الاحتلال يسعي لتهويد مدينة الخليل بإطلاق اسماء عبرية على أحيائها
تاريخ النشر : 21 فبراير, 2021 06:31 صباحاً

فتح ميديا_الخليل

لم تكتف الصهيونية، حركة وكياناً، باغتصاب الأرض الفلسطينية وبتهجير غالبية الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه، وإنما عمدت إلى محاولات طمس كل أثر يدل على الهوية العربية للبلاد وعلى ارتباط شعب فلسطين بها. ومنذ تأسيس الدولة - الكيان، قامت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بحملة محمومة لتهويد أسماء المعالم الجغرافية الفلسطينية بطريقة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، بالمعايير الكمية والنوعية.

الخليل في العرف الاستيطاني هي المدينة الثانية من حيث الأهمية بعد القدس، بل هي أكثر أهمية عند بعضهم، ولهذا فقد كانت أولى بؤر المستوطنات العنصرية عقب الاحتلال، في العام 1967، في مدينة الخليل.

لم يمضِ إلا عام واحد على احتلال إسرائيل مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حتى أقامت مستوطنة "كريات أربع"، في دلالة على إيلاء المستوطنين اليهود أهمية دينية للمدينة التي تعد أكثر المدن الفلسطينية سكاناً. ومن تلك المستوطنة التي يسكن فيها أكثر من سبعة آلاف مستوطن، امتدت أطماعهم لتصل إلى قلب الخليل القديمة، إحدى أقدم المدن في فلسطين التي تضم المسجد الإبراهيمي.

وتمكن المستوطنون من إقامة ست بؤر استيطانية في قلب الخليل؛ يقيم فيها المئات منهم بين عشرات الآلاف من الفلسطينيين بحراسة الجنود الإسرائيليين، ومنذ ذلك الحين يحاول المستوطنون بدعم من الحكومة الإسرائيلية تكريس وجودهم في الخليل والعمل على تهويدها، وإيجاد روابط تاريخية بها.

محاولة لطمس الهوية الفلسطينية:

ومن وسائل ذلك إطلاق أسماء يهودية على بعض أحياء البلدة القديمة كـ"الحارات اليهودية"، بدلاً من حارة جابر الفلسطينية، وتغيير اسم شارع الشهداء إلى شارع ديفيد، بالإضافة إلى إطلاق اسم "معابر" على عشرات الحواجز العسكرية، الأمر الذي واجهه الفلسطينيون بالرفض باعتبار الخطوة محاولة "لفرض الأمر الواقع، وتزوير التاريخ، وإيجاد روابط تاريخية بين اليهود ومدينة الخليل"، بحسب مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، الذي أضاف أن "اليهود كانت لديهم من البنية التحتية والقوة المادية لإقامة دولة، لكنهم يفتقدون إلى ما يربطهم بفلسطين، وهو ما يحاولون إيجاده".

 وقال حمدان إن إسرائيل تعمل "بنفس طويل، وبخطوات مدروسة بطيئة، لكنها مترابطة لتكريس الأمر الواقع لتهويد البلدة القديمة للخليل وطرد الفلسطينيين منها"، مشيراً إلى أن تلك المحاولات تواجه بالرفض والصمود.

وتعهد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة بمقاومة تغيير أسماء الأحياء والشوارع في المدينة، مشيراً إلى أن دراسة التوجه إلى القضاء الإسرائيلي لإفشال ذلك.

وقال مسؤول إسرائيلي، إن المستوطنين "وضعوا لافتة باسم الحارات اليهودية في ظل عدم وجود أي إشارة من قبل"، مضيفاً أن "تل أبيب لا تعتزم تغيير الوضع الحالي التاريخي في المدينة".

ومن ضمن المحاولات الإسرائيلية كان سعي المستوطنين بدعم من الجيش الإسرائيلي لإقامة مجلس بلدي لهم في الخليل يتولى إدارة شؤونهم، لكن تلك الخطوة تم تجميدها بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية قبل سنتين.

وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قد شكل لجنة إعمار الخليل عام 1996 للعمل على تعزيز صمود الفلسطينيين في البلدة القديمة للخليل من خلال ترميم منازلهم العتيقة، وإحياء الأسواق التجارية فيها.

وبحسب حمدان، فإن عمل اللجنة أسهم في عودة أكثر من تسعة آلاف فلسطيني للإقامة في البلدة القديمة بعد ترميم معظم المنازل فيها، لكن 43 في المئة من المنازل بالبلدة القديمة من الخليل، ما زالت فارغة و77 في المئة من المحال التجارية مغلقة؛ إما بقرار عسكري إسرائيلي، وإما بسبب إفراغ البلدة القديمة من الفلسطينيين بفعل المضايقات اليومية.

البلدة القديمة ثكنة عسكرية:

ومنذ مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 حولت إسرائيل البلدة القديمة للخليل إلى ثكنة عسكرية شبه مغلقة بأكثر من 22 حاجزاً عسكرياً، و105 عوائق حركة، كما سببت إجراءاتها بإغلاق القلب التجاري للمدينة الذي يشمل السوق المركزية للخضار وسوق الذهب بعد منع المركبات من دخولها، وتقييد حركة الفلسطينيين بها.

وقسمت إسرائيل البلدة القديمة في الخليل إلى أربع مناطق؛ الأولى يستطيع الفلسطينيون التحرك فيها عبر الحواجز، والثانية يستطيعون الحركة فيها، لكن دون مركبات، والثالثة لا يستطيع الوصول إليها إلا ساكنوها، والأخيرة يمنع على الفلسطينيين الوصول إليها بالكامل "كشارع الشهداء"، وسوق الخضار المركزي والسهلة، كما قسمت الخليل بحسب اتفاق الخليل عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، إلى جزءين؛ أعطيت إسرائيل بموجبه سيطرة كاملة على البلدة القديمة من الخليل وأطرافها.

ويعتبر موشي ليفنغر، مؤسس حركة الاستيطان في الخليل؛ ودرس على أيدي الحاخام تسيفي يهودا كوك، الأب الروحي للقومية الدينية في إسرائيل.

من جانبه، يرى المتخصص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، أن تغيير أسماء الأحياء في الخليل يأتي ضمن "مخطط طويل لتهويد المدينة، وضرب كل الوجود الفلسطيني العربي فيها".

وأشار شديد إلى أن الخليل تشكل بالنسبة لليهود ثاني أقدس مدينة بعد القدس، وقبل صفد وطبريا، باعتبارها بلد "الآباء والأجداد"، مضيفاً أن التيار الديني الاسيتطاني لليهود، والعلمانيين، يدعمان الاستيطان في المدينة.