ما تزال الإفادات للجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الزعيم ياسر عرفات تتفاعل بشكل مُطّرد، ولم تأخذ الأصداء مداها، وعلى الرغم من كون إحدى مخرجاتها يتعلق بإسهام جزء متنفذ من الطبقة السياسية الفلسطينية في ما يسمى "كشف الغطاء السياسي عن الرئيس" إلا أن الفحوى الكامل للإفادات يؤشر الى الكثير من مكامن الخلل في الإدارتين المالية والسياسية للكيان الفلسطيني، وهو ما كنا نعلمه والبعض ـ وأنا منهم ـ كان يحذر منه ويمارس النقد له بشكل يومياً علناً وفي الصحافة.
رد فعل اللواء الطيراوي عضو مركزية فتح ورئيس لجنة التحقيق، الذي يُفترض أن الإفادات كانت في حوزته، يطالب بالتحقيق في واقعة التسريب، وربما يكون هذا سهلاً لأن التسريب ما يزال يجري بالتجزئة ويمكن رصد المصادر. فالتحقيق الأمني مطلوب، ويبدو أن السلطة غير معنية به، ولم تتصرف أيام تسريبات فحوى مكتب المرحوم صائب عريقات، واصطادت جاسوساً، وكان هناك تحقيق في وزارة الصحة، لكشف ملابسات الهجمة "السيبرانية" التي تعرضت لها خوادم هذه الوزارة، وتمكنت الفرق الفنية، من استرجاع جميع الملفات المستهدفة بالقرصنة، باتباع معايير خاصة أدت إلى تحديد مصدر وطبيعة الهجمة واحتوائها.
أم إن القائمين على ترويج الإفادات، يريدون للقيام الصغرى أن تقوم، بجريرة المنطقة الفاصلة بين فرضيتين: أن رئيس اللجنة ـ عضو المركزية ـ هو الذي سرّب والهدف هو إقصاؤه والإجهاز على أي دور له، والثانية أن يكون الإقصاء هو هدف الذين سربوا، لتحقيق الغاية نفسها.
التحقيق هو الذي يحسم، ورئيس لجنة التحقيق، في بيانه، وضع كل أطقم العمل معه تحت طلب المحققين!
أما ترك الأمور عائمة، فهذا يدين الجهات التي تملك إصدار القرار بالتحقيق ومباشرته على الفور، وعلى رأس هذه الجهات، رئيس السلطة نفسه.
ومثلما نحن ضد الإقصاء، وفي الوقت نفسه ضد الاستمرار في إضعاف الموقف الأدبي للكيان الفلسطيني وإيصاله الى الحضيض؛ ندين بشدة كل أشكال الدسائس واللعب على طريق أفلام الأكشن القديمة ـ أبيض وأسود ـ وأدوار محمود المليجي وفريد شوقي وتوفيق الدقن، وقصص الملعوب وإطارات الكاوتشوك المعلقة لغايات لا نعلمها.