توابع مسيرة الأعلام: ترقب وقلق ينتاب سكان قطاع غزة.. هل نحن مقبلون على تصعيد ؟؟

30 مايو, 2022 09:14 صباحاً

متابعة خاصة - فتح ميديا

ينتاب سكان قطاع غزة حالة من القلق والترقب تحسبا من عودة التوتر العسكري بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل،على خلفية تنظيم مسيرة الأعلام للمستوطنين يوم أمس (الأحد) في مدينة القدس.

وساد التوتر، بعد أن اقتحم آلاف المستوطنين باحات المسجد الأقصى في “مسيرة الأعلام” والتي نظمت أمس الأحد.

وتنظم المسيرة سنويا في ذكرى احتلال إسرائيل للشطر الشرقي من المدينة، والذي لم يحظ باعتراف المجتمع الدولي حتى الآن، وتعتبره عدة مبادرات عربية ودولية عاصمة لدولة فلسطين المنتظرة، حال التوصل إلى تسوية سياسية للصراع.

ويؤدي حرص كل جانب على تأكيد سيادته على الشطر الشرقي من القدس إلى تصاعد الاشتباكات؛ حيث تنتهز إسرائيل -حكومة وشعبا وقوى متطرفة ومستوطنين- الفرصة لإظهار أنها صاحبة السيادة واليد الطولى، وتسعى قوى فلسطينية إلى تعزيز تشبثها بعدم التفريط في المدينة التاريخية أو التهاون وتركها ساحة خالصة للإسرائيليين.

وأفرزت الأحداث الساخنة في القدس واقعا جديدا يضع المتطرفين في إسرائيل في الواجهة منذ أن نصب المستوطنون أنفسهم كحراس على الجزء الشرقي من المدينة.

ويسعى الإسرائيليون من خلال هذا التصعيد للتأكيد على أن رحيل حكومة بنيامين نتنياهو لا يعني رحيل التشدد.

ونصّبت حركة حماس نفسها مدافعا عن القدس وبدأت أصوات قادتها تتعالى من حين إلى آخر مطالبة بالاستثمار في ما تمثله المدينة من مكانة في وجدان العرب والمسلمين وإثبات حضورها، ما جعل السلطة الفلسطينية تدخل بورصة المزايدات كي لا تبدو منبوذة.

القيادي الفتحاوي والمختص بالشأن الإسرائيلي الدكتور سفيان أبو زايدة ، كشف عن جهود وساطة مكثفة نجحت في احتواء الوضع وعدم انزلاقه إلى مربع المواجهة حيث كانت الكثير من الأنظار متجهة نحو السماء في انتظار الصواريخ التي يتلوها سماع صافرات الإنذار، وأصوات الانفجارات، الطرفان الرئيسيان في هده المعادلة، فصائل المقاومة في غزة وإسرائيل، كلاهما تعامل مع الأمر بمنتهى الجدية مع اعلان حالة الاستنفار القصوى بكل ما يعني ذلك من استعدادات لحدوث مواجهة محتمله رغم حرص الاطراف علي عدم الذهاب الى هذا المربع سوي مكرهين.

وتابع أبو زايدة يقول :" لقد تم تجاوز حقل الألغام مؤقتا دون انفجار شامل للوضع رغم استفزازات اليمين المتطرف في إسرائيل، سيما ما حدث من صدامات خلال اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، وكذلك الاصرار على مرور المسيرة من باب العامود، والحي الإسلامي وصولاً إلى حائط البراق بدلاً من دخولها من باب الخليل القريب من حائط البراق كمان كان يحدث في السنوات الماضية".

وختم أز زايدة :" من أجل حسم الصراع على القدس ولكي نحقق اهدافنا الوطنية نحن بحاجة الى وحدة موقف و ووحدة حال و وحدة نظام سياسي، نحن باختصار بحاجة إلى خارطة طريق جديدة تراكم على ما تم تحقيقه من انجازات وتتخلص من كل السلبيات والمعوقات التي تثقل علينا المسير".

ويقول مراقبون إن الطرف العربي -أي السلطة وحماس والأردن- يريد اتفاقات أمنية لكنه لاحظ أن التطبيع مع دول أخرى صار أهم لدى الإسرائيليين، لهذا فإن المواجهة تجهض أي تطبيع.

القيادي الفتحاوي توفيق أبو خوصة أوضح أن أرض المعركة الحقيقية و الصراع الوجودي هناك في القدس و الداخل الفلسطيني و الضفة الثائرة، مؤكداً أن غزة جزء من المعادلة و لكن الجزء لا يسد عن الكل، ما يمتلكه الفلسطيني من ثبات في صراع الإرادات و القدرة على كي الوعي لدى الآخر أكبر بكثير من كل المحاولات البائسة لإخراجه من جلده وشطبه من التاريخ و الجغرافيا و عمقه الحضاري.

ووقعت مواجهات بين فلسطينيين وإسرائيليين أمس الأحد في نقاط مختلفة بالمدينة ومحيط المسجد الأقصى عند مرور مستوطنين يحملون أعلاما إسرائيلية ويغنون ويهتفون.

وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مستوطنين وهم يرقصون ويؤدون صلوات تلمودية تمددوا خلالها على الأرض في باحات الأقصى.

في المقابل علّق فلسطينيون أعلاما وطنية على منازلهم في القدس الشرقية، في إشارة توحي بتمسكهم بهويتهم ورفضهم ممارسات متطرفين يحتمون بالجيش الإسرائيلي.

واحتشد المئات من الفلسطينيين مبكرا داخل المسجد الأقصى وأدوا صلاة الفجر بداخله في ظل شكاوى من تقييد الشرطة الإسرائيلية عملية دخولهم باحات المسجد.

وزار النائب الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير باحة المسجد الأقصى، وشوهدت مجموعة كبيرة تضم يهودا يقومون بتصرفات معادية للفلسطينيين.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أن “مجموعة فلسطينية صغيرة من مثيري الشغب تحصّنت داخل المسجد القِبلي وألقت حجارة كبيرة في اتجاه عناصر الشرطة”.

ويُسمح لليهود بدخول باحة الأقصى وهم ممنوعون من أداء الصلاة فيها، لكن أعداد الذين يؤدون الصلاة خلسة أصبحت في تزايد، ما يثير توترات في الأقصى تؤدي إلى تنديد فلسطينيين خوفا من وجود نية للتمادي في تنفيذ سيناريو تهويد القدس، وهي المدينة المعروفة في أدبيات المسلمين بأنها “أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.

ويطلق اليهود على المكان اسم "جبل الهيكل"، وهو أقدس موقع في الديانة اليهودية، ودرجت المسيرة على المرور من باب العامود والبلدة القديمة وتنتهي بحائط البراق الذي يسميه اليهود "حاائط المبكى" ويلاصق المسجد الأقصى.

وألغيت مسيرة العام الماضي بعد إطلاق فصائل فلسطينية في غزة قذائف صاروخية على مواقع إسرائيلية أعقبها قيام قوات الاحتلال بشن هجوم عسكري كثيف على القطاع استمر أحد عشر يوما وأدى إلى سقوط المئات من الضحايا الفلسطينيين، وتدمير مئات المنازل والبنى التحتية في غزة.

ويخشى مراقبون أن يفضي التصعيد الجديد إلى اتساع نطاق الاشتباك والخروج عن الإطار الذي كبح وصول هذا الاشتباك إلى حرب بين إسرائيل والمقاومة، بعد مناوشات متقطعة خلال الفترة الماضية جرى لجمها.

ويقول المراقبون إن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تجنبا العودة إلى سياسة الأرض المحروقة مؤخرا، لكنْ تواصل الخوف من أن تؤدي الاشتباكات إلى انفلات تصعب السيطرة عليه، في ظل موقف سياسي صعب تواجهه حكومةش نفتالي بينيت بعد تضاؤل الكتلة التي تمثل لها شبكة أمان في الكنيست وفقدان النصاب القانوني لاستمرار الحكومة، وبالتزامن مع المأزق الذي تعيشه حماس عقب زيادة حدة الأزمات في غزة.

وعادة ما يقوم المتشددون الإسرائيليون بإحياء ذكراهم في القدس، غير أن تصرفاتهم المستفزة في باحة المسجد الأقصى تثير حفيظة فلسطينيين، ما يجبرهم على إظهار التمسك بهويتهم الوطنية، ويصل الأمر إلى اشتباكات متبادلة.

وحذرت فصائل فلسطينية من حدوث اقتحام جديد للمسجد الأقصى على ضوء التصعيد الراهن. وأعلنت ما وصفته بـ”الاستنفار العام”، في محاولة لردع المستوطنين وإجبارهم على عدم تكرار ما يقومون به من أعمال عنف وحث الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ موقف أشد صرامة.

وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم الإثنين إن مسيرة الأعلام "استفزاز حقيقي وكبير لشعبنا وعبث بصواعق تفجير سبق أن تسببت في إشعال معركة سيف القدس"، في إشارة إلى حرب غزة التي اندلعت في العام الماضي واستمرت أحد عشر يوما.

اقرأ المزيد