كتب: أبو رفيق جعرور أمين سر محافظة غزة
ندرك تماماً في قرارة أنفسنا مقدار الظلم والتهميش والحقد الواقع على غزة وكل ما يتصل بها من قبل قيادة المقاطعة في رام الله، التي ما فتأت تزيد من بطشها وسلوكها العنجهي المتحلل من كل أشكال المسؤولية والالتزام تجاه المحافظات الجنوبية، وتستمر في سعيها لفصل ونفي وتهميش غزة وكادرها وموظفيها وقرصنة حقوقها المشروعة، بدافع الحقد والكره والشعور بالنقص أمام ما قدمته غزة وكادرها من تضحيات عظيمة للحفاظ على كينونة فتح والسلطة، وهي التي دفعت وحدها فاتورة الإنقسام الفلسطيني البغيض على مدار عقد ونصف من الزمن.
كما نعي ونؤمن تماماً أن السبب المباشر والرئيس في استمرار أزمة المحافظات الجنوبية بكادرها وموظفيها هو الرئيس محمود عباس بصفته وحده مالك القرار ووحده القادر على الشروع بإعادة حقوقنا المسلوبة لأصحابها المستحقين وضمان وصولها، ولذلك فإن أي خطاب لا يحمل الرئيس أبو مازن المسؤولية المباشرة عما يعانيه كادر المحافظات الجنوبية وموظفيها من قرصنة على الحقوق، لن يتعدى كونه خطاباً التفافياً فاقداً للشجاعة والمنطقية على حدٍ سواء. ولو كان الرئيس معنياً بحق لتطبيق بعض القرارات الأولية التي اتُخذت في وقتٍ سابقٍ لحل جزء من أزمات غزة، فلن يجرؤ مُعطِلٌ على إعاقة التطبيق -لا حكومة ولا مركزية ولا غيرهم- لأن لا مالك لقرار بجانب أبو مازن ولا أحد من الحاشية الموجودة يمتلك جرأة الاعتراض حتى.
إن تكرار استخدام مصطلح الالتزام بالشرعية الفلسطينية وحصره على شخص الرئيس محمود عباس لا يتعدى كونه ابتذالاً لغوياً غير منطقي البتة، لأن الالتزام بالشرعية يكون التزاماً بشرعية الكيان وليس الأشخاص، فالكيانات ثابتة والاشخاص متغيرون، لذلك كلنا ملتزمون بكيان حركة فتح وبشرعية منظمة التحرير ومؤسساتها وما موقفنا إلا السعي لإصلاح ما أفسده العابثون بهما والعمل على استنهاضهما للعودة إلى مربع الفعل والتأثير والاستمرار في النضال لانتزاع حقوقنا الوطنية المشروعة من براثن الاحتلال، وما مطالبتنا الدائمة بضرورة وحدة حركة فتح وإجراء الانتخابات العامة تشريعية ورئاسية ومجلس وطني إلا لهدف تجديد الشرعيات واستعادة ثقة الشعب بقيادته التي سيفرزها الصندوق تعبيراً رسمياً عن إرادة جماهير شعبنا في اختيار من يمثلها.
إن الالتزام بالشرعية الفلسطينية لا يمكن قياسه ضمن معايير التسحيج دون وعي ودون انقطاع ودون وجه حق، ولا يعني بالمطلق الالتفاف حول أشخاص فقدوا أهليتهم وقدرتهم على قيادة الشعب الفلسطيني وتلبية آمالنا وطموحاتنا بنيل العيش الكريم وإقامة دولتنا المستقلة على أرضنا المحررة، بل إن الالتزام بالشرعية الفلسطينية يكون بالعمل على حماية مؤسسات الدولة من التجيير والتحويل لتخدم مصالح زمرة ضيقة من الفاسدين وذويهم، وتشكيل رافعة متينة لحركة فتح تعمل على لم شملها واستعادة وحدتها وتحكيم النظام الأساسي فيصلاً ودستوراً، وكلنا نتفق أن ما نعانيه الآن من ويلات هو نتيجة لسياسات خاطئة وإدارة فاسدة يمثلها الرئيس محمود عباس بالمقام الأول، ولذلك يتحمل هو بالأساس المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأمور على الصعيد الوطني والتنظيمي.
إن انتزاع الحقوق يتطلب وضوحاً في تحميل المسؤول مسؤوليته دون التفاف ووضع الأمور في نصابها الصحيح، كما يحتاج لشجاعة كاملة تظهر دفعةً واحدة وليس على أجزاء قابلة للاحتواء والترويض، ولا يمكن بالمطلق أن يكون الاستجداء اسلوباً قادراً على اعادة جزء من الحقوق، وكلنا نذكر كيف كان شكل تعامل القيادة عندما خرج الأخ عماد خرواط أمين سر حركة فتح في مدينة الخليل قبل شهر بموقف حازم وشجاع، وكيف انهالت عليه وفود الترضية والتلبية لمطالبه في الوقت والحين ودون انتظار، مؤكداً على الحقيقة التي تقول أن الحقوق تنتزع ولا تستجدى.
وفي الختام، أؤكد على ضرورة الفصل بين مؤسسات السلطة الوطنية من حكومة ومؤسسة رئاسة وأجهزة أمنية، وبين العمل التنظيمي الخاص بحركة فتح لأنهما بالأساس كيانان مختلفان لكل منهما محدداته وشكل مختلف، فلا يحق للتنظيم مطالبة حكومة، ولا يحق للحكومة التدخل في عمل تنظيم، ولربما تكمن مشكلتنا هنا في غوغائية الربط بين السلطة الوطنية المنبثقة عن منظمة التحرير وبين حركة فتح هو تشابه رؤوس السلطة التنظيمية في الحركة ورموز السلطة الوطنية، ولكن هذا بالمطلق لا يمنح الحق في خلط الصلاحيات والتعامل مع "مرحبا" على أنها "طز".
والسلام
الحقوق تنتزع ولا تستجدى،،رسالة إلى موظفي السلطة الوطنية وكادر حركة فتح في المحافظات الجنوبية
تاريخ النشر : 18 اكتوبر, 2021 06:00 صباحاً