مُغادرة المُناورة بالذهاب إلى الواقع
تاريخ النشر : 15 اغسطس, 2022 04:01 صباحاً

المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية كانت بين السيف والرقبة عندما تخلت منظمة التحرير الفلسطينية عن سلاحها مقابل الحُصُول على الاعتراف بها كممثل شرعي عن الشعب الفلسطيني في المفاوضات القادمة مع إسرائيل ما قبل الإعلان عن معاهدة أوسلو، تمهيدًا للاعتراف فيما بعد من قبل المنظمة بحق دولة الاحتلال الصهيوني في العيش بسلام وأمن في فلسطين المُحتلة، مقابل التوقيع على اتفاقية سلام الشجعان الذي كان بين إسحاق رابين وياسر عرفات في البيت الأبيض الأمريكي عام 1993م، وهو عبارة عن اتفاق سياسي مرحلي يبدأ من غزة-أريحا، وصولاً إلى تنفيذ مراحل انتقالية أخرى قد أوصلت الفلسطينيين إلى توسيع سلطة الحكم الذاتي في مدن وقرى الضفة الغربية.

ومع تطور الأحداث نكتشف أن حل الدولتين قد مات رغم ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تكرار الحديث عن التزامها بهذا الحل من دون أن تعمل على إعادة إحياء المسار التفاوضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وهذه المواقف بكل تأكيد ستمنح الاحتلال متسعًا من الوقت لتهويد مدينة القدس، ولبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية للالتحاق بها ديموغرافيًا بعد استبعاد قطاع غزة من معادلة الصراع الديموغرافي الذي سيكون الأكثر تعقيدًا أمام مراحل تطور الحل غير الواقعي بين الفلسطينيين والكيان العنصري في إسرائيل الذي لا يزال يمارس كل أشكال الاغتصاب الاستعماري في فلسطين.

والحقيقة المرّة اليوم مُرتبطة بالوقائع على الأرض التي لا تسهم فقط في دفن حل الدولتين، بل في الإبقاء على الوضع الراهن في السلطة الفلسطينية، وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، وهذا سيجعل من واقع الحال إلى أن يكون في انتظار أن يفعل الواقع الديموغرافي فعله في الصراع، وهنا لم ولن يستطيع العالم أن يواصل إلى الأبد حرمان الشعب الفلسطيني من إقامة دولته في الأراضي الفلسطينية المُحتلة.

وعليه لا بد من تحقيق ما هو مطلوب من حركتي فتح وحماس، ومن الفصائل الفلسطينية اليوم، هو إنجاز التوافق على برنامج يتقاطع فيه الجميع حول أهداف المشروع الوطني التحرري الفلسطيني في هذه المرحلة، وفي ظل واقع سيفرض على إسرائيل أولاً، وعلى واشنطن والمجتمع الدولي والعربي القبول بالتعامل مع مقترحات جديدة ستغير من مُستقبل الوضع القائم الحالي في فلسطين من بحرها إلى نهرها، وعندها سيعلم الكل الفلسطيني بأننا بحاجة إلى مُقاومة فلسطينية ممتدة أوتادها في باطن الأرض لضمان ثباتها واستقرارها في إدارة الصراع من جهة، ومن جهة أخرى أمام مُواجهة مشروع العزل والفصل بين المناطق السكانية الرامي إلى واقع كأنه سيكون هو مُستقبل الشعب الفلسطيني، وأيضًا نحن بحاجة إلى إنجاز مشاريع وخطط تساهم في حماية الوجود والبقاء الفلسطيني من عبر دعم فرص البناء والإعمار والتشغيل، ومن عبر الاهتمام الوطني بمشاريع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الداعمة لمسيرة ديمُومة الكفاح والصمود الفلسطيني في كل المراحل والظروف.