فتح ميديا-غزة
كتب حنفي ابو سعدة
أجاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه في الأمم المتحدة بالتعبير عن نفسه حين تكلم كعادته بلغة السياسي معدوم الحيلة، فقد طرح خطاب يشبه أبو مازن بصفته المظلوم العاجز والفاقد لإرادة الفعل والقيادة السياسية.
ودون الخوض في جدلية الاتفاق والاختلاف والأحكام المسبقة على الرئيس وسياسته يمكن القول أن الخطاب متاز باستخدام مفردات الشكوى التي عبرت عن المظلومية الفلسطينية وعنجهية الاحتلال، وقفز الخطاب خطوة بوضع الدول والأطراف الدولية أمام مسؤولياتها تجاه معاناة شعبنا الفلسطيني الممتدة على مدى سنوات، وهو ما تدركه هذه الدول أكثر من أبو مازن نفسه .
خطاب المظلومية وحده لا يكفي دون أن يقترن بخطاب الدفاع عن النفس بشتى وسائل المقاومة المتاحة وفق قوانين الشرعية الدولية، لكن خطاب الرئيس أسقط مفردات وفلسفة الدفاع عن النفس لصالح فلسفة وسياسة المظلومية المطلقة التي لن تجبي في لغة السياسة شيئا.
هذه المرة أبدع الرئيس أبو مازن في التعبير عن مظلومية شعب تحت الاحتلال، ففي لافتة إنسانية تدين الاحتلال وتفضح جرائمه استحضر أبو مازن صور الأطفال الذين قتلتهم آلة الحرب والعدوان كما استحضر معاناة الأسير ناصر أبو حميد وجريمة الاحتلال في منع أمه من زيارته ، إلا أنه في درجات الفعل السياسي سجل تراجعا وانسحابا من المهلة التي أطلقها قبل عام على ذات المنبر لإنهاء الاحتلال دون أن يستشعر المجتمعون في الأمم المتحدة جدية أبو مازن في تنفيذ أي من قراراته، لإدراكهم بأنه فعلا لا يملك من أمره شيئا لا تريده دولة الاحتلال .
أبو مازن رجل ضعيف ، هكذا رآه ولا زال يراه العالم ، فلو أن أحد المجتمعون في القاعة قرر مقاطعة خطاب الرئيس وإحراجه بسؤال عن المهلة الزمنية التي أطلقها عباس قبل عام، فبماذا سيجيب حينها !!
أبو مازن لن يتغير ، هو ذاته الرجل الذي يشبه أنظمه الحكم البالية بنظامها وطريقة حكمها البوليسية وبطانتها وسياساتها الداخلية المستقوية بعصا الأمن على الشعب والخانعة أمام لمانحين.
في مقاربة صغيرة مثلا، لم يتخذ تشي جيفارا أو ياسر عرفات أو هواري بومدين قرارات على منصة الأمم المتحدة،لكن خطاباتهم كانت قوية و فارقة لأنها عبرت عن أصحاب القضية حين كان من يقف على رأس القضية يشبه القضية ذاتها، فخطاب تشي جيفارا يشبه ثورته وخطاب عرفات يشبه معاركه بينما خطاب أو مازن لا يشبه إلا أبو مازن، الفاقد لإرادة الفعل والقرار .