يجدد كل عام موسم قطف الزيتون في أذهان الفلسطينيين، قوة التشبث بالأرض، الارض الفلسطينية التي تزينت بشجر الزيتون الاخضر في السفوح والجبال والسهول والكثبان، وباتت رمزاً للعمل التطوعي، حيث تشارك المجموعات الشبابية المزارعين أصحاب اشجار الزيتون، وتساعدهم في قطف ثمار الزيتون، التي أصبحت رافداً مهما للإنتاج الوطني، الذي عمد الاحتلال الاسرائيلي على محاربته، من خلال سياسة تجريف الاراضي واقتلاع أشجار الزيتون، فتحول مشهد غرس أشجار الزيتون الى عمل كفاحي ملئ بالتحدي بأنا باقون هنا ما بقي الزعتر والزيتون.
ورغم الاهمية الرمزية لشجرة الزيتون، فهي مازالت أحد السمات الاساسية للزراعة، وشكلت دعامة قوية للاقتصاد الفلسطيني الضعيف، سواء بما توفره للسوق المحلي من زيتون أو زيت، أو ما تساهم به للتصدير الى أسواق العالم الخارجي، لذا لا بد أن يحظى هذا القطاع باهتمام كبير على المستوى الرسمي والشعبي، وزيادة المساحات المزروعة بأشجار الزيتون، وتشجيع الحملات الشعبية والشبابية والتطوعية لغرس أشجار الزيتون، ليست كدلالة على التشبث بالأرض فقط بل لأنه مصدر للدخل ويوفر الغذاء وفرص عمل لكل الفئات في المجتمع الفلسطيني، و لما يتمتع به من جودة تمكنه على المنافسة في الاسواق العالمية.
حيث تقدر عدد العائلات التي تعتمد على الزيتون بصورة مباشرة وغير مباشرة حوالي 100 ألف عائلة، يشكل النساء ومحدودي الدخل، والعمال، النسبة الاكبر منهم بالإضافة الى أصحاب المشاتل، وأصحاب المعاصر، والتجار والمسوقين
تشير التوقعات ان يسجل الموسم الحالي، كميات وفيرة من انتاج زيت الزيتون في ظل وفرة المحصول، ويتوقع المختصون ان تنتج فلسطين هذا الموسم قرابة (35 ألف طن)، وهو أكثر من ضعف ما تم انتاجه العام الماضي وهو(15 ألف طن)، حيث يبلغ متوسط الانتاج الطبيعي من الزيت سنوياً في فلسطين من (20-22 ألف طن)، ويقدر معدل قيمة انتاج الزيتون بأسعار السوق حوالي 45 مليون دولار، بالإضافة الى مساهمته في الصادرات والتي تقدر بحوالي 16.5مليون دولار أمريكي، فما زال زيت الزيتون الفلسطيني يتمتع بأفضلية خاصة من قبل دول الاتحاد الاوروبي، نظراً لجودته ونوعيته وسعره، وهذا دفع الاتحاد الاوروبي لمنحه ميزة تنافسية بالإعفاء الجمركي لتسهيل مروره الى السوق الاوروبي وزيادة الطلب والتنافسية عليه.
والجدير بالذكر أن انتاجية الزيتون في فلسطين هي الاعلى بين الدول العربية بعد الاردن، والتجارة العادلة وعلامة الزيت العضوي سيمكن زيت الزيتون الفلسطيني، من شق طريقه الى سوق الخليج وأوروبا، كما ان هناك فرصاُ لتزويد جالياتنا الفلسطينية في كافة انحاء العالم لتطوير علامته التجارية.
وحسب التعداد الزراعي لعام 2021، فانه يوجد في فلسطين نحو 10 ملايين شجرة زيتون مثمرة، وبمساحة حوالي 575 ألف دونم، في حين يبلغ عدد معاصر الزيتون حوالي 300 معصرة موزعات في ـنحاء الضفة وغزة، لذا لا بد من زيادة وعي المزارعين، والمستهلكين لأهمية وفوائد الزيتون وزيت الزيتون، والتوسع في زراعته وانتاجه، واستغلال أفضل في تسويقه وتسويق منتجاته من الخشب والطاقة والصابون، فزراعة الزيتون كانت وستظل دائما حجر الاساس في الزراعة الفلسطينية.