ماذا خسرت فتح؟!
تاريخ النشر : 19 سبتمبر, 2022 07:54 صباحاً

من شواهد الحاضر الجلية والواضحة هي حالة الاستنزاف الكبير التي تتعرض لها حركة الشعب الفلسطيني الأولى - حركة فتح - على مستوى الكادر والقاعدة الشعبية على حد سواء، منذ أن بدأ أبو مازن مسلسل الإقصاء والطرد لكل صاحب رأي داخل الحركة وكل من يجرؤ على إعلاء صوته والدفاع عن مصلحتها وهيبتها وحضورها المسيج بتاريخ أبناءها وتضحيات أبطالها الذين صنعوا ثورة المستحيل في وجه أشد احتلال عنجهيةً وتجبراً على مدار التاريخ، لنرى خيرة أبناء فتح وكادرها المؤثر مبعدين خارج أطر الحركة يمارس عليهم الظلم والإقصاء أشكالاً وألواناً، ونرى ما صار من حالة ركود وتشرذم على مستوى الأطر القيادية العليا والقواعد التنظيمية والجماهيرية.

إن تعاليم حركة فتح التي ربتنا على أن نكون أحراراً نقف في وجه الظلم وننصر المظلوم تحتم علينا أن نكون عند واجباتنا تجاه هذه الحركة العظيمة والمعطاءة، وأن نعمل بجدٍ لنعيد لها ملامحها وهويتها الأصلية المتمثلة بأبنائها من الفتحاويون الأقحاح والكوادر الأكِفاء الذين حملوا إرثها وشكلوا جزءاً من تاريخها لا يمكن لأيٍ كان نفيه وحذفه من الذاكرة، وأن نوقف مسلسل الظلم والتجبر الذي طال أيضاً المزيد من الكفاءات الحركية صاحبة الثقل والحضور أمثال الأخ الدكتور ناصر القدوة، الفتحاوي الأصيل صاحب الجذور المتجذرة في فتح، وأحد أعمدة مدرسة الزعيم الراحل ياسر عرفات، وهو رجلٌ من المشهود لهم على المستوى السياسي والدبلوماسي، الذين حملوا لواء القضية الفلسطينية ودافعوا عنها بشراسة في المحافل الدولية، وصاغ خلال تواجده في الأمم المتحدة ممثلاً عن دولة فلسطين الكثير من العلاقات المتينة لفلسطين مع الدول المؤثرة في القرار العالمي، والتي ساهمت في العودة بإنجازات دبلوماسية، نتيجة تمتعه بالفطنة والذكاء السياسي المطلوب والانتماء الصادق للدفاع والإقناع بعدالة القضية الفلسطينية وكسب ود وتضامن دول العالم.

هذه الكفاءة الوطنية الكبيرة، والفتحاوية الأصيلة، الممثلة بالأخ الدكتور ناصر القدوة، لم تسلم هي أيضاً من مسلسل الفصل والإقصاء والطرد، نتيجة حرصه على القرار الفتحاوي ومقتضيات الحفاظ على ديمومة الحركة، ورفضه لمسلسل الإخضاع والتجبر الذي يمارسه أبو مازن بحق حركة فتح وأبناءها وخيرة كوادرها، مما دعاه لإعلاء صوته هو الآخر وإعلان رفضه لسياسة "السَّوق" التي يتعامل بها أبو مازن مع الحركة وكوادرها وقياداتها، وتهميش دورهم في صناعة القرار الفتحاوي، ليبرهن على شجاعته بإعلان التمرد غير آبهٍ بالمغارم.

على الكل الفتحاوي أن يدرك جيداً بأن سكين الإقصاء على رقبة الكل، ولن تستثني أحداً. وعلى الكل الفتحاوي أن يقف أمام مسؤولياته وواجباته الأخلاقية تجاه حركة فتح، والتي تفرض علينا جميعاً اللحاق بحركة فتح قبل الانهيار التام إذا ما استمر مسلسل استنزاف الكوادر المؤثرة والقامات الفتحاوية صاحبة الحضور والتاريخ والكفاءة، وأن نتحلى بشجاعة الفتح لإنقاذ فتح من مزيد من الترهل والضعف والانكسار، وأن نكون جميعاً أصحاب رأي قوي تفرضه مقتضيات المصلحة الفتحاوية العامة، لتعود الحركة لأصحابها، فحقٌ لفتح أن تعود لأبنائها، وحقٌ لفتح أن تكون لمن يشبهها ويحمل ملامحها.