر عرضةً للفساد
ويرى غالبية المبحوثين في الضفة الغربية وقطاع غزة أنّ القطاعات الأكثر عرضةً للفساد في عام 2022 هي المؤسسات الحكومية (الوزارات، وأجهزة الأمن، والهيئات المحلية)، حيث ترى نسبة من 24% أن السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء والوزارات والهيئات العامة) هي الأكثر عرضة للفساد.
ومن ثم تأتي الهيئات المحلية (البلديات والمجالس القروية) بنسبة 17%، ثمّ الأجهزة الأمنية بنسبة 16%، تليها السلطة القضائية (المحاكم والنيابة العامة) بنسبة 15%، ثمّ مؤسسة الرئاسة بنسبة 11%.
أما بالنسبة للوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بتقديم الخدمات الأكثر عرضة لانتشار الفساد، فقد احتلت وزارة المالية المرتبة الأولى في هذا الاستطلاع برأي 14% من المبحوثين، تليها وزارة الصحة 13%، ثمّ وزارة التنمية الاجتماعية 12%، ثمّ المؤسسات الأمنية 10%، أما الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، فلا تتعدى نسبة من يراها من المواطنين بأنها الأكثر عرضةً لانتشار الفساد 8% لكلٍّ منها.
أشارت نتائج الاستطلاع للعام 2022 إلى أن انخفاض نسبة المواطنين المبحوثين الذين يعتقدون بوجود فساد في الجهاز القضائي عن العام السابق، إلّا أنَّ النسبة ما زالت مرتفعة حيث وصلت هذا العام إلى 68% من المستطلع آراؤهم.
يرجع هذا الاعتقاد الواسع لدى المواطنين لأسباب متعددة، منها طول أمد التقاضي، وضعف استقلال الجهاز القضائي، خاصة بعد القرارات بقوانين التي صدرت في السنتين الأخيرتين، بحسب التقرير.
الواسطة والمحسوبية الأكثر انتشارًا
رأى 24% من المواطنين أنّ الواسطة والمحسوبية هي الجريمة الأكثر انتشاراً، تليها جريمة اختلاس الأموال العامة بالمرتبة الثانية بنسبة 23%، ثم جريمة إساءة الائتمان بنسبة 13%، ومن ثمّ جريمة إساءة استعمال السلطة بنسبة 12%، وبنسبة 10% جرائم الرشوة مقابل تقديم خدمة عامة، وغسل الأموال بنسبة 8%.
كما يعتقد المواطنون أنّ بعض الخدمات لا تُقدَّم بنزاهة عالية خاصة في مجالات التعيينات والترقيات في الوظائف العليا وكذلك الخدمات الصحية وتوزيع المساعدات الإنسانية ومنح التصاريح. حيث أشار 44% من المبحوثين الذين توجهوا إلى مؤسسات عامة لطلب خدمة خلال العام 2022 أنهم اضطروا للاستعانة بالواسطة للحصول عليها.
وعلّل المبحوثون الذين مارسوا الواسطة بأنّ ذلك يعود إلى الرغبة في تقصير الوقت بعدم اتّباع الإجراءات البيروقراطية، والخوف من أن يأخذها شخص آخر غير مستحق لها بسبب الفساد، وثقافة المواطن الفلسطيني الذي لا يرى خطأً باللجوء للواسطة.
فيما وصلت نسبة المواطنين الذين قالوا إنّهم أو أحد أقاربهم دفعوا أو أعطوا هدايا لموظف عام مقابل الحصول على خدمة عامة إلى 24% مقارنة بمتوسط نتائج الأعوام الثلاثة السابقة (18%)، مسجلة بذلك ارتفاعاً ملحوظاً عن السنوات السابقة.
ووفقاً لآراء عدد من المبحوثين فإنّ خدمات منح التراخيص والأذونات الرسمية أكثر عرضةً لانتشار الرشوة خاصة في قطاع غزة، فقد اعتبر 41% من المستطلعين أنّ خدمات منح التراخيص والأذونات الرسمية هي الأكثر عرضةً للرشوة.
ويعود ذلك لضعف دخل بعض صغار الموظفين، وضغط الاحتياج، وانتهاز محدودية فرص المواطنين في الحصول على الخدمة، وعدم محاسبة الكبار، ما شجع بعض العاملين في قطاع الخدمات على طلب الرشوة.
دور ضعيف للإعلام
أظهرت نتائج الاستطلاع أن 85% من المواطنين يرون أنّ دور الإعلام الفلسطيني ضعيف أو متوسط الفعّالية في الكشف عن قضايا الفساد.
في المقابل، يرى 59% من المواطنين أنّ الإعلام الرقمي (وكالات الإعلام الالكترونية والإذاعات والفضائيات عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي) هو أكثر الوسائل الإعلامية فعالية في تسليط الضوء والكشف عن قضايا فساد حدثت في العام 2022، مقارنة بالإعلام المرئي بنسبة 17%، والإعلام المسموع بنسبة 15%، والإعلام المقروء بنسبة 6%.
بيّنت نتائج الاستطلاع أن أغلبية واسعة من المواطنين (85%) ترى أنّ الجهود المبذولة لمكافحة الفساد غير كافية.
ويعود ذلك، بحسب التقرير، إلى ضعف الشفافية في إدارة مؤسسات الدولة، وضعف الإرادة السياسية في مساءلة ومحاسبة الفاسدين، والعقوبات التي تطبَّقُ على مرتكبي جرائم الفساد غير رادعة، وافتقاد القدوة في التزام المسؤولين بقيم النزاهة والمحافظة على الموارد والمصلحة العامة.
والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) تأسس عام 2000 بمبادرة عدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان كحركة مجتمع مدني تسعى لمكافحة الفساد وتعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة في المجتمع الفلسطيني.