فتح ميديا-وكالات
شدد العاهل المغربي في خطابه في ذكرى "ثورة الملك والشعب" ضد الاستعمار الفرنسي، على أن بلاده تنظر إلى العالم عبر "نظارة" الصحراء، "ممتنّاً لدول تدعم موقف بلاده، بينما طالب أخرى بـ "توضيح مواقفها" بشكل "لا يقبل التأويل".
في كلمة وجهها للشعب مساء السبت (20 آب/ أغسطس 2022)، بمناسبة مرور 69 عاماً على "ثورة الملك والشعب التي خاضها المغرب للاستقلال عن الحماية الفرنسية، ركز العاهل المغربي على قضية الصحراء الغربية، معتبراً أن هذا الملف هو "النظارة" التي تنظر بها بلاده إلى العالم، وأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء هو ما يحدد علاقاته مع باقي دول العالم.
وفي هذا السياق عبّر الملك محمد السادس عن امتنانه لعدد من الدول الأوربية والإفريقية والعربية، سواء تلك التي عبرت عن دعمها للمقترح المغربي في إطار الحكم الذاتي لحلّ النزاع ومنها إسبانيا وألمانيا وصربيا وهولندا والبرتغال والمجر وقبرص ورومانيا، أو تلك التي اعترفت بـ"مغربية" الصحراء، حيث "قامت ثلاثون دولة، بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية (الصحراء) تجسيدا لدعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية والصحراء"، وفقاً لما أفاد به العاهل المغربي في خطابه.
وذكر بالاسم خاصة الأردن والبحرين والإمارات وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون (كبرى محافظات الصحراء الغربية) ومدينة الداخلة. كما شكر في نفس الوقت "باقي الدول العربية التي أكدت باستمرار دعمها لمغربية الصحراء في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن".
الشكر ذاته وجهه أيضا لـ " 40 في المائة من الدول الأفريقية تنتمي لخمس دول جهوية فتحت قنصليات في العيون والداخلة"، وكذلك دول من أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
مطالبات بمواقف "واضحة"
في نفس الوقت طالب العاهل المغربي من الدول "شركاء المغرب التقليديين والجدد، والتي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل"، مشددا أن ملف الصحراء "هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات".
ولم يشر محمد السادس إلى أي دولة من شركاء المملكة لكنه أعرب عن الارتياح "لدعم العديد من الدول الوازنة (...) لمبادرة الحكم الذاتي"، خاصّاً بالذكر الولايات المتحدة التي اعترفت أواخر عام 2020 بسيادة المغرب على المنطقة المتنازع عليها، في إطار اتفاق ثلاثي نصّ أيضا على تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.
كما أشار إلى دول أوروبية أعلنت قبل بضعة أشهر عن "موقف بناء من مبادرة الحكم الذاتي"، مثل إسبانيا وألمانيا، ما فتح الباب لانفراج في علاقات الرباط بالبلدين بعد أزمتين دبلوماسيتين متفاوتتي الحدة.
ورغم أن اسمها لم يرد في الخطاب إلا أن العديد من المراقبين اعتبروا أن خطاب عاهل المغرب موجه بالأساس إلى فرنسا، الشريك التقليدي، وذلك بسبب ضبابية موقفها اتجاه النزاع. ويأتي الخطاب قبيل زيارة يتعزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام بها إلى الجزائر.
من أقدم نزاعات القارة الإفريقية
ويعتبر النزاع على إقليم الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، من أقدم النزاعات في إفريقيا.
وبدأ النزاع بعد استقلال الصحراء عن الاستعمار الإسباني في عام 1975 ليتم إنشاء جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام وحملها السلاح في وجه المغرب مطالبة بانفصال الإقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات، ويعتقد أن به مكامن نفطية. ولم تهدأ الحرب إلا بعد أن تدخلت الأمم المتحدة في عام 1991.
ويقترح المغرب، الذي يسيطر على نحو 80 بالمائة من المنطقة المتنازع عليها، منحها حكما ذاتيا تحت سيادته كحلٍّ وحيد للنزاع، بينما تطالب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجارة الجزائر، باستقلال المنطقة.
هذا وتحض الأمم المتحدة المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019 "بدون شروط مسبقة وبحسن نية" للتوصل إلى "حلٍّ سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين"، بهدف "تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".