النابلسي ليس بطلاً وحسب

11 اغسطس, 2022 09:31 مساءً
بقلم حنفي أبو سعدة

إبراهيم... الشاب الفدائي والمقاتل ابن كتائب شهداء الأقصى بنابلس ذو التسعة عشر عاما كما يردد البعض والملقب بالنابلسي ليس بطلا ولا قائدا، لم يخض او يخطط لمعارك، هو فقط شاب صغير نشأ في ازقة مخيم تجتاحه ارتال الموت ويزرع جنود الارهاب الاسرائيلي الموت في أزقته . 
مخيم صغير وبيوت تلتصق ببعضها خشية البرد والقصف، وام في الثلث الاخير من الليل تبكي زوجها وتغني لطفلها فيسمع كل المخيم أدعية الرحيل والوداع وصغار تغفو عيونهم فجرا على جنود ورصاص ومدرعات من حديد يئن الرصيف تحت جنازيرها و أصوات بائع الكعك ينادي ... حي على الحياة. 
هناك نشأ ابراهيم،  وكبر وصار مقاتلا منتميا لحركة فتح ، وبشكل أو بآخر صار بطلا وأيقونة يكتب له الشعراء ويتغنى به المناضلون، لأنه بإختصار -وقد لا يعجب هذا القول بعضنا - صار شهيدا شاهدا على عجز فتح وعظمتها، غيابها وحضورها،  قوتها وضعفها . 
أن يكون شابا ابن مطلع العشرينات قائدا ومطلوبا ومطاردا فهذا دليل واضح على حضور الروح النضالية والمقاتلة والعنيدة لدى أبناء فتح وفي نفس الوقت شاهدا على غياب النموذج و المؤسسة العسكرية بفعل الاغتيال والاعتقال المتلاحق والمطاردة المستمرة لرجال فتح ، كما أن وجود العواجيز في هرم القيادة (مركزية فتح ) خلق هذه الفجوة الكبيرة بين أجيال فتح في الضفة تحديدا، بالإضافة الفجوة الكبيرة بين النهجين ،نهج قيادة عاجزة تؤمن فقط بالتنسيق والحل السياسي القائم على الدونية والضعف، وبين جيل فتحاوي شاب قوي يؤمن فقط بحق المخيم في الحياة. 
هذا الجيل الذي يشكل تهديدا على منظومة العواجيز اكثر مما يشكله ربما على الاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكرية.
إذن،  يجوز لنا كفلسطينين شرعا وعرفا أن لا نرى في النابلسي بطلا فتلك حقيقة، لكنه عنقاء ووالدته عنقاء بكل ما تحمله معاني النهوض من ركام الهزيمة إلى نيران المواجهة،  ومن دموع الحزن والغضب التي سادت الشارع الفلسطيني عقب اغتيال النابلسي إلى أسمى معاني الفخر والكبرياء والإعجاب بعد أن رأى العالم ام إبراهيم في مشهد مهيب عجزت فيه كل لغات الأرض عن وصف كبرياء وفخر واعتزاز الفلسطينية بطفلها الذي كبر وحافظ على نهج فتحاوي وطني مقاتل حتى الرمق الاخير ممثلا لكل مقولات زعيم فتح وقائدها ياسر عرفات بأننا نطعم لحومنا لجنازير الدبابات ولا نستسلم، وبأن رياح الجنة هبت وأن شبلا من أشبالنا و زهرة من زهراتنا سيرفعون علم فلسطين فوق أسوار القدس وكنائسها،  يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنا لصادقون.  
النابلسي سقط ولم تسقط نابلس ولا المخيم ولا جنين ومخيماتها وأزقتها وحكايات رجالها وشبابها وبعد غد سيصبح طفلا من أطفال المخيم نموذجا فتحاويا جديدا يبرهن ان الراية لن تسقط. 
ذلك ليس مجرد كلمات من باب الرثاء أو شحذ الهمم،  بل هي رواية للتاريخ الذي تفيد كل شواهده أن قوة الحق تنتصر دوما على حق القوة، ولذا فعلى الاحتلال دوما أن يتحسس رأسه وعلى عواجيز القرار أن يخشوا على نهجهم. 
 

كلمات دلالية

اقرأ المزيد